تعديل العقود المجحفة يوفر للدولة أكثر من 900 مليون دولار «المال السايب بيعلم السرقة».. هذا أقل ما توصف به عملية السطو المنظمة والفساد الممنهجة والنهب المتواصل للمال العام في شركات البترول، رغم حدوث بعض التغييرات في الوزارة، ولكن يبدو أن الفساد يضرب بجذوره في أعماق القطاع، وبعد أن اقتحمنا في العدد الماضى مفاتيح أسرار علاقات وملفات الكبار في شركتي القاهرة لتكرير البترول والمصرية للتكرير وكشف تجاوزاتهم في المال العام، والسير بخطى متسارعة نحو خصخصة شركات القطاع على قدم وساق، نكشف في هذه الحلقة (الخامسة) من حملتنا على مافيا الفساد بالبترول عن أبرز البنود والعقود الكارثية الواردة في اتفاقيات البترول والمستندات والشهادات والوثائق والإقرارات الموقعة بين مجموعة شركات الهيئة المصرية العامة للبترول وبين الشركة المصرية للتكرير، إحدى شركات مجموعة القلعة القابضة، وأخطرها عقد الاتفاق المباشر الذى يضرب بجميع العقود الأولية عرض الحائط، ويفرض على شركات القطاع أعباء ضخمة لصالح المستثمرين. وقد توصلت «الوادي» إلى أن تعديل بعض هذه البنود المجحفة في عقود الانتفاع الموقعة بين الشركتين يوفر على الدولة والقطاع أكثر من 900 مليون دولار كل عام، وتقوم الشركة المصرية للتكرير ببيع إنتاج المعمل إلى الهيئة المصرية العامة للبترول بموجب اتفاقية شراء بالأسعار العالمية لمدة 25 عاماً، وفي الوقت الذي يحق لشركة أنابيب البترول تعديل أجور نقل الخام أو المنتج كل عام بالزيادة، فإنه لا يحق لشركة القاهرة لتكرير البترول مراجعة أجور التكرير إلا بعد 3 سنوات بالزيادة أو النقصان على حد سواء. عند بداية الحديث عن التأثير الفنى للشركة المصرية للتكرير على شركة القاهرة لتكرير البترول.. يجب أولاً معرفة تأثير ودور شركة القاهرة على طاقة التكرير فى مصر، حيث إن طاقة تكرير شركة القاهرة تصل إلى 5.8 مليون طن كل عام، ولكنها لاتعمل بكامل طاقتها، بل تعمل طبقًا للخطة الموضوعة لها من الهيئة المصرية العامة للبترول بكميات الخام التي تقوم بتكريرها، ورغم ذلك تمثل شركة القاهرة 25,6% من طاقة التكرير فى مصر سنويًا بعد أن قامت الشركة بتكرير مليون طن خام فقط. تعديلات وخسائر ولكي ينجح مشروع المصرية للتكرير يجب استخدام خام ذي جودة منخفضة وبنسب عالية من المازوت والكبريت، ولكن المشكلة الكبرى هي أن شركة القاهرة لتكرير البترول هي التي سوف تقوم بتكرير هذا الخام السيئ لأن أجهزة التقطير الخاصة بالشركة مصممة على نوعية ومواصفات خام معينة غير الخام التي سوف تورده الشركة المصرية للتكرير، مما يستلزم إجراء الكثير من التعديلات المكلفة للغاية لشركة القاهرة لتكرير البترول والتي تتراوح تكلفتها من 200 إلى 300 مليون جنيه، بدون أى مقابل من الشركة المصرية حتى لو بالمشاركة فى التكلفة. أما عند التشغيل فحدث ولا حرج لأن الخام الذي سيتم تكريره نسب المازوت فيه من 70% إلى 75% ونسبة الكبريت من 2,5% إلى 3% كبريت، مما يؤدى إلى تلف الأجهزة والمعدات، واستخدام كميات هائلة من الكيماويات المستخدمة فى عمليات التكرير لتقليل تأثير الكبريت الموجود بالخام والمستخدم في إزالة الشوائب والأملاح الموجودة بالخام، وكأن الشركة المصرية تريد إستخدام القاهرة لتكرير البترول كمصفاة للخام السيئ. خصخصة مقنعة وعند الصيانة فإن تكلفة صيانة المبدلات والأبراج والأفران سوف تزيد من التكلفة الكلية للصيانة الدورية والصيانة الجسيمة، وتؤدي إلى تقليل العمر الافتراضي للأجهزة المستخدمة في التقطير، وكل ذلك لا يغطيه