على اثر انعقاد اجتماع "المجلس الوطني السوري" وتشكيل الائتلاف من بعض الشخصيات والسورية في الدواحة، اجرينا الحوار التالي مع رجاء الناصر أمين سر هيئة التنسيق الوطنية، رئيس لجنة المتابعة في المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية مستوضحين موقف هيئة التنسيق الوطني من التطورات الاخيرة. 1- ما هو رايكم في الائتلاف المشكل في الدوحة وهل الاسس التي انجز عليها هي مقنعة ؟ ج1:ائتلاف الدوحة هو ببساطة اعادة تشكيل "المجلس الوطني السوري" بصورة جديدة ولكن على ذات القواعد التي اسس عليها المجلس، أي تجمع قوى واطارات وافراد حول تنظيم الاخوان المسلمين بغطاء من الليبراليين الجدد وببعض التلوينات الشخصية ممن ثبت ولاءهم للدوائر الغربية وارتباطهم بها وهو تشكيل يحمل الكثير من الصراعات حيث تعمل القوى المنظمة لهذا التحالف لفرض قيادة تعتقد انه من السهل الامساك بها وتقديمها بصورة مقبولة في الغرب مقابل اطلاق يد الاخوان المسلمين في ادارة البنية الداخلية، وهي تعتقد على ضوء تجربتها في العراق ان هذه الصيغة اكثر ملاءمة لها حيث اثبت الاخوان المسلمون في العراق والكويت قدرة عالية على التناغم مع المخطط الأمريكي اضافة الى ذلك ان سورية المستقبل حسب الرؤية الامريكيةالغربية يجب ان تبقى بالضرورة متعارضة ومتصادمة مع النظام العراقي، وقد كانت قضية "الهاشمي" في العراق مدخلاً لاستمرار التصادم الذي يراد له أن يتكرس. 2- ما هي مبررات هيئة التنسيق بعدم المشاركة بمؤتمر الدوحة؟ الا ترى ان المشاركة هي افضل من الغياب، لاسيما انها فرصة لايصال مواقف الهيئة للمجتمع الدولي ؟ ج2 : أما عن المبررات التي طرحتها الهيئة لعدم مشاركتها في مؤتمر الدوحة فهي تتمثل بعدة أبعاد: الأول: بعد وطني حيث ان مؤتمر الدوحة بكل تفرعاته جاء صناعة غير سورية بالمطلق ولم يكن حتى للمشاركين فيه أي دور فعلي في رسم سياسته وبرنامجه حتى في صياغة شكله , وقد تحدث في هذا معنا بعض الدوائر التي صنعت المؤتمر بشكل صريح , ونحن مع ادراكنا للأبعاد الدولية والاقليمية للأزمة السورية الا اننا نملك ارادة مستقلة ولم ولن نقبل رهن هذه الارادة لأية جهة كانت . الثاني: بعد سياسي فنحن لا نؤمن بإغلاق الحل السياسي فقد أعلنا اننا ندعم جهود السيد الأخضر الابراهيمي وتوافقات جنيف ودعونا باستمرار الى مؤتمر دولي للتوافق على رعاية حل سياسي يخفف من معاناة السوريين ويقلل من حجم التضحيات التي يقدمونها على طريق التغيير الديمقراطي، هذا الموقف لا يتفق مع الوثيقة التي توافق عليها المجتمعون في الدوحة واعتبروها شرطاً ملزماً لتحالفهم والمتضمنة اغلاق السبيل امام أي حل سياسي حتى ولو كان يفضي الى تحقيق هدف الثورة الشعبية في اقامة نظام ديمقراطي جديد على انقاض النظام الحاكم هذا التوافق الذي جاء تحت عنوان رفض التفاوض مع النظام او مع اطراف من النظام التي لم تتلوث ايديها بالدماء. البعد الثالث: بعد تنظيمي فالدعوة لم توجه اصلاً الى هيئة التنسيق الوطنية التي هي الاطار البارز في المعارضة الديمقراطية الداخلية ولا الى المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية الذي شكل اطاراً أعرض ضم هيئة التنسيق والعديد من الأحزاب والمنظمات الشعبية والأهلية، بل وجهت الى بعض أحزاب الهيئة في محاولة غير بريئة لشق صفوف الهيئة، كما انها ايضاً لم تدع بشكل مسبق للمشاركة في الحوارات حول هذا المؤتمر، ناهيك عن غياب فعلي للتمثيل الداخلي او قصره على عدد محدد جداً لا يؤثر على البنية الأساسية لهذا التشكيل. تلك هي أسباب عدم المشاركة ونحن نؤمن ان عدم المشاركة هو الوضع الأنسب لنا لأنه لم يكن مسموحاً وصول رأي الهيئة للمجتمع الدولي عبر هذا المؤتمر، فالإعلام كان موجهاً من أجل انجاح المخطط المرسوم، كما انه ليس عبر هذا المؤتمر فقط يمكن التواصل مع المجتمع الدولي هناك الكثير من الوسائل الأخرى. 