مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصباح» تكشف فى تحقيق استقصائى:إطارات الموت السريع فى مصر
نشر في الصباح يوم 19 - 03 - 2016

ورش غير مرخصة تغش إطارات السيارات وتتسبب فى آلاف الحوادث سنويًا
قرية «ميت الحارون» بالغربية تضم 200 ورشة لبيع الإطارات المستهلكة
80 فى المائة من أهالى القرية يعملون فى تدوير إطارات السيارات.. والأطفال يهجرون مدارسهم
أصحاب الورش يجمعون الإطارات عبر مناقصات حكومية أو خاصة من محافظات السويس والإسكندرية والقاهرة وبورسعيد
مساعد وزير الداخلية: عندنا شكوى ومعلومة عنهم وسيتم استهدافه قريبًا
12 ألف مواطن يموتون بحوادث الطرق سنويًا
بعض السائقين يلجأون لإعادة نقش إطاراتهم عندما يذهبون لتجديد رخص سياراتهم
تقرير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات: الإطار يظهر عليه التآكل ويحوى مواد غريبة غائرة
تقرير الفحص الفنى لتوكيل «دانلوب للإطارات»: الإطار يعرض مستخدميه للخطر ومعرض للفصل والانفجار فى أى لحظة
جلس سامى البكرى، الرجل الخمسينى، يحاول الاتكاء على عصاه التى رافقته لعام ونصف العام، أمام منزله المطل على الطريق، بقرية «الصف» التابعة لمحافظة القليوبية، يشاهد السيارات المارة ويتحسر على أيامه التى قضاها فى المهنة التى سرقت عمره (قيادة سيارات أجرة). يومها انفجر الإطار الأمامى لسيارته الممتلئة ب11 راكبًا، على طريق مصر إسكندرية الزراعى خلال نزوله من محور قليوب، ما أدى إلى انقلاب سيارته.
الحادث تسبب بوفاة 7 ركاب، فيما تعرض البكرى لكسر شديد فى قدمه اليسرى وجروح متفرقة بالوجه واليدين كادت تودى بحياته، فيما زرع له الأطباء لاحقًا 12 شريحة ومسمارًا فى قدمه.
يقول سامى، فى أقواله المسجلة بتحقيقات النيابة، إن إطار السيارة الذى اشتراه مالك السيارة على الرغم من أنه قديم، إلا أنك عند رؤيته تظنه جديدًا (ولكنه كان يبرر لنفسه ذلك بأنّ الإطار المستعمل كان أرخص ثمنًا بكثير)، ولكنه يعلم الآن أنّ هذا الإطار هو السبب الحقيقى فى حادث سيارته، مضيفًا «ما اتخيلتش إنه ممكن يعمل كده».
يضيف سامى، أن صاحب السيارة التى يعمل عليها لا يهمه حياة المواطنين، وبعض أصحاب السيارات يذهبون لشراء إطارات معاد تجديدها لسياراتهم بأسعار زهيدة تصل لثُلث ثمن الإطار الجديد، وأن تلك الإطارات من أخطر أسباب حوادث الطرق.
حالة سامى، المتضررة من حادث سيارة بسبب انفجار إطار السيارة، لم تكن حالة فردية، ففى مصر 12 ألف مواطن يموتون بحوادث طرق سنويًا، وفقًا لتقرير صدر عام 2014 لبرنامج سلامة الطرق، فيما تقول منظمة الصحة العالمية إن مصر تخسر سنويًا ما بين 20 إلى 60 مليار جنيه نتيجة حوادث الطرق.
يكشف هذا التحقيق قيام أصحاب ورش ومحال بيع إطارات غير مرخصة، بإعادة نقش (حفر) الإطارات بعدما تنتهى صلاحيتها بتجاوز مسافة تتراوح بين 40 - 50 ألف كيلو متر حددتها الشركات العالمية للإطارات، بأدوات وطرق بدائية مخالفة للمواصفات القياسية لإعادة تجديد الإطارات، لبيعها من جديد فى السوق على أنها صالحة للاستخدام، فى غياب رقابة مباحث التموين التابعة لوزارتى الداخلية والصناعة والتجارة مما يتسبب فى زيادة حوادث الطرق، ويعرض حياة مواطنين للوفاة أو الإصابة.
