الكتابة على أبواب دورات المياه وجدرانها؛ ظاهرة لازمت المواطن المصرى أينما يذهب، فلا يخلو حمام العمل أو المدرسة أو الجامعة أو حتى المنزل من عبارات يكتبها بكل حرية، إما للتعبير عن رأى أو حالة مزاجية له، أو حتى ترك بصمة لم يستطع تركها فى الواقع العملى. فى دورات المياه الجامعية «سواءً بنين أو بنات»؛ تنوعت العبارات التعبيرية أعلى الجدران والأبواب، التى امتزجت مع تلك الرائحة «المعتادة» لتكون لنا يوميات واقعية لحياة الشاب المصرى.
«يسقط يسقط حكم العسكر»؛ عبارة اعتلت أحد أبواب حمام البنات بكلية تجارة عين شمس، التى تحولت إلى «سبورة» للتعبير عن الآراء والانفعالات بحرية كاملة من الاستياء أو الغضب وفى أحيان أخرى الحب، وتناثرت حول العبارة نماذج شهيرة لدى الشباب أمثال «شلة الشر» و«أحمد بيحب منى» وغيرها؛ كما كان للإنجليزية نصيب فى يوميات الحمام، حيث كتبت إحدى الفتيات «so what I am a rock starS».
وعن حمام كلية الحاسبات والمعلومات؛ وجدنا كتابات ضد الكلية وأنها تتسم بالصعوبة مثل «أنا إيه اللى خلانى أدخل الكلية دى بس»؛ و«يا ساتر على مشروع التخرج وقرفه».
وسط حمامات كلية «الآداب»؛ يوجد من عبر عن آرائه السياسية على الجدران بكتابته «حمدين صباحى واحد مننا»؛ أو «همّ اتنين ملهمش أمان العسكر والإخوان»؛ ومنهم من يعبر عن حبه لفنان معين بكلمات مثل «الكبير كبير بنحبك يا منيييير الكنج»؛ والبعض الآخر اتخذ من جدران الحمامات وأبوابها ما يشبه مذكرة يؤيد فيها بعض ذكرياته بالجامعة وتواريخ للمقابلات؛ ولحظات الوداع. كما لم تخل أبواب الحمامات من الداخل من بعض الواعظين دينيا بعبارات مثل «اتقوا يوم الحساب»؛ ووجدنا بعض العبارات المسفة ولكن معظمها مشوش عليها بالألوان مما تعكس ما يعانى منه بعض الطالبات من نفسيات مريضة.
ورغم ابتعادها عن الأضواء بسبب ابتعادها عن العاصمة، كانت لجامعة حلوان مشاركات جيدة.
فى كلية التجارة علت جدران الحمامات العبارات الثورية مثل «دم الشهداء مش هيضيع، وحياة دمك يا شهيد ثورة تانى من جديد»؛ كما لم تخل من أرقام تليفونات والعبارات الرومانسية ومع بعض العبارات الخارجة التى يمتاز بها حمام الطلاب.
أما الحمامات الخاصة بالجامعة؛ فكانت ممتلئة بالكتابات، خاصة العبارات السياسية مثل «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم؛ شمس الحرية لن تموت»؛ وعبارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين منها «عاوزين الحرية لميدو الشاعر وحاتم»، كما وجد بعض الطلاب فيها مكانًا لإبراز شكواه من بعض أساتذة الجامعة، مثل «متخافش من فيفيان متخافش ومتبقاش جبان».
فى جامعة القاهرة؛ الوضع لا يختلف كثيرًا؛ فداخل حمام حقوق؛ اهتم الطلاب بكتابة شعارات عن الحب والرغبة فى التعارف، فى حين ذكر عدد من الفتيات رغبتهن فى الهروب من منازلهن بسخرية؛ منها «أنا هاهرب م البيت بعد بكرة»، كما لا تخلو من المشاعر المتبادلة «الفرقة الرابعة e+a «اوعدينى إنك تفضلى معايا»، كما كان هناك عدة مقولات للدعوة مثل «ما أجمل حجاب المرأة».
وفى كلية الآداب طغت العبارات السياسية على تعبيرات الطالبات؛ فاهتمت الشعارات بالمساواة بين الرجل والمرأة؛ منها «ضد السلطة وضد الذكورية من أجل عدالة اجتماعية ومساواة وإدارة ذاتية».
وبالمثل كان حمام الطلاب؛ حيث وجدت عبارات «اتنين ملهمش أمان العسكر والإخوان» و«يوم ما أفرط فى حقك أكون ميت أكيد» مكانًا بارزا لها داخل الحمامات وانتشرت كذلك الشعارات اللاذعة سواء على المستوى السياسى أو الاجتماعى.
خلال الجولة كان أهم ما ميز الكليات الأرقى فى المرتبة العلمية انتشار كتابات باللغة الإنجليزية وهو الأمر الذى يعود على ما يبدو إلى لغة المدرسة، ففى كلية العلوم كتبت دعوة إلى التفاؤل «all the time keep your face smile» كما وجدت الشعارات السياسية لها مكانا أيضًا مثل «مش هنبيع القضية طظ ف ذاتك الملكية». أيضا فى كلية الإعلام اعتلت حمام البنات عبارة بلغة الفرانكو؛ وهى اللغة التى لاقت انتشارًا بين أوساط الطلاب فى الفترة الأخيرة «I hate you ahmed 2na mash ba7hbk krahtak aw yenta bgad sha55 stubied». ولكن مازالت اللغة العربية هى الأسهل فى التعبير عن مشاعرك، فكتب أحدهم «يوسف.. الحب عذاب فلذا على ألا أتعمق فى الحب حتى لا أندم». جامعات الأقاليم أيضًا وجدت لها مكانا رغم قلة المشاركات، فى كلية التجارة جامعة المنصورة غلب على الكتابات الطابع السياسى والتعبير عن الانتماءات السياسية أيضًا بعبارات مثل «يسقط يسقط حكم العسكر، يسقط يسقط حكم المرشد»، كما لم تخل من أرقام تليفونات، وبعض العبارات الساخرة مثل «أوعى يا صاحبى تآمن لواحدة». أما حمامات البنات بالكلية فتميزت بالطابع الرومانسى، حيث وجدت الطالبات فى الجدران والأبواب تربة خصبة للتعبير عن مشاعرهن دون قيد بما قد يفوق حرية مواقع التواصل الاجتماعى على الشبكة المعلوماتية، فسردن بعض مشكلاتهن الخاصة، كما تركن بعض عبارات الذكرى لقصص الحب مثل «دعاء وفارس حب للأبد».