«أحمد» و«على» و«محمد» يروون حكاية تشيعهم والسفر إلى إيران الشيخ حنا ياسر عرّاب التشيع يزور القاهرة كل فترة ويجوب القرى لإغواء شباب الفقراء بالمال هذا التحقيق تختلط فيه الشائعات بالحقائق، والحروب المذهبية بالتفاصيل الشخصية. الحقيقة الوحيدة هى أن هناك طلابًا مصريين يسافرون للدراسة فى الحوزات العلمية الشيعية فى إيرانوالعراق.. وأننا تمكنا من الوصول لثلاثة من هؤلاء الطلاب وتسجيل اعترافاتهم. المثير أن الطلاب المصريين يسافرون بعد ترشيح من قيادة شيعية عراقية تتردد على مصر كثيرًا.. ويُعرف بين الشيعة المصريين باسم الشيخ «حنا ياسر» ورغم غرابة الاسم إلا أن دوره المؤكد تردد فى شهادات الطلاب المصريين الذين سافروا للدراسة فى الحوزات العلمية.. أما غير المؤكد فى الموضوع فهو عدد الطلاب المصريين الذين يدرسون فى الحوزات المقدسة والذين يقدرهم مسئول فى ائتلاف الصحب والآل - المعادى للشيعة - ل60 ألف طالب مصرى.. وهو رقم مبالغ فيه بطبيعة الحال. ما زالت الحرب بين السُنة والشيعة مشتعلة، تختلف فى أشكالها ووسائلها من بلد لآخر، ومن شخص لآخر، وها هى الحرب طرقت أبواب مصر بكل شدة. الكارثة إن صحت تفاصيلها، تكمن فى لجوء السلطات الإيرانية إلى إغواء آلاف من الشباب المصرى لإقناعهم باعتناق المذهب الشيعى مقابل وعود بالثراء ومبالغ مالية ومنح علمية للدراسة فى الحوزة العلمية بإيران. والحوزة العلمية هى دراسة مدارس الفقة الشيعى، وتضم مدرسة الكوفة، والتى تسير على نهج الإمام الجعفرى لشيعة الاثنى عشرية، وتقوم على أساس دراسة مرحلة حياة الإمام الصادق على بن أبى طالب، وتضم أيضًا مدرسة «قم» التى تتبع نهج السيد المرتضى، وشيخ الطائفة الطوسى. ويقول علاء السعيد، أحد أعضاء ائتلاف مدافعى آل البيت والصحابة، إن هناك ما يقرب من 60 ألف طالب مصرى يدرسون الآن بالحوزة العلمية فى إيران، تم سفرهم عبر القيادات الشيعية بمصر، إلى كربلاء بالعراق، ومنها إلى إيران، صرفًا للأنظار عنهم. الأمر بدأ من مقابلتهم مع الشيخ حنا ياسر، عراقى الجنسية يقيم فى كربلاء، يأتى كل فترة إلى مصر ويقيم فيها ما يقرب من شهرين، ثم يسافر ومعه وفد من الشباب المصريين، وبات يفعل ذلك من بداية عام 2014 وحتى الآن ما زال يفعل ذلك. «الصباح» رصدت ما يقرب من 15 طالبًا تحولت حياتهم الفقيرة إلى حالة من الثراء المفاجئ فى المنصورةوالزقازيق ومنطقة المنيب بالجيزة، والبحيرة والإسكندرية. وتبين أن الشيخ حنا ياسر يستغل حالة الفقر التى يعانى منها الطلاب وعائلاتهم، فيقنعهم بالتشيع مقابل الحصول على المال، حتى يعلنوا تشيعهم ويسافروا إلى إيران تحت ذريعة الدراسة بإيران. ويروى أحمد حسن الدائم، مصرى الجنسية، ويقيم بإيران أنه يدرس بالحوزة العلمية، حيث سافر منذ شهر فبراير 2015 واستقر بإيران، وجاء إلى