قرية «الذهب الأسود»
بعد تتبع إطار سيارة سامى، والمكان الذى اشترى منه مالك السيارة هذا الإطار، توصلنا إلى قرية «ميت الحارون» التابعة لمدينة «زفتى» بمحافظة الغربية، والذى يطلق عليها إعلاميًا مسمى «قرية الذهب الأسود» نظرًا لأن أكثر من 80 فى المائة من الأهالى والأسر يعملون فى تدوير إطارات السيارات، إذ يجمعون الإطارات منتهية الصلاحية (غير الصالحة للاستعمال)، ويقومون بإعادة تدويرها وصناعة المقاطف «وعَاء صغير مصنوع من الجلد» ومن ثم ببيعها، وأن شباب القرية بتلك الطريقة يحاربون البطالة المنتشرة فى البلاد، حيث يوجد 3.5 مليون عاطل عن العمل فى مصر من إجمالى قوة العمل فى الربع الثانى من 2015، أى بنسبة 12.7 فى المائة من المصريين وفق بيانات الجهاز المركزى للإحصاء فى 2015.
إطار سيارة سامى، كان خيطًا لتحقيق استمر نحو شهرين، للكشف عن تلك القرية «ميت الحارون»، التى تحتوى قرابة 200 ورشة ومحل غير مرخص لبيع الإطارات المستهلكة، وخلال تواجد «معد التحقيق» بالقرية فى أكتوبر 2015، كانت هناك حملة لإزالة التعديات والمبانى على الأراضى الزراعية، حيث بنى بعض أهالى القرية ورشهم عليها، وتمكنت الحملة المحاطة بحماية أمنية مشددة، من هدم وإزالة بعض الورش، بعد تحذير من هم بداخلها - وكان بينهم معد التحقيق - للخروج، وقال المسئول عن الحملة «إن معظم الورش لا تحمل ترخيصًا ومقامة على الأراضى الزراعية»، وخرج أصحاب الورش دون مقاومة.
محمود السيد (اسم مستعار)، 38 عامًا، سائق سيارة نقل ثقيل من محافظة القليوبية ويحمل رخصة قيادة درجة أولى، قال إن السيارة النقل التى يعمل عليها يكلف تغيير إطاراتها 112 ألف جنيه (13.500 ألف دولار)، حيث تشتمل السيارة من نوعية (3 إكس) على 28 إطارًا، 16 منها فى المقطورة و12 فى القاطرة الأمامية، الزوج الجديد (الإطاران) أسعارهما لا يقلان عن 8 آلاف جنيه (960 دولارًا)، لذلك يقوم مالك السيارة بشراء إطارين جديدين فقط يتم تركيبهما فى المنطقة الأمامية التى تحمل مقدمة السيارة، فيما يذهب إلى قرية «ميت الحارون» حيث محلات الإطارات المستعملة، ويقوم بشراء باقى الإطارات كلها المطلوبة (أى ما يقرب من 26 إطارًا) من المستعمل المعاد ترميمه الذى يبدو كأنه جديد بتكلفة تبلغ ربع المبلغ تقريبًا 2000 جنيه (240 دولارًا) لتوفير الأموال.
رغم معرفة (محمود) أن تلك الإطارات تمثل خطورة على حياته، وحياة غيره ممن يسيرون على الطرق السريعة، إلا أنه لا بديل لديه لأنه فى حال ترك عمله سيفقد مصدر رزقه، ولن يتمكن من تمويل أسرته المكونة من زوجته وطفلتين.
الطريق ل«ميت الحارون»
إطارات مهملة على جانبى الطريق، وعشش وأكواخ ممتلئة عن آخرها ببقايا الإطارات الممزقة، وسيارات تخرج وتدخل ممتلئة بالإطارات الداخلة أو الخارجة من تلك القرية التى تستهلك مدة الساعتين لتصل إليها من القاهرة.
