تتوالى الاعترافات العربية والأوروبية بالائتلاف الوطني السوري الجديد ممثلاً وحيدا للشعب السوري، وذلك بعد اتخاذ القاهرة مقراً مؤقتاً لهذا الائتلاف الجديد الذي تشكل لتوحيد المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً تمهيداً لإعلان سلطة انتقالية تدير الأراضي المحررة داخل سوريا. كان الائتلاف قد تم تشكيله بالعاصمة القطرية الدوحة في وقت سابق من هذا الشهر في مؤتمر لعدد من قوى المعارضة السورية بهدف توحيد صفوف المعارضة زيادة فرص الحصول على المساعدات والسلاح من الخارج. وكانت القاهرة على مدار الأسبوع الماضي محطة رئيسية في الدفع قدماً بهذا الائتلاف والعمل على تفعيل مستقبله السياسي، إذ شهدت الجامعة العربية اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب والذي دعا باقي تيارات المعارضة للانضمام إلى الائتلاف، وحض المنظمات الإقليمية والدولية على الاعتراف به، ممثلاً شرعياً لتطلعات الشعب السوري، كما دعا المجلس إلى تقديم الدعم السياسي والمادي لهذا الكيان الجامع للمعارضة السورية. وفي إطار هذه التحركات الدبلوماسية والسياسية العربية، عقد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي جلسة محادثات مصغرة ضمت رئيس وزراء ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم ووزير خارجية تونس رفيق عبد السلام ورئيس الائتلاف الوطني للثورة والمعارضة أحمد معاذ الخطيب ورئيس "المجلس الوطني" جورج صبرا، وذلك لإقناع الأمانة العامة للجامعة بأن يشغل الخطيب مقعد سورية الشاغر في اجتماعات الجامعة. وحتى الآن اعترفت بالائتلاف تركيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا ودول مجلس التعاون الخليجي، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية اعترافهما بالائتلاف "ممثلاً شرعيا لتطلعات" الشعب السوري. وفي تطور لافت يعكس مدى انخراط السياسة الفرنسية في عملية دعم المعارضة السورية على كل الأصعدة واستكمالا لقرار باريس الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري، أعلنت فرنسا عن استضافتها الدكتور منذر مخوس الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية كأول سفير جديد لسوريا في الخارج. من جهتها، تريد الولاياتالمتحدة ضمانات من الائتلاف تتعلق بتمثيل الأكراد في المجلس الجديد، وضمانات بحقوق الاقليات والنساء واحترام الديموقراطية وتمثيل كل المجالس المحلية على الأرض قبل الاعتراف به ممثلا شرعيا للشعب السوري. وبالرغم من أن الفترة المقبلة سوف تشهد المزيد من الاعترافات بهذا الائتلاف الجديد، إلا أن الاعتراف بمفرده لا يقيم كياناً مؤسسياً قادراً على أن يكون بديلاً لنظام بشار الأسد في حالة إزاحته التي أصبحت وشيكة في ظل تشابك وتعقيدات الموقفين الإقليمي والدولي. وثمة عقبات وتحديات مطروحة وبقوة أمام إمكانية إدارة هذا الائتلاف الجديد لمستقبل الأحداث والتطورات في سوريا ما بعد الأسد، وتتنوع هذه العقبات ما بين داخلية بنيوية خاصة بخريطة القوى السياسية المعارضة في داخل وخارج سوريا، أو إقليمية تتمثل في التحديات التي تفرضها مواقف كل من روسيا وإيران وحزب الله والصين، أو دولية تتعلق بإمكانيات الدعم المادي والعسكري لهذا البنيان الوليد، بعد قراءة التوجهات السياسية له ومدى قدرته على إزاحة قوى الجهاد الإسلامي من المشهد السياسي السوري في المستقبل القليل المنظور. فأولاً على صعيد العقبات الداخلية، أصبح هناك قسمين من المعارضة، الأول وهو الائتلاف الناشئ عن قمة الدوحه، والقسم الثاني من المعارضة هو الذي استضافته طهران مؤخراً، تحت مسمى اجتماع "الحوار الوطني السوري" بمشاركة 70 شخصية سورية يمثلون 35 حزباً سياسياً من أجل بحث آلية إنهاء الأزمة السورية، ولم تشارك قوى وطنية فعالة في الحوار، إذ اعتذرت "هيئة التنسيق" الوطنية عن المشاركة في اللحظات الأخيرة، اعتراضاً على عنوان الاجتماع الذي حمل اسم الحوار لأنها كانت تشترط أن يكون الاجتماع تشاورياً وليس حواراً مع الحكومة في المرحلة الحالية.