مصر فى إجازة نصف العام ليقيم مع أسرته 15 يومًا، ليعود بعدها إلى إيران من جديد. أحمد يبلغ من العمر 19 عامًا، وتوفى والده منذ صغره، ووالدته ربة منزل، ولديه ثلاثة أشقاء هو أكبرهم، وهو من محافظة البحيرة، وخرج من المرحلة الثانوية الأزهرية بسبب ظروف أسرته، ودومًا كان يحبذ الجلوس بالمسجد، حيث كان صديقًا مقربًا لشيخ مسجد الرحمة بمنطقة الشجرة فى البحيرة، ويدعى سلمان السيد. ويقول أحمد إن «الشيخ كان على علم كبير بالحالة المادية التى نعانى منها، ولذلك كان يقدم لنا المساعدات المادية التى تعاوننا على العيش، إلى أن جاء يوم وعرفنى على الشيخ حنا ياسر، وعملت معه لمدة 6 أشهر، حدادًا بإحدى ورش الميكانيكا التى يمتلكها، وعقب مرور هذه الفترة عرض على السفر إلى العراق لاستكمال دراستى هناك، وحينها كان دومًا يتحدث معى أنه يرانى دكتورًا بالجامعة، وعرض أيضًا أن يرسل مصروفات شهرية إلى أسرتى، وبالفعل وافقت بدون تردد، وسافرت إلى العراق، وبقيت فى كربلاء لمدة عام، أعمل فقط بدون دراسة». ويضيف أحمد: «عند وصول الشيخ حنا خيرنى بين استكمال العمل بالعراق أو الدراسة فى إيران، فسافرت إلى إيران ودرست بالحوزة العلمية، التى من شروطها التشيع». وأوضح أن طقوس التشيع بإيران تختلف عن مثيلتها بمصر، فهناك يتوجب على من يعلن تشيعه أن يزور مسجد الحسين، ويقوم بتقطيع أجزاء من جسده حتى تنزف دماءه بالمسجد، وحينها يقومون بإطعام 100 مسكين وإقامة الحفل والحضرة، وحينها يردد المتشيع كلمات «على ولى الله والحسين شهيد الله». وقال «إن الحوزة العلمية مثل الأزهر، ففيها ندرس علوم وشريعة التشيع وأصول الفقه الشيعى، ونحصل على راتب آخر العام، بجانب العلوم وأصول الدين الإسلامى وأصول روايات الحسين وعلي، وبالفعل ما زلت أدرس بالحوزة، ولا أرى خوفًا من ذلك لأن الحوزة تعطى لنا مميزات لم نجدها بمصر، بالإضافة إلى أن أسرتى أصبحت فى أحسن حالاتها، وليس هناك فرق كبير بين السُنة والشيعة، وعقب اتمام دراستى بالحوزة التى تستغرق خمسة أعوام سوف أعمل أستاذًا بالحوزة وأقوم بتعليم أصول المذهب الشيعى عقب الانتهاء من الدكتوراه، ومن الممكن أن أدرس بالحوزة فى الكويت أو السعودية وغيرهما من الدول التى لديها حوزة علمية يدرسون بها المذاهب». أما على زكريا، الذى يبلغ من العمر 19 عامًا، فقال ل«الصباح» إن «التدين هو من جعلنى أعلن تشيعى أولًا، فهناك ما يقرب من 60 ألف طالب مصرى يدرسون بالحوزة العلمية بإيران، لأنها المؤسسة الوحيدة التى تضم جميع المذاهب الدينية، ولكن ليس هناك سُنى أو سلفى وهابى بيننا، فأنا كنت أقيم بقرية بليس فى البحيرة، وكنت مسئولًا عن ثلاث شقيقات وتوفى والدى ووالدتى، وكنت أعمل عامل بالمسجد ولكن الراتب لم يكن يتجاوز 300 جنيه شهريًا، ولم أستطع أن أصرف على أخواتى أو