فى القرية، طلبة تركوا مدارسهم للعمل فى ورش الإطارات والبيع، لمساندة عائلاتهم، على الرغم من أن القرية بها مدرسة ابتدائية - بحسب تأكيدات بعض الأهالى فى القرية الذى يبلغ تعداد سكانها 3 آلاف نسمة وفقًا لإحصاء الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
يقول أحمد المصرى، 27 عامًا، تاجر وموزع إطارات، التقاه «معد التحقيق» خلال تجواله فى القرية، إن الإطارات التى يتم تجميعها عبر مناقصات حكومية أو خاصة من محافظات السويس والإسكندرية والقاهرة وبورسعيد، بأسعار تصل إلى 2 فى المائة من أصل سعرها الحقيقى بعدما استهلكت أعداد المسافات المحددة لها وانتهت صلاحيتها يتم تقسيمها لثلاثة أنواع، الأول الذى يتم تقطيعه وتدويره لصناعة المقاطف، والثانى يتم تقطيعه بمقاسات 5 سم*5سم (خمسة فى خمسة) عن طريق آلات كهربية تقطعها بشكل خاص ليتم استخدامها كوقود لأفران مصانع الأسمنت بديلًا عن الفحم حيث تشتريه مصانع الأسمنت بأثمان رخيصة عن الفحم والبنزين والسولار، أما النوع الثالث فيتم اختيار الإطارات ذات الحالة الجيدة من حيث المظهر الخارجى ومن الجانبين، والتى بسبب استعمالها أصبحت (ملساء) بلا حفر أو نقشات، ويتم إعادة حفره من جديد عن طريق آلات صغيرة مخصصة لهذا الأمر لتظهر حديثة بشكل جيد بعد مسحها أو غسلها بالمياه، وتباع كإطارات صالحة للاستخدام.
«معد التحقيق» توصل بعد ثلاث مرات تردد خلالها فى ثلاثة أسابيع متفرقة على القرية قضى خلالها ساعات كثيرة مع الصنايعية والتجار والبائعين ودخل أكثر من 10 محال بيع وورش، وعلم أن فى القرية أربعة نقاشين للإطارات، وتلك هى مهنتهم فقط حيث يعطى لهم أصحاب محال بيع الإطارات خصيصًا الإطارات ليتم حفرها وإعادة نقشها من جديد ليصبح مظهرها الخارجى قابلًا (لجلب الزبون) بحسب محمد أحد النقاشين بالقرية، وتتراوح أسعار عملية إعادة النقش وفق تتبع معد التحقيق بالنسبة لإطارات النقل الثقيل من 7- 10 جنيهات، أما الإطارات الصغيرة فيتم نقشها ب 5 جنيهات فقط.
يزعم محمد نقشة - اسم الشهرة - أحد نقاشى الإطارات فى «ميت الحارون» والذى يمتلك ورشته الخاصة داخل منزله، ويستخدم (كاوية صلب موصلة بالكهرباء) يتم تسخينها فى إعادة النقش - استطعنا تصوير عملية إعادة النقش كاملة - أن النقش الذى يقوم به له فائدة كبيرة جدًا بالنسبة للسائقين، فإذا كان الإطار ممسوحًا وبلا نقش فى الجزء العلوى، ومستخدم فى سيارة نقل على سبيل المثال، فإن السائق الذى يحاول استخدام الفرامل، سيتعرض لانزلاق العجلات، وتكون السيارة معرضة لأى حادث أو الاصطدام بالسيارة الموجودة أمامها، ويعتبر «نقشة نفسه» قدم مساعدة للسائقين، بإعادة نقش الإطار من جديد من خلال تفريغ مسارات سطح الإطارات، لتساعده عندما يستخدم الفرامل بالتشبث والتمسك فى الأرض.
نقشة يضيف، أنه عندما يكون الإطار (بلا نقش)، ويتم عرضه فى محلات بيع الإطارات يُجبر مالك المحل على بيعه بثمن بخس وأقل بكثير مما إذا كان منقوشًا، أما فى حال إعادة نقش الإطار يتم رفع سعر الإطار لأنها تجعل الزبون سعيدًا بمظهره الخارجى، منوهًا بأنه يعمل منذ 40 عامًا فى تلك المهنة (إعادة النقش)، وأن القرية فيها ما يقرب من 4 نقاشين للإطارات ينتجون بشكل متوسط يوميًا 40 إطارًا بمعدل 10 لكل نقاش يوميًا.
