تحل اليوم الذكرى الثالثة لرحيل "لورانس العرب" الفنان العالمى عمر الشريف، الذي امتدت شهرته خارج حدود العالم العربي بعد مشاركته في العديد من الأفلام الهامة في هوليوود كان أبرزها "لورانس العرب" و"دكتور زيفاجو"، فلم يكن "الشريف" فقط فنانا شهيرا عند أبناء جيله وعشاق السينما، بل كان رمزا ونموذجا لأجيال عديدة من نجوم الشاشة الكبيرة. لم يكن يعلم الفنان عمر الشريف، الشاب المسيحى الذى وُلد فى الأسكندرية فى 10 إبريل عام 1932، باسم "ميشيل ديمتري شلهوب"، متوقعا أن يُكمل مسيرة والده، بعد رغبة الأب فى عمل ابنه معه فى "تجارة الأخشاب"، فعمل معه لمدة 5 سنوات، قبل أن يقرر دراسة التمثيل في "الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية" بلندن، وبعدها استطاع أن يصل إلى "العالمية" بخطى ثابتة، وتربى على الديانة المسيحية وفقًا للمذهب الروماني الكاثوليكي، ودرس في "كلية فيكتوريا" الإنجليزية بالإسكندرية، ثم درس الرياضيات والفيزياء في جامعة القاهرة
بدأ الشريف مشواره الفنى بعد أن التقى بالمخرج يوسف شاهين، الذى علم مدى حبه للتمثيل ، وعرض عليه بطولة فيلم "صراع في الوادي" عام 1954، أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة، ولقى هذا العمل نسبة جماهيرية عالية جعلت من الشريف وحمامة ثنائى لا يفترق، وكان هذا العمل بمثابة شرارة الحب الذى نشب بينهما، وبعد ذلك توالت عليه الأعمال حيث شارك فيما يقرب من 20 فيلماً خلال ثمانى سنوات، وكان من أشهر أفلامه "سيدة القصر"، "أيامنا الحلوة"، "لا أنام"، وغيرها فى عام 1955 تزوج "لورانس العرب" من الفنانة الراحلة فاتن حمامة، بعد أن أعلن إسلامه، وأنجب منها طارق، واستمر زواجهما لمدة 15 عاماً، وبعد ذلك أعلانا إنفصالهما عام 1974، وعن أسباب الطلاق كان الشريف قد صرح قائلاً:" تركت فاتن بعد أن رفضت السفر معي، فلا أريد أن أخونها، ولأنني أريد أن أكون وفيا لها طوال حياتى" كانت انطلاقته إلى العالمية على يد المخرج العالمي الإنجليزي ديفيد لين في فيلمه الجديد «لورانس العرب»، وأصبح الفيلم أحد أفضل الأعمال السينمائية العالمية وحاز أداء عمر الشريف على ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل في دور مساعد وفاز عن نفس الدور بجائزة الكرة الذهبية رفيعة المستوى، واستمر عمر مع نفس المخرج دافيد لين ليلعب أدوارا في عدة أفلام، منها فيلم دكتور جيفاجو، وفيلم الرولز رويس الصفراء، والثلج الأخضر فى عام 1976، كما قام أيضا بتمثيل أدوار كوميدية، منها دوره في فيلم السر، وبعدها ابتعد عن الساحة الفنية واكتفى بظهوره في البرامج فى مطلع التسعينات، قرر الاستقرار في مصر، والمشاركة في أفلام ومسلسلات مصرية كان أنجحها: "المواطن مصري" ، و"حسن ومرقص" ، و"المسافر"، كما قدم لأول مرة في حياته مسلسل تلفزيوني "حنان وحنين" في رمضان 2007، وكان بين الحين والآخر يشارك في أعمال عالمية حيث لعب دور الرواي في فيلم "10000 ق.م" عام 2008، و "مسيو إبراهيم"
عاصر العديد من الرؤساء، أحب السياسة ودائمًا ما كان يدلي برأيه في الأحداث السياسية البارزة، وكانت بداية مشاكله مع الحياة السياسية فيلم "فتاة هازلة" مع الممثلة اليهودية بربارة سترايساند، الذي تدور أحداثه في حي يهودي ببروكلين حول علاقة شاب يهودي بفتاة يهودية، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة بمصر والوطن العربي
اعترف الفنان العالمي عمر الشريف أنه رفض العمل جاسوسًا في الستينات عندما طلب منه رئيس المخابرات صلاح نصر ذلك، قائلاً أنه لم يجد نفسه يصلح لهذا العمل، وأخبر رجال المخابرات أنه ممثل ولا يريد أن يقوم بهذه المهمة، ورضخوا في النهاية لطلبه.
شهد المشوار الفنى للفنان العالمى عمر الشريف، حصوله على العديد من الجوائز، تقديرا لما قدمه فى السينما المصرية والعالمية، حيث حصل على جائزة الجولدن جلوب ثلاث مرات كأفضل ممثل صاعد عن فيلم "لورنس العرب" عام 1963م، وكأفضل ممثل مساعد عن نفس الفيلم في نفس العام، وأفضل ممثل درامي عن مسلسل "دكتور زيفاجو" عام 1965م، كما رُشح لجائزة الأوسكارعام 1962م، عن أفضل دور مساعد في فيلم لورنس العرب، بالإضافة إلى جائزة سيزر كأفضل ممثل عن دوره في فيلم "السيد إبراهيم وزهو القرآن" لفرانسوا ديبرون، وجائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن مجمل أعماله، وفي عام 2004 تم منحه جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقديراً لعطائه السينمائي خلال السنوات الماضية
في 23 مايو 2015 أعلن طارق نجل الفنان عمر الشريف إصابة والده بمرض الزهايمر، حيث كان يعاني فى تذكر أبرز وأشهر أفلامه، كما أنه لم يعد يميّز بين معارفه، وفي العاشر من يوليو من نفس العام، أصيب بأزمة قلبية، رحل على أثرها عن عالمنا، وذلك عن عمر ناهز الثالثة والثمانين.