ثمن تكلفة طن التكرير الذي سوف تدفعه المصرية للتكرير (21 دولار/ طن).. وهي طريقة للخصخصة المقنعة لأنه عند حدوث ارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة مع تقليل العمر الافتراضى للأجهزة وزيادة مدة الإيقاف للصيانة، ينتج عنه عدم الوفاء بتكرير الكمية المتعاقد عليها مع الشركة المصرية (3 ملايين طن /عام)، مما يرجع على شركة القاهرة بالشرط الجزائي وحتى تستوفي شركة القاهرة النسبة المطلوبة تقريبا (6 طن/ يوم) مع وجود مشاكل فى الأجهزة سوف يتم الأخذ من نسبة القاهرة للتكرير وبالتالي تقل نسبة المنتجات وطاقة التكرير المقررة لها من الهيئة وبالتالي تقل أرباحها ونسبة منتجاتها في السوق المحلي، وحينئذ تتدخل الشركة غير المصرية وتستولي عليها، ونفقد مصدرًا من مصادر الأمن القومى لصالح بعض الأشخاص، فهل هذا هو المطلوب وإذا كان هذا المشروع مربحًا ومفيدًا للوطن، فلماذا لايكون مشروعًا قوميًا تقوم به شركات قطاع البترول عبر الاكتتاب العام، بدلًا من أن تقوم الحكومة المصرية بضمان الشركة المصرية لدى البنوك المقرضة؟ مخالفات صارخة وعلى صعيد آخر فقد توصلنا إلى الاتفاقيات والعقود المبرمة بين شركات الهيئة المصرية العامة والقاهرة لتكرير البترول مع الشركة المصرية للتكرير، والتي تحمل بين بنودها الامتيازات الخاصة للشركة المصرية للتكرير، إحدى شركات مجموعة القلعة القابضة للاستثمارات المالية، خاصة أن تعديل عدد من البنود الخاصة بعقد الانتفاع السابق بين الشركة المصرية للتكرير ومجموعة شركات الهيئة يحقق عائدات كبيرة على القطاع والدولة، لاسيما بعد إعادة تسعير مقابل الانتفاع لمتر الأرض، بما يحقق نحو مليون دولارعائدًا سنويًا لشركات القطاع. والبداية مع عقد التصنيع (Processing Agreement) والذي من خلاله تقوم الشركة المصرية للتكرير بتوفير وضخ نحو (2 مليون طن خام/سنوياً) عن طريق شركة أنابيب البترول، وسوف تقوم شركة القاهرة لتكرير البترول بتكرير هذا الخام مقابل أجر تكرير يبلغ (3 دولار/ برميل) أي في حدود (21 دولار/ الطن) ويمكن أن تزداد هذه الكمية إلى (3 ملايين طن/ سنويًا) وفى حالة عجزها عن توفير تلك الكمية، تتعهد الشركة المصرية للتكرير بدفع مبلغ (16 مليون دولار)، أي حوالي (112 مليون جنيه مصري/ سنويًا) كحد أدنى إلى شركة القاهرة لتكرير البترول على أن يتم مراجعة أجر التكرير كل ثلاث سنوات. عقد المرافق وهناك عقد المرافق (Utilities Supply Agreement) وبموجب هذا العقد تم الإتفاق على أن تقوم شركة القاهرة لتكرير البترول بالسماح للشركة المصرية للتكرير (ERC)، باستخدام كمية من المياة تتراوح بين (500 متر مكعب إلى 750 متر مكعب/ ساعة) لتستخدمها الأخيرة في المشروع الجديد، على أن تدفع الشركة مقابل استهلاك تلك المياة مبلغًا وقدره (250 ألف جنيه/ سنويًا) علاوة على إضافة ما قيمته (50%) من رسوم تجديد تراخيص مواسير مآخذ المياة الخاصة بالشركة. طلمبات المياه كما تتحمل شركة القاهرة لتكرير البترول تكلفة طلمبات المياة الجديدة الخاصة بها، وأي تعديلات أخرى يتطلبها في مآخذ المياة على حسابها الخاص، وهذا ما يؤكده الخطاب المرسل من وزير الموارد المائية والري الأسبق ورئيس مصلحة الري الدكتور حسين العطفي، الذي يوافق من خلاله على الطلب المقدم من إدارة شركة القاهرة لتكرير البترول بشان الموافقة على زيادة الكمية المرخص بها للشركة من 500 متر مكعب/ ساعة إلى 750 متر مكعب/ ساعة اعتبارًا من العام الحالي على أن تكون المياه المنصرفة من الشركة والمعادة إلى المجرى