نقشه يزعم، أن الإطار مسموح بنقشه لمرتين فقط، وذلك لأن سمك المادة البلاستيكية (اللحمية - بحسب تعبيره) يتم تآكلها بعد ذلك خلال عملية الحفر، موضحًا أن بعض السائقين يلجأون لإعادة نقش إطاراتهم عندما يذهبون لتجديد رخص سياراتهم، حيث تفحص السيارة والإطار شكليًا من قبل شرطة المرور التابعة لوزارة الداخلية، فإذا كان مظهر الإطار غير منقوش لا يتم التجديد له.
ماكينات سرية
بعد أكثر من شهر من البحث والتقصى توصل «معد التحقيق» إلى أن معظم أصحاب محلات بيع الإطارات فى القرية يحتفظون بشكل سرى بماكينات نقاشة كهربية (فى حجم كف اليد وتشبه ماكينات الحلاقة الكهربية ولها مقدمة مدببة يتم غرسها فى كاوتش الإطار لإعادة حفره) حيث يستخدمونها بشكل خاص لإعادة حفر إطارات قبل عرضها للزبائن من السائقين - استطاع معد التحقيق تصوير ماكينات منها، إذ يبلغ سعرها حوالى 2000 جنيه (240 دولارًا) للماكينة الواحدة، ويتم استيرادها من خارج مصر.
على الرغم من أن المشهد الواضح للعيان أن تلك الإطارات مخالفة للمواصفات القياسية المحلية والعالمية (إطار 1-1)، إلا أن «معد التحقيق» اشترى إطارين من النوع المُعاد نقشه، واختار إطارات خاصة بالنقل الثقيل، لأنها الأخطر فى حوادث الطرق، وتتسبب فى كوارث على الطرق (إطار 1-2)، وذلك لاختبار صلاحيتهم ومدى مطابقتهم للمواصفات القياسية، وأكد لنا التاجر الذى باع لنا الإطارين إنهما صالحان للاستخدام، مشيرًا إلى أن سعر الإطارين الجديدين يبلغ حوالى ألفى جنيه، بينما باعهما على حالهما -معاد نقشهما- بسعر 400 جنيه فقط (48 دولارًا).
ذهب «معد التحقيق» بإطار منها ل«هيئة المواصفات والجودة» التابعة لوزارة الصناعة والتجارة لفحصه حيث إنها الجهة الحكومية المختصة بفحص واختبار الإطارات، وفى ذات الأثناء ذهب بالإطار الآخر لأحد التوكيلات العالمية للإطارات (توكيل دانلوب فى مصر) للكشف عن جودته ومدى صلاحيته وإمكانية استخدامه من جديد على تلك الحالة التى اشتريناه بها.
نتائج الفحص
تلقى «معد التحقيق» اتصالًا هاتفيًا من مسئولى هيئة المواصفات والجودة بعد حوالى أسبوعين، قالوا له إن الإطار الذى تم إرساله «مستخدم من قبل ولا مواصفات له»، وبعد محاولات مضنية لتخطى الروتين الحكومى والإجراءات بالهيئة، تم إرسال الإطار من قبٍل هيئة المواصفات إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات الموجودة بمحافظة الإسكندرية التابعة لوزارة التجارة والصناعة، والخاضعة لإدارة هيئة المواصفات والوجودة، وبعد أسبوعين آخرين، حصل «معد التحقيق» على تقرير رسمى موقع بختم هيئة المواصفات والجودة المصرية، يؤكد أن نتيجة الفحص الظاهرى للإطار يظهر عليه التآكل بشكل غير منتظم، كما أنه يحوى مواد غريبة غائرة داخل مداس الإطار (حديد وزلط) صغير، وغير مدون عليها أى عبارات دالة على التجديد retreated، وأن الإطار لا يصلح للاستخدام.
فيما كشف تقرير الفحص الفنى لتوكيل «دانلوب للإطارات فى مصر» للإطار الثانى الذى أرسلناه لهم، أن الإطار غير صالح للاستخدام، ويُعرّض مستخدميه للخطر وذلك لأنه معرض للفصل والانفجار فى أى لحظة، وشدد التقرير بأن هذا الإطار مرفوض (reject).