3- ان طرح مقولة الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري هو المفهوم الذي يرسخ حكم الحزب الواحد وفيه كل التجاهل للمعارضة الداخلية.. لماذا لم ترتفع الاصوات ضد هذه المفاهيم التي لم تستند الى الواقع ولا الى صناديق الاقتراع؟ ج3: لقد قلنا منذ تشكيل "المجلس الوطني السوري" أننا ضد هذا المنطق الذي يرتكز في جوهرة على فلسفة "الشرعية الثورية" والتي استندت اليها معظم الأنظمة الديكتاتورية، حتى عندما أسسنا هيئة التنسيق الوطنية والتي ضمت في حينها اوسع تمثيل للمعارضة رفضنا ان نقول أننا ممثلون للشعب السوري ولثورته، بل قلنا أننا في قلب الثورة ونحن جزء من حركة الشعب، ومن المؤسف ان قوى تقول انها ديمقراطية تتبنى هذه الشعارات التي ستقودها حتماً الى التصادم مع غيرها من القوى وليس مع النظام واننا نلمس اليوم تباشير هذا التصادم ليس مع هيئة التنسيق وحلفاءها فحسب بل مع كثير من قوى الحراك الثوري. 4-ما هو موقفكم من الحكومة الانتقالية التي سيكون موقعها الاردن بشكل اولي؟ ج4: نحن نؤمن ان تشكيل اية حكومة يجب ان يتوفر لها معطيات أساسية مثل السيطرة الفعلية على جزء من الأرض وان تحقق توافقاً وطنياً عريضاً حولها، وهذا غير متوفر حالياً، المسألة الثانية: ان تشكيل هكذا حكومة سيقطع الطريق على خطة السيد الابراهيمي واتفاق جنيف بين الدول الكبرى التي تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم أطياف المعارضة والذين لم تتلوث ايديهم بالدماء من رجالات الدولة . اننا نعتقد ان الدافع الاساسي لتشكيل هيئة الدوحة وتفرعاتها هو طلب الاعتراف الدولي والدعم المالي حيث يراد ان تجمد ارصدة الدولة السورية في الخارج وتسليمها لتلك الحكومة حتى يكون الانفاق على هؤلاء من أموال الشعب السوري وليس من أموال الذين سيدعمون تلك الحكومة. 5- لقد اعتذرتم عن المشاركة في مؤتمر طهران لماذا، ما هي ملاحظاتكم على هذا المؤتمر؟ ج5 : ما ينطبق على مؤتمر الدوحة ينطبق في جزء منه على مؤتمر طهران، فقد كانت هناك إلتباسات في صيغة الدعوة، لقد قيل لنا انها مجرد ندوة، وقيل انها حوار بين اطراف المعارضة وقيل ايضاَ انها حوار مع النظام، المسألة لم تكن واضحة اذا كان حواراً مع المعارضة يجب ان نتفق على من هم المدعوون، وهل يحملون برنامجاً معارضاً ام هم جزء من النظام الحاكم، واذا كان دعوة للحوار مع النظام فنحن قد أعلنا اننا لسنا مع الحوار مع النظام، نحن ندعو للتفاوض بعد توفر شروطه اولها وقف العنف وتوفير المناخات الملائمة . وتساءلنا لماذا يتم الحوار في طهران؟! عندما تتوفر مناخات التفاوض او عندما نتوافق على حوار بين المعارضة فليتم ذلك في دمشق، لقد عقدنا المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية في دمشق، وكانت لنا الجرأة لكي نعلن مواقفنا بوضوح وحزم، نحن لا نفضّل عقد مؤتمرات في عواصم منغمسة جداً في الصراع السوري المطلوب منها اولاً ان تظهر حجماً أكبر من الحيادية في الصراع حتى يمكن ان تكون محطة جامعة. 6- ما هو تصوركم كجهة معارضة اساسية في الداخل وما هي مشاريعكم المستقبلبة؟ الاترون انه بعدم المشاركة بمثل هذه المؤتمرات تخسرون فرصة ايصال ارائكم عبر المنابر؟ ج6: نحن كقوى معارضة في الداخل نؤكد ان لدينا أولويات في ادارة الصراع، في مقدمها : 1) العمل على ايقاف العنف هناك تدمير منهجي للمجتمع وللبنى التحتية وللحياة، النظام مسؤول عنها بشكل رئيسي ولكن انتشار العنف اصبح مأساوياً . 2) حماية السلم الأهلي في كثير من المناطق هناك مقدمات لحروب أهلية، أحياء سكنية باتت "غيتوات" في بعض الأحيان نشهد عمليات قتل وخطف على الهوية . 