حتى أجعلهم يتزوجون، فأسرتنا لها طابع دينى متشدد وأخواتى البنات يرتدين النقاب، وأنا كنت أصغرهم، ولكننى الولد الوحيد، ومع ذلك واصلت دراستى حتى حصلت على الثانوية». ويضيف: «وصلت لتلك المرحلة بفضل معاونة أهالى القرية لنا، حتى جاء الشيخ محمد ممدوح الزينى، شيخ المسجد الذى كنت أعمل به، وأخبرنى بأن هناك شيخًا يريد مساعدتى، وكان هذا الشيخ هو حنا ياسر ذا الوجه الملائكى، فعملت عنده سائقًا لسيارته لمدة 8 أشهر، إلى أن فاجأنى ذات يوم بأنه مسافر إلى العراق ويريدنى أن أسافر معه، وبالفعل لم أتردد لحظة، والسبب لأنه رجل دينى، وفى ظل الفترة التى عملتها معه استطعت أن أجمع مبالغ لأخواتى فكنت أحصل على راتب يزيد على ألفى جنيه شهريًا. ويتابع: «بالفعل وصلنا إلى العراق وأقمنا بمنطقة النجف الأشرف بالعراق، وهى منطقة ذات طابع دينى، فهى بالنسبة لشيعة الاثنى عشرية مدينة مقدسة وعلوم آل البيت، بها مرقد الإمام على بن أبى طالب، وبها المرجعية الدينية والحوزة العلمية، وعرض حينها على استكمال دراستى وتحقيق ما أريد، وهناك علمت بتشيعه، كنت سأعود إلى مصر، ولكن حين دخلت الحوزة العلمية بالعراق، واطلعت على المواد الدراسية التى توضح أصول ومذهب الفقة الشيعى، والروايات التى توضح أحقية الإمام علي بالخلافة، ومدى الظلم الذى تعرض له الحسين، حينها أعلنت تشيعى بالعراق، قبل أن أذهب إلى الحوزة العلمية بإيران، وذهبت إلى كربلاء. وبالفعل أعلنت تشيعى، وجرحت يدى حتى تنزف دمائى أمام مرقد الإمام علي بالنجف الأشرف، وقمت بالضرب واللطم بمسجد الحسين، وقمت بإطعام 60 فقيرًا، وبدأت أواظب على حضور ندوات وحضرات شيوخ بالعراق، حتى أصبحت على علم كافٍ بالمذهب الشيعى بعد دراسته على يد الشيخ الزهران جعفر، وقمت بارتداء المعصم الأخضر على الكتف، وأعلنت أن البيعة لله وأن الإمام المهدى سوف يظهر من الشيعة». ويقول: «من هنا أيقنت أنى على المذهب السليم، وأن ما يحدث بين السُنة والشيعة فى جميع البلاد هدفه الإيقاع بين السُنة والشيعة ليس أكثر من ذلك، وأكثرت من السفر بين العراقوإيران، وعدت إلى مصر للاطمئنان على أسرتى، ولكن حين نعلن تشيعنا ونرتدى الزى الرسمى بالحوزة العلمية بإيران، وهى الجلباب الأسود والعمة البيضاء الضخمة والمعصم الأخضر على الكتف المحفور عليه لبيك يا حسين لا أستطيع نزع هذا الزى، وعند وصول مصر يصبح الأمر فى غاية الصعوبة، ولابد من انتزاع تلك الملابس حتى لا أمنع من دخول بلدى، مع العلم أن هناك أعدادًا كثيرة من المصريين بالعراقوإيران، وسوف أدرس بالحوزة لمدة 5 أعوام، لاعمل بعدها مدرسًا بالحوزة، وعلى ما اعتقد ليس هناك وظيفة أفضل من ذلك». ويروى محمد الحسين، الذى يبلغ من العمر 21 عامًا، وهو مصرى من الزقازيق يقيم فى إيران، إنه كان إمامًا لمسجد ويدرس فى نفس