التفسير الفنى
ويفسر باسم نبيل، مسئول الدعم الفنى فى شركة جنرال مصر (توكيل دانلوب للإطارات)، التقرير الفنى للفحص بأن من قام بعمل إعادة حفر (نقش) للإطار، هو شخص غير مهنى وغير تقنى، خاصة لأنه وصل بالحفر للسلك والأحزمة الداخلية للإطار، وأصبح هذا السلك معرضًا للصدى والتآكل نتيجة التعرض للمياه والهواء وعوامل أخرى خلال السير على الطريق، ولذلك فهذه الإطارات ستتعرض لفصل فى المداس (الجزء العلوى من الإطار)، ويصبح معرضًا للانفجار فى أى لحظة، كما أن من قام بعملية إعادة الحفر استخدم آلات بدائية «على السُخن» وذلك له خطورة كبرى لما له من تأثير على الأحزمة السلكية الداخلية، ويعمل على فصل الإطار.
نبيل، يقول: إن عملية إعادة الحفر (النقش) على الإطار شروط حاسمة، لابد من توافرها، وهى أن يقوم بهذه العملية مهندس أو فنى تقنى متخصص فى هذا المجال وبأدوات وماكينات حديثة حتى يكون متيقظًا وواعيًا لمكونات الإطار جيدًا، وكذلك عالمًا بالحد المسموح له بالحفر، كما أنه لابد من وضع كلمة (regroving)- مُعاد (نقشه ) بشكل بارز على جانبى الإطار، لا سيما وأن ال (traide )- الجزء العلوى للإطار، يتم تركيبه على (أحزمة سلكية) موجودة قبلها، ويكون سمكها حوالى 3 ملم، وذلك يكون خلال الإطارات العادية غير المسموح بإعادة نقشها من الأساس، أما فى الإطارات المسموح لها بإعادة النقش (الحفر) فقد جعلت الشركات العالمية الجزء العلوى من الإطار سمكه 6 ملم بدلًا من 3ملم، ليكون مسموحًا للحفر فى ال 3 ملم، وذلك ليتبقى 3 ملم أخرى، يكون بإمكانها تحمل الأثقال والأوزان الخاصة بالسيارات النقل.
ونوه نبيل، إلى أن هناك اختلافات بين الإطارات الجديدة والمعاد تجديدها، فالإطارات الجديدة تحتوى فى الجزء العلوى على «خطوط طولية» تتم الاستفادة بها خلال تركيبها فى السيارات النقل والأتوبيسات التى تسير فى الطرق الوعرة لأنها تساعد على المرونة خلال الملفات والدوران، وهذه الخطوط غير موجودة فى الإطارات المجددة أو المعاد نقشها، كما أن هناك بروزًا واضحًا فى الجزء العلوى للإطار الجديد موجودة فى عمق النقش بالإطارات الجديدة ومسماها العلمى traide wear indactor، وهى البروز الذى يكون على ارتفاع 1.6 ملم من عمق النقش الحقيقى تقريبًا، وعندما يتآكل الإطار أو المادة الكاوتشية حتى يتم الوصول لتلك النقطة، علينا تغيير الإطار بآخر جديد فورًا، لأنه فى حال تخطى تلك العلامة ستكون بمثابة من يسير على إطار أملس لن يعطيك قابلية للتحرك والوقوف بأريحية وربما لن تستطيع التحكم فى السيارة، هذا بجانب أن الإطار لن يتحمل الضغط والوزن الثقيل ويكون هذا الإطار مُعرضًا للانفجار فى أى وقت.
مشيرًا إلى أن التعليمات تكون على جانبى الإطار، ويجب الانتباه لهم قبل السير، مشددًا بأن الإطارات الجديدة بها ندبات على سطح الإطار الخارجى بجوار النقشات الأساسية تكون وظيفتها خروج المياه والهواء، وفى حال تآكلها على الأسفلت بسبب الاحتكاك والسير تصبح خطرة لعدم وجود أى شىء يساعد على التفاعل مع المياه والهواء خلال عملية الاحتكاك مع الأسفلت، ناصحًا من يشترى تلك الإطارات المعاد نقشها بألا يقوم بتوفير أمواله على حساب حياته وأمانه الشخصى، وكذلك الآخرين، وأن الأمر يستحق التمعن والتدقيق والمراجعة بحسب قوله.