3) تحقيق انتقال الى الديمقراطية "اسقاط النظام" لا يعني بالضرورة ان يؤدي الى دولة المواطنة نحن نريده ان يكون مدخلاً لنظام ديمقراطي، المسألة بالنسبة لنا ليست ثأراً من نظام وحشي استبدادي، المسألة هي كيف نحافظ على الكيان السوري وكيف نحقق له الحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي. اننا على ثقة بأننا في مواقفنا المبدئية والانسانية وسياستنا الوطنية والديمقراطية لا نخسر بل نحقق التقدم، الكتلة الصامتة وهي الأغلبية هي اليوم مع طروحات الهيئة هي مع تغيير النظام ومع ايقاف العنف ومع اقامة نظام ديمقراطي، انها تعاني من الحرب العبثية واصبحت معاناتها اليومية كبيرة جداً، لا اعتقد ان ما يقارب المليون لاجئ يرغبون بأن يستمر العنف لأشهر وسنوات طويلة، ولا اعتقد ان النازحين الذين يبيتون في المخيمات والشوارع والمدارس وكل الذين تعطلت مصادر دخلهم يرغبون باستمرار القتل والتدمير والتشرد أفكار الهيئة هي اليوم الأكثر شعبية. اما على المستوى الحركي فالهيئة تتقدم في تنظيم صفوف القوى الوطنية الديمقراطية. عقدنا مؤتمر الانقاذ الوطني الذي ضم أحزاباً جديدة معظمها من الجيل الجديد ,من قوى ولدت خلال الثورة، كما ضم رجال أعمال لم يكونوا ضمن القوى التقليدية لأحزاب الهيئة، اليوم نطرح مبادرة اوسع لضم المزيد من القوى والشخصيات في الداخل والخارج، مبادرتنا لا تهدف الى خلق منافس لهيئة الدوحة، بل هي خطوة على طريق وحدة المعارضة على برنامج وطني ديمقراطي سلمي بالجوهر والوظيفة. 7- كان لكم زيارة الى رئاسة الاتحاد الاوروبي ما هي نتائج هذه الزيارة؟ وما هي الامال المنعقدة عليها؟ ج7: لنا اتصالات مستمرة مع رئاسة الاتحاد الأوربي ومع العديد من الدول الأوربية فهذه سياسة لنا، ان ننفتح على جميع الدول وخصوصاً المعنية بالأزمة السورية، هدف اللقاءات هو شرح سياسات الهيئة ومواقفها وتوضيح حقائق الأوضاع وسد الطريق امام اصحاب الاجندات الخاصة، ولقد وجدنا تفهماً لدى بعض الدول وخصوصاً لجهة التمسك بمقررات جنيف ومساندة الاخضر الإبراهيمي ولكن بالمقابل لمسنا موقفاً متصلباً من فرنسا وبعض الدول التي لا تزال تفكر بعقلية استعمارية، نحن نحاول التخفيف من الآثار السلبية لمواقف اصحاب تلك الأجندات وقد حققنا نجاحاً نسبياً او جزئياً على هذا الطريق. 8- في ظل الواقع الراهن في سورية، ما هي رؤيتكم كهيئة تنسيق وطني لاسيما ان هناك سيطرة من الجيش الحر على جزء من الشريط الحدودي؟ ج8:الوضع في سورية شديد التعقيد فالنظام لا يزال مصراً على الحل الأمني العسكري وقد أعلن حرباً مفتوحة على شعبه، الفصائل المسلحة اضحت منتشرة في معظم الاراضي السورية, لم تعد هناك مناطق آمنة، هناك مدن كاملة دمرت وهجّر سكانها وبعضها دمرت احياء واسعة فيها "دير الزور" بأكملها شبه مدمرة نصف أحياء حلب مدمرة وكذلك في حمص والعديد من البلدات. "الجيش الحر" لا يزال جيوشاً حرة "رغم كل ما يعلن يومياً من توحيد وتنسيق، اليوم هناك امارة اسلامية في بعض أحياء حلب وريفها، وهناك صراعات بين بعض تلك الجيوش والاهالي في بعض المناطق ذات التواجد الكردية، فتح الحدود والسيطرة على المعابر بقدر ما خلق من الظروف المساندة للثوار الا انه فتح إشكالات أيضاً.. بالنسبة لنا قلنا بان حلاً سياسياً وحده يسمح بالانتقال الحقيقي الى الديمقراطية، وقلنا ان استمرار العنف سيدمر الوطن وسيرهنه للخارج وسيفتح الطريق امام صراعات متطورة ومتصاعدة . 9- هل يوجد لديكم توجه للانفتاح على المجتمع الدولي لايصال الموقف المعبر عن شريحة واسعة من السوريين؟ ج9: نحن نؤمن بأن الأزمة في سورية باتت مدوّلة بشكل ما وهو ما يفرض انفتاحاً واسعاً على المجتمع الدولي، نحن منفتحون على جميع الدول المعنية، نقوم بالاتصالات المستمرة مع كل الأطراف لدينا اليوم برنامجاً لزيارة موسكو وايطاليا ومصر ولعدد من الدول العربية، ربما نرتب زيارات لجميع الدول دون استثناء، المهم بالنسبة لنا مصلحة سورية وشعبها ونجاح ثورتها الديمقراطية.