الوقت بالثانوية الأزهرية، ووالده يعمل إمام مسجد أيضا، ولدية ثلاث أخوات، وكان هو ووالده على معرفة عميقة بالشيخ حنا ياسر، «لأنه كان يقيم بمسجد المشارى، الذى كنت أعلم به أنا ووالدى دومًا، ودائمًا كنا نشاهد الطريقة المختلفة التى يصلى بها، وحين سأله والدى عن ذلك أعلن أنه شيعى، فنفرنا منه لفترة، ولكن سرعان ما عادت العلاقات بيننا لأن والدى دومًا كان يرى أن كل فرد حر فى عقيدته ومذهبه، وبعد فترة عرض علىّ والدى أن يعمل بالعراق، وسافر معه، وعندما عاد عقب قضائه عامًا فى كربلاء بالعراق، علمنا بتشيعه وأراد أن أسافر معه إلى العراق بدون أن أعلن تشيعى». ويقول محمد: «بالفعل سافرت معه فى نهاية عام 2014 وأقمنا بالمنطقة المقدسة النجف الأشرف بالعراق، وعلمت أن والدى منضم لتيار سرايا السلام الشيعى العراقى، وظل أبى والقائد جهرى الشيعى، شيخ وإمام مسجد بالعراق، على إقناعى بالمذهب الشيعى وظلوا يستندون على أحاديث تدعى وجود الشيعة منذ عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم»، ومدى الظلم الذى وقع على الإمام على والحسين، وحينها أعلنت تشيعى، وأصبحت على يقين كامل أننى أسير على النهج السليم.. وعلى الرغم من أننا عائلة لها طابع دينى استطعت استكمال دراستى بالحوزة العلمية، التى تقوم بتعليم أساسيات ونهج المذهب الشيعى، حيث أقوم الآن بدراسة مواد الفقه الشيعى وأصول وعلوم المذهب، ومذهب الإمام الجعفرى الاثنى عشرية الشيعى وأحاديث المذهب وروايات الإمام على والحسين ومواد الأماكن المقدسة الشيعية، بالإضافة إلى أنهم دوما بالحوزة يتحدثون عن حضارة إيران التى نراها بأعيننا، ولذلك أعلنت تشيعى، وصليت على تربة كربلاء داخل مرقد الإمام علي بالعراق، وواظبت على الاستماع إلى خطب ودروس القيادات الشيعية بالعراقوإيران». يقول محمد محسن أبو النور، الخبير فى الشأن الإيرانى، إن دراسة طلاب مصريين بالحوزة العلمية بإيران أمر خطير ويثير القلق، فالحوزة مكان علمى فى «قم» التى تبعد عن طهران 30 كيلو مترًا، لافتًا إلى أن المذهب السنى يتم تدريسه هناك أيضًا، لأنه معتمد من الحوزة العلمية، كما أن المذهب الشيعى معتمد من الأزهر، فمذهب الجعفرى يدرس بالأزهر وبمادة الشريعة بالتحديد، وهذا المذهب المنتشر بإيران مذهب الاثنى عشرى الجعفرى، فبالتالى المذهب السنى يدرس بإيران بالاضافة أن إيران تحاول دومًا استقطاب أبناء تلك الدول المستهدفة، وأولها مصر واليمن وسوريا، من خلال منحهم هذه المنح الدراسية وإغوائهم بالمال. «الصباح» تواصلت مع مصدر مسئول بالسفارة الإيرانية - طلب عدم ذكر اسمه - فقال إن دراسة طلاب مصريين بالحوزة العلمية «أمر طبيعى وليس نوعًا من الاستقطاب»، ورفض الربط بين هذه المنح والصراع الطائفى أو محاولات التشييع التى تدعو إليها السلطات الإيرانية.