أما الأمر الأخطر، وفق نبيل، هو أن إطارات النقل أحيانًا يكون مسموحًا عمل إعادة حفر لها لكن فى حدود وشروط إلا أن هناك تجارًا فى ورش بير السلم يقومون بإعادة حفر ونقش لإطارات السيارات الملاكى رغم خطورته الشديدة.
عقوبة غير رادعة
وعلى الرغم من أن عقوبة الغش والتدليس وفقًا للمادة الثانية من القانون رقم 281 لسنة 1994 لا تقل عن عام حبسًا وغرامة لا تتجاوز 20 ألف جنيه، إلا أنها غير رادعة على الإطلاق، لأن عقوبتها هزيلة وغير مُشددة وتُشكل خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين، بل وتشجع على الغش بحسب المحامى بالنقض، محمد رجب (إطار 1-3).
مواجهة مباحث التموين
وطبقًا للفحصين اللذين توصل لهما «معد التحقيق»، ولدى مواجهة مباحث التموين الجهة الرقابية المسئولة عن الأسواق بما تم توثيقه.
يقول اللواء محمود العشيرى، مساعد وزير الداخلية لمباحث التموين، إنه تم ضبط 171 قضية قطع غيار سيارات مجهولة المصدر، و335 ألفًا و826 قطعة من ضمنها إطارات السيارات، بالإضافة إلى ضبط 42 قضية غش، من 1 أغسطس وحتى 9 نوفمبر 2015، منوهًا بأن الخارجين عن القانون إما يقومون بتدوير الإطارات أو يقومون بإعادة حفره من جديد وإعادة رشه وبيعه بالأسواق بعد انتهاء صلاحيته.
إلى نص المواجهة
معدالتحقيق: توجد قرية كاملة اسمها «ميت الحارون» بالغربية تعيد ترميم الكاوتش من جديد، ويقومون ببيع الإطارات بعد إعادة حفرها من جديد، ويعاد بيعه كأنه صالح للاستخدام؟
اللواء العشيرى: عندنا شكوى وعندنا معلومة عن هذا المكان، وسيتم استهدافه قريبًا
معدالتحقيق: ذهبنا لتلك القرية وأخدنا عينة الإطارات وفحصنا مواصفتها بهيئة المواصفات والجودة، فكان جوابهم بأنه غير صالح؟
اللواء العشيرى: عمومًا البلد دى مشهور عنها الكلام ده وهيتم استهدافها.
معد التحقيق: ده كمان توكيل إطارات شهير فى مصر عمل فحص للإطار وقال النتيجة إن الإطار غير صالح للاستخدام ويعرّض حياة من يستخدمه للخطر.
اللواء العشيرى: الجهة الفنية هى من تقول إن كان صالحًا أو غير صالح وبعد التحليل فى معمل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات الجهة المعترف بها.
معد التحقيق: ردوا علينا وقالوا لنا إنه ملوش مواصفات وغير صالح؟
وبمواجهته بعرض مقاطع الفيديو التى توضح عملية إعادة النقش باستخدام أداة كاوية بدائية للإطارات المنتهية صلاحيتها، وأن نتائج المواصفات والفحص أثبتت أن الإطار مُهدد بالانفجار، قال اللواء العشيرى، إن الكاوتش له عدد كيلومترات محدودة يسير بها تتراوح بين 50-70 كم، معترفًا بأن هذا الفعل تعتبره مباحث التموين «غش».
معد التحقيق: وهل سيتم التعامل يا سيادة اللواء؟
اللواء العشيرى: احنا بنتعامل وهنتعامل، ومستمرون، وجرائم الغشة قديمة ومستمرة، ويبدعون فى كيفية الغش، وسيتم فحصها إن شاء الله.
فى غياب تلك الرقابة، لا تزال ورش غير مرخصة تقوم بإعادة نقش الإطارات المستهلكة، تباع باعتبارها صالحة للاستخدام وأصحاب سيارات متورطون فى التحايل على حياة المواطنين لتوفير أموالهم مما يزيد من نزيف الأسفلت.