المائي مطابقة للشروط والمواصفات وطبقًا للقانون رقم 48 لسنة 1982. العقد الكارثي وعقد الاتفاق المباشر (Direct Agreement)، المبرم بين الشركة المصرية للتكرير من ناحية وبين مجموعة شركات الهيئة المصرية العامة للبترول من ناحية أخرى، والتي تتمثل في كلًّ من شركة القاهرة لتكرير البترول، وشركة أنابيب البترول، والشركة المصرية لتشغيل وصيانة المشاريع، وشركة مصر للبترول، وشركة التعاون للبترول، وشركة بتروجاس. ومن خلاله يتعهد كل طرف من الأطراف بالواجبات والإلتزامات الواردة فى الإتفاقيات والعقود الموقعة فيما بينهم، بخصوص عقود انتفاع المنطقتين الشمالية والجنوبية، واتفاق تنظيم الأرض الإطاري وعقد تنفيذ أعمال تطوير شركة القاهرة للتكرير، واتفاقي التجهيز وتوريد المرافق والاتفاق الإطارى، وعقد حظر بيع المنتجات لغير الهيئة، والتشغيل والصيانة عبر شركة ميدوم (EBROM) والنقل والتخزين مع شركة أنابيب البترول، وتنفيذ أعمال تطوير مستودعات التخزين لشركة الأنابيب. ويعد العقد الأخير من أخطر العقود والاتفاقيات التي أبرمتها مجموعة شركات الهيئة المصرية العامة للبترول، وشركة القاهرة لتكرير البترول مع الشركة المصرية للتكرير، حيث تم وضع العقود والإتفاقيات التي تنظم عملية البيع والاتفاقيات بين شركة القاهرة لتكرير البترول، وأنابيب البترول، والهيئة المصرية العامة للبترول والاتفاقيات بين الشركة المصرية للتكرير، وفى أحد هذه العقود، تلتزم الشركة المصرية للتكرير بتوريد 2 مليون طن خام ومن الممكن أن يكونوا ثلاثة ملايين طن وفي حالة التقصير عن توريد الخام عن الحد الأدنى، تلتزم الشركة المصرية للتكرير وتتعهد أن تدفع 16 مليون دولار للقاهرة لتكرير البترول، كتعويض لها، وأن تخضع هذه الاتفاقية للقانون المصري وعند أي خلاف يكون الاحتكام أمام القضاء والمحاكم المصرية. العقد المباشر وبعد أن استقرت الاتفاقيات، وصارت واضحة للجميع، ونقل فحواها إلى القواعد العمالية والجماهيرية تبشيرا لهم بالرخاء ورغد العيش من جراء هذا المشروع الضخم، تلجأ الشركة المصرية للتكرير لصياغة العقد النهائى وهو العقد الأخير ويُسمى ب (اتفاق العقد المباشر) وهو العقد الأعم والأشمل وهو الذي يَجُبُّ كل ماقبله من عقود أو اتفاقيات أولية، فتصبح بمثابة اتفاقيات أو عقود ابتدائية والعقد المباشر هذا هو العقد النهائي في الموضوع. تراجع عن العقود الأولية وقد حمل هذا العقد المباشر العديد من المخالفات الصارخة التي تنتهك من حقوق شركة القاهرة لتكرير البترول، بداية من قيام الشركة المصرية للتكرير بمخالفة اتفاقها الأول في العقود الأولية، فتبدأ في إلغاء تعهدها السابق بدفع 16 مليون دولار لشركة القاهرة لتكرير البترول، في حالة عدم وصولها لتوريد الحد الأدنى، معللين ذلك بأن الشركة المصرية لن تخضع لأي حد أدنى للتوريد أو الإنتاج ولن تلتزم أو تتحمل أي رسوم إضافية تجاه ذلك. وهذا مغاير تمامًا لما تم الالتزام به فى العقود الأولية، بالإضافة إلي أن المتفق عليه أن سعر تكرير برميل البترول 3 دولار، وشركة الأنابيب هي التي تتولى عملية النقل، ومن ثم يأتي هذا البند المجحف أيضا فيقول إنه من حق شركة أنابيب البترول أن تراجع رسوم نقل الخام أوالمنتج كل عام وبالزيادة، بينما تقوم شركة القاهرة لتكرير البترول بمراجعة أجر التكرير للبرميل كل 3 سنوات وبالزيادة أو النقصان. ومن ضمن بنود العقد المباشر (النهائي) الصارخة أنه لايحق لشركتي القاهرة لتكرير البترول أو الأنابيب، والهيئة المصرية العامة للبترول عقد أية صفقات أو