برزت على السطح خلال الأسبوع الماضى أزمة انتخاب المجلس الملى المساعد للكنيسة الأرثوذكسية، والمختص بالنواحى الإدارية غير الدينية لرعايا الكنيسة، خاصة أن المجلس الملى السابق انتهت فترته فى أبريل 2011، ما يجعل الحاجة ماسة لانتخاب مجلس جديد، يطالب العلمانيون بأن يكون أكثر استقلالية عن الكنيسة، بتعديل قانونه المنظم بما يتيح صلاحيات محددة له فى عدة قضايا محورية تمس حياة جميع المسيحيين الأرثوذكس. «الصباح» حصلت على مشروع مقدم من التيار العلمانى إلى الكنيسة الأرثوذكسية، لتعديل بنود لائحة المجلس الملى، فى أربعة فصول يطالب الرابع منها بتحديد مهام المجلس الملى من خلال اشتراك المجلس العلمانى العام مع المجمع المقدس فى إدارة الكنيسة، وتنظيمها بشكل عام، على أن يشرف المجلس الملى على أوقاف الكنيسة وممتلكاتها ويحصر إيرادات الكنيسة ومصروفاتها، فضلاً عن الإشراف على التعليم فى مدارس الآحاد والمعاهد القبطية، مع النظر فى قانون الأحوال الشخصية بما يراعى ظروف المسيحيين حالياً، والمطالبة بإنشاء مجلس يتولى أمور الكنيسة يتكون من المجلس الملى، إضافة إلى مجلس الرهبان يسمى «المؤتمر العام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية». وأكد مؤسس التيار العلمانى، الدكتور كمال زاخر ل«الصباح» أن التيار العلمانى قدم هذا المشروع للبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلا أن البابوية لم ترد على العلمانيين، مضيفاً: «أننا نطالب بمشاركة فعلية للعلمانيين فى الكنيسة، كما نص التقليد والقانون الكنسى، فالقانون السابق للمجلس الملى تم تفريغه من صلاحياته بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر، لذلك نحتاج إلى إعادة الاعتبار له من خلال النص على صلاحياته بشكل واضح»، مشدداً على أن التيار العلمانى لا يريد الاصطدام بالكنيسة، ولكنه يريد التأكيد على دوره فى مجالات التثقيف والخدمة العامة لجميع المسيحيين الأرثوذكس. وذهب رئيس الهيئة القبطية الدكتور شريف دوس إلى أن المجلس الملى السابق أدى دوره فى حدود المسموح به خلال عهد البابا شنودة الثالث، والذى لم يكن يسمح للمجلس بلعب أى دور حقيقى، مؤكداً أنه مع فكرة تعديل قانون المجلس الملى حتى يكون معبراً عن الصوت المدنى للمسيحيين فى مواجهة الصوت الدينى ممثلاً فى الكنيسة، مشددا على ضرورة أن يتم تفعيل دور المجلس الملى ليكون ممثلاً للأقباط سياسياً حتى يكف البابا ورجال الدين عن الحديث فى أمور السياسة. ورأى الناشط القبطى ممدوح رمزى، أن المجلس الملى لا وجود قانونيا له حالياً، لأن مدته انتهت، ولا حاجة إلى إعادته إلى الحياة على نفس القاعدة التى كان يعمل عليها فى عهد البابا شنودة الثالث، الذى سيطر على المجلس الملى من خلال قائمة تسمى «مارمرقس» تضم العلمانيين المقربين من البابا، وهى التى كانت تنجح فى الانتخابات بدعم البابا لها، مضيفاً: «لابد من تفعيل المجلس الملى وألا تتدخل الكنيسة فى عملية انتخابه، حتى يعبر عن أصوات الأقباط بكل حرية». فى المقابل، قال عضو المجلس الملى العام المستشار منصف سليمان ل«الصباح» إن المجلس لا يزال قائماً، ومن يقول غير ذلك فلا يعرف القاعدة القانونية التى تقول إنه فى حالة عدم انتخاب مجلس جديد يظل المجلس السابق فى تسيير الأعمال إلى أن ينتخب المجلس الجديد، مشيراً إلى أن عملية انتخاب المجلس الجديد ستجرى بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية للبلاد. جدير بالذكر، أن المجلس الملى ظهر إلى الوجود على يد بطرس باشا غالى سنة 1874، بعدما حصل على موافقة صديقه الخديو إسماعيل حاكم البلاد وقتذاك، وأعطيت صلاحيات للمجلس فيما يخص الشئون الإدارية فقط على ألا يتدخل فى الأمور الكهنوتية، ولا أعمال المجمع المقدس، إلا أن المجلس الملى اكتسب مساحة من النفوذ فى عام 1956 عندما اتفق أعضاء المجلس مع أعضاء المجمع المقدس على تعيين لجنة أسقفية للقيام بأعمال البابا يوساب الثانى بعد عزله، إلا أن البابا شنودة قلص صلاحيات المجلس الملى.