الطرق والكبارى
يقول اللواء عادل ترك رئيس هيئة الطرق والكبارى التابعة لوزارة النقل، إن الهيئة لديها حصر وتصنيف لحوادث السيارات، ووفقًا للإحصاء الأخير فى 2014، فإن نصيب السيارات الملاكى أو الصغيرة من حوادث الطرق يبلغ 45 فى المائة من إجمالى الحوادث، فيما كان نصيب السيارات النقل من الحوادث النقل 25 فى المائة، مشيرًا بأن هذه النسبة الخاصة بالسيارات النقل «مهولة» خاصة أنّ حوادثها يكون فيها عدد كبير جدًا من القتلى والجرحى ما تسببه من حوادث أخرى لاحقة بالحادث الأساسى.
منوهًا بأن الهيئة معنية بالأمان والسلامة على الطرق السريعة، التابعة للهيئة، وأن أرقام الحوادث أصبحت مزعجة جدًا، وأسبابها موزعة على العنصر البشرى وحوادث عن المركبات وثالثة عن أخطاء فى الطرق، وأكبر عنصر متورط فى حوادث الطرق هو عنصر السيارات، خاصة أن معظمها قديمة أو بها عيوب فنية فى الإطارات، وهيئة الطرق والكبارى لها سلطات فقط على الأوزان (الحمولات)، بحيث لا يتجاوز 13 طنًا على كل أكس (وحدة سعة مساحة السيارات النقل)، وذلك بيتم تحديده من رخصة السيارة حيث وضعنا بمشاركة إدارة المرور لوائح خاصة بتلك الأوزان، ولا تحصل أى سيارة على رخصها إلا بالحصول على ترخيص من الهيئة خاص بالسماح الوزن.
أما عن دور الهيئة للتقليل من الحوادث، فقد خصصنا طرقًا خاصة بسيارات النقل فقط مثل طريق السويس، وكذلك تخصيص حارات فى الطرق للسيارات النقل مقيدة بسرعة محددة، كما أن وزير النقل الدكتور سعد الجيوشى أنشأ هيئة خاصة لسلامة الطرق وسيارات النقل.
اللواء ترك طالب شرطة المرور المسئولة عن مراقبة محطات الوصول على الطرق والأوزنة بفحص الإطارات والتأكد من سلامتها لما يمثل خطورة على كل من يسير على الطريق وليس على الشخص الذى يقود السيارة وحده.
المواصفة القياسية
طبقًا للمواصفات القياسية للإطارات المجددة لعام 2015، المادة 109، بند رقم (3.2.9) فإن ثمة شروطًا لإعادة الحفر أولها وضع كلمة «REGROOVABLE» على الإطار أو الرمز بقوسين مفتوحين فارغين من الداخل هكذا «....» ليبين لمن يشتريه أنه معاد نقشه ولا يتم خداعة، وشددت المواصفة على أن من يقوم بذلك لابد أن يكون شخصًا تقنيًا.
العقوبة سنه و 10 الآف جنيه
وتنص المادة الثانية من القانون رقم 281 لسنة 1994على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز الخمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز الثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر:
1- كل من غش أو شرع فى أن يغش شيئًا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو من المنتجات الصناعية معدًا للبيع، وكذلك كل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئًا من هذه الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك.
2- كل من صنع أو طرح أو عرض للبيع أو باع مواد أو عبوات أو أغلفة مما يستعمل فى غش أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير أو البيانات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات الزارعية أو المنتجات الطبيعية أو المنتجات الصناعية على وجه ينفى جواز استعمالها استعمالًا مشروعًا بقصد الغش، وكذلك كل من حرض أو ساعد على استعمالها فى الغش بواسطة كرسات أو مطبوعات أو بأى وسيلة أخرى من أى نوع كانت.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز السبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تتجاوز الأربعين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر إذا كانت الأغذية أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو المنتجات المغشوشة أو الفاسدة أو التى انتهى تاريخ صلاحيتها أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان.
وتطبق العقوبات المقررة فى هذه المادة ولو كان المشترى المستهلك عالمًا بغش البضاعة أو بفساده أو بانتهاء تاريخ صلاحيتها.
أنجز هذا التحقيق بدعم وإشراف شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)
www.arij.net


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.