اتفاقيات أو أي تفاهمات ولاحتى أية مفاوضات مع أحد.. دون الحصول على موافقة كتابية مسبقة، بما لايقل عن سنة كاملة من الشركة المصرية للتكرير . كما يجوز للشركة المصرية للتكرير دون موافقة شركة القاهرة لتكرير البترول أن تتنازل أو تبيع أو تتصرف بأى شيءٍ تراه من مصلحتها فعله بموجب هذا العقد النهائي وأن تتنازل أو تبيع الشركة كاملة وكافة مالها من حقوق.. أوجبها هذا العقد للمقرضين ضمانة لما يقدموه من تمويل وقروض وألايخضع هذا العقد النهائي (المباشر) للقوانين ولا القضاء ولا المحاكم المصرية.. كما ذكر من قبل فى العقود الابتدائية، بل يخضع هذا العقد النهائي (المباشر) للقانون والقضاء والمحاكم الإنجليزية والتحكيم هناك، في محاكم لندن. تعويضات ويتضمن العقد النهائي (المباشر)، أيضًا أن تستخدم الشركة المصرية للتكرير وحدتين قائمتين في مصفاة التكرير، وإذا أخفقت شركة القاهرة لتكرير البترول في تكرير الخام الخاص بالشركة المصرية للتكرير، تقوم بمعالجة البترول الخام، وتنتج الراسب الجوي ومنتجات المرحلة الأولي في منشآت أخرى، وتشتري منتجات تتطابق مع مواصفات الراسب الجوي، ومواصفات المنتجات بعد تكريرها من منشآت تكرير أخرى أو من أي منتجين آخرين، وفي حالة أي تقصير يحدث من شركة القاهرة لتكرير البترول في المعالجة.. تكون شركة القاهرة للبترول ملزمة بدفع جميع التعويضات النقدية للشركة المصرية للتكرير، بمبلغ يعادل قيمة مبيعات المنتجات التي كان من المفترض أن تنتجها الشركة المصرية للتكرير. تأمينات تحتفظ الشركة المصرية للتكرير برصيد حساب العوائد التأمينية لشركة القاهرة لتكرير البترول، ولا تسمح بالإفراج عن تلك المبالغ.. إلا حسبما يكون مطلوبا لتمويل عملية إعادة التأهيل أو الإصلاح على أن يتفق الطرفان (المصرية للتكرير والقاهرة للتكرير) بنسبة حسنة مع أصحاب القروض على إبرام تلك الاتفاقيات، والتي تضمن بدورها التمويل من المقرضين للشركة المصرية للتكرير حسبما يطلبه المقرضون، بشكل معقول، وعليه تبرم القاهرة للتكرير بناء على طلب الشركة المصرية للتكرير.. اتفاقية مباشرة بتلك الصيغة كيفما يطلبها المقرضون. الأعطال والصيانة ليس هذا فحسب بل تقوم شركة القاهرة لتكرير البترول بكافة أعمال الصيانة لوحدات التكرير وجميع المنشآت الملحقة بها قبل بدء المشروع، من وقت لآخر بعد ذلك على نفقة شركة القاهرة، مما يضمن بأنها تتعهد فى كافة الأوقات بالولاء للمشروع وبما التزمت به تجاهه، وعند حدوث أي أعطال تعمل الشركة على إصلاحها في غضون سبعة أيام فقط، بما يحظى برضا الشركة المصرية للتكرير. وإذا لم يحدث ذلك يكون للشركة المصرية للتكرير الحق في القيام بالتشغيل بموجب إخطار مسبق بمهلة لاتقل عن سبعة أيام، وتقر الهيئة المصرية للبترول وكذلك شركة القاهرة لتكرير البترول بذلك، بل ويتم التعاون مع الشركة المصرية للتكرير في كل الوجوه التي تساعدها على التشغيل، بما يعني أن كافة أعمال الصيانة والإصلاحات والأعطال والتشغيل تقع على عاتق شركة القاهرة لتكرير البترول ومجانا، قبل وأثناء وبعد قيام المشروع طوال 25 عامًا. امتيازات بالجملة ومن جانبه أبدى المهندس رأفت فرغلي، عضو مجلس إدارة شركة القاهرة لتكرير البترول تحفظاته على عقد الانتفاع المبرم مع الشركة المصرية للتكرير وتحديدا بشأن البند الثالث، والذي اقترح أن تكون نسبة الزيادة السنوية المقررة 5 % نسبة زيادة مركبة، وكذلك فيما يخص البند الرابع وضرورة استبدال عبارة «تجدد تلقائيًا» بعبارة «يجدد العقد باتفاق الطرفين بعد انتهاء مدة 25 عامًا».