فند السودان ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية التي وردت في تقريرها لمجلس الأمن الدولي، موضحا أنها تتناقض مع تقارير الأمين العام للأمم المتحدة وبعثة اليوناميد بشأن استقرار الأوضاع الأمنية في دارفور، ما يؤكد تسييس المحكمة وقلبها للحقائق . جاء ذلك في بيان مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة دفع الله الحاج علي، خلال مداولات مجلس الأمن أمس الخميس حول التقرير السادس عشر للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي قدمته المدعية العامة فاتو بن سوده .
ونقلت وكالة الأنباء السودانية اليوم الجمعة عن دفع الله تأكيده على أن مشاركة السودان في الجلسة لا تعني الإعتراف أو التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية أو الانخراط معها في أي أخذ ورد، وذلك لأن السودان ليس طرفا في ميثاق روما المؤسس للمحكمة، مثل عدد مقدر من الدول الأعضاء في مجلس الأمن التي لم تعترف بالمحكمة ولم تصادق علي ميثاقها، موضحا أن مشاركة السودان هي من أجل تصحيح المعلومات والمفاهيم المغلوطة التي وردت في تقرير المدعي العام للمحكمة .
وأضاف أن الربط بين مجلس الأمن وهو جهاز سياسي وبين المحكمة وهي جهاز قضائي هو هزيمة وتشويه وإخلال لمفهوم العدالة إذ أن ضرورة استقلال الأجهزة القضائية حقيقة لا يختلف عليها اثنان .
كما أكد أن إحالة النزاع في دارفور إلي المحكمة الجنائية الدولية هو تسييس للعدالة الدولية بالإضافة إلي أن نزاع دارفور هو نزاع داخلي لم يتجاوز حدود السودان ولم يهدد الأمن والسلم الدوليين بأي شكل من الأشكال وأن تعامل مجلس الأمن معه من هذه الفرضية هو أمر خطأ وغير مقبول .
وجدد المندوب الدائم التأكيد بأن المحكمة الجنائية الدولية أصبحت أداة تستغل لخدمة مصالح سياسية قد ثبتت صحته بوقائع كثيرة كان آخرها الشهر الماضي عندما لبت دولة عضو في مجلس الأمن من السلطه الفلسطينية ألا تذهب للمحكمة الجنائية الدولية .
وفي مقابل ذلك توافق تلك الدولة علي قرار الجمعية العامة الذي اعترف بدولة فلسطين ومنحها وضع الدولة المراقب في الأممالمتحدة .
واعتبر أن المحكمة الجنائية الدولية استغلت منذ ميلادها لأغراض سياسية وأثبتت الوقائع أنها تستغل كل يوم لأغراض سياسية ليس للعدالة صلة بها وتستخدم وسيلة ابتزاز لتقويض مصالح الدول الصغيرة وانتهاك سيادتها .
وفند مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة السفير دفع الله الحاج علي، المعلومات المغلوطة التي وردت في التقرير السادس عشر للمدعي العام موضحا أنها تتناقض مع تقارير الأمين العام بشأن دارفور والتي أعدتها البعثة المشتركة )يوناميد) الموجودة على الأرض في دارفور وهي البعثة المعنية وذات الإختصاص والمكلفة بشأن دارفور .
وأشار بصفة خاصة إلى آخر تقريرين مقدمين بشأن دارفور ، الأول هو الصادر في يوليو الماضي الذي أكد إستقرار الأوضاع الأمنية في دارفور بل وطلب من مجلس الأمن تخفيض المكون العسكري لبعثة يوناميد نظرا لإستقرار الأوضاع واستتباب الأمن، والتقرير الآخر هو الصادر في أكتوبر 2012 والذي أكد علي استقرار الأوضاع باستثناء الحوادث المعزولة والمواجهات القبلية في بعض المناطق .
وأوضح مندوب السودان أن تقرير المدعي العام تعمد قلب الحقائق في توصيفه للأحداث التي شهدتها مناطق (كبكابية وكتم ومليط)، حيث نسب التقرير تلك الأحداث إلي ما أسماه بمليشيات، بينما الحقيقة هي أن معظم هذه الأحداث كانت نزاعات قبلية، والمصادمات القبلية بين المزارعين والرعاة في دارفور قديمة قدم التاريخ - حسب المندوب .
وأضاف أن حكومته بذلت بالتنسيق مع سلطة دارفور الإقليمية المنشأة بموجب وثيقة الدوحة للسلام جهودا مقدرة تم بموجبها احتواء العديد من هذه النزاعات القبلية، وأن المساعي ماضية لوضع حد لها من خلال التنمية وتوفير موارد المياه عن طريق الآبار الجوفية وإنشاء القُرى النموذجية، وتنظيم مسارات العرب الرحل (المراحيل) عبر مناطق المزارعين تفاديا لهذه الصدامات .
وأكد المندوب الدائم أن الوضع في دارفور الآن يختلف تماما عن الحالة التي كان عليها عام 2005 عندما اعتمد مجلس الأمن قرار الإحالة الخاطئ إلي المحكمة الجنائية الدولية ، مضيفا أن السودان قطع شوطا طويلا في تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور التي كان من أهم محاورها محور العدالة والمصالحات الذي إشتمل علي بنود واضحة بغرض إتخاذ إجراءات قضائية وطنية ناجزة بشأن الجرائم التي يمكن أن تكون قد وقعت في دارفور .
وأشار إلي تعيين المدعي العام الخاص بدارفور من أجل التحقيق واتخاذ الإجراءات مع كل مرتكبي الجرائم التي لازمت فترة النزاع المسلح، وإنشاء المكاتب القضائية الولائية الفرعية في مختلف ولايات دارفور الخمس لهذا الغرض، كما أشار إلى أن وثيقة الدوحة للسلام في دارفور قد اشتملت على التزامات واضحة فيما يتعلق بتحقيق العدالة وباعتماد المصالحات والتسويات كعنصرين أساسيين لرتق النسيج الإجتماعي .
وأوضح أن جميع الآليات القضائية المنصوص عليها في وثيقة الدوحة شرعت في أداء مهامها، وذلك في إطار الدعم المتصل من الحكومة المركزية لسلطة دارفور الإنتقالية وبمشاركة مقدرة من تنظيمات المجتمع المدني والفئات في دارفور .