أطلقت الكنيسة الأرثوذكسية حملة واسعة لحث الشباب القبطي على استخراج بطاقات انتخابية، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، وسط إصرار من جانب القيادة الكنسية على ضرورة استخراجها إلى حد أن البابا شنودة أصدر قرارًا بمنع دخول أي طالب للكلية الإكليريكية إلا بعد حصوله على بطاقة انتخابية بعد أن اشترط المجلس الملي في وقت سابق ضرورة استخراجها لإتمام زواج الأقباط. وكثفت أسقفية الشباب برئاسة الأنبا موسى أسقف الشباب، وعضو سكرتارية المجمع المقدس من تحركاتها ودعواتها الرامية لتوعية الشباب القبطي بضرورة المشاركة بفاعلية في العملية السياسية بعيدًا عن الانضمام للأحزاب التي تمارس السياسة علي أرضية وطنية وليست طائفية. وشكلت الكنيسة لجنة بإشراف الأنبا موسى لتعليم الشباب السياسة "من داخل الكنيسة" تعتمد على أساس مرجعية دينية، وقال عضو بارز بأسقفية الشباب إن اللقاءات مع الشباب القبطي لم تتطرق إلي تأييد الحزب "الوطني" في الانتخابات وإنما اقتصرت علي الدفع بالشباب للمشاركة فحسب، وعدم فرض توجه معين على الأقباط. المفارقة أن الكنيسة التي تحث الشباب على المشاركة السياسية بقوة تحرمهم من المشاركة في اختيار البطريرك، في حين يجوز لأي مصر يبلغ من العمر 18 عامًا أن يدلي بصوته في انتخاب رئيس الجمهورية في المقابل لا يستطيع أي شاب قبطي حتى وإن بلغ تخطى عمره الثلاثين أن يشارك في انتخاب البطريرك. فطبقًا لقانون انتخاب البابا الصادر عام 1957 وتحديدًا بعد وفاة الأنبا يوساب بعام، والذي على أساسه انتخاب البابا كيرلس السادس عام 1959 ومن بعده البابا شنودة، تنص اللائحة على السماح لعدد محدود بحق التصويت، وهم أعضاء المجمع المقدس المكون من الأساقفة على مستوي الجمهورية وعددهم 74 أسقفا منهم 13 أسقفا عاما بلا أبرشية، إضافة إلي 12 مطرانا و39 أسقفا لأبرشيات و 9 رؤساء أديرة إلى جانب أساقفة المهجر وعددهم 15 أسقفا. ويضاف إلي هؤلاء الأراخنة ممثلون للمطرانيات المختلفة على مستوى الجمهورية، والمقصود بهم "وجهاء الأقباط" بالمدن التي تقع بها المطرانيات، البالغ عددها 60 مطرانية على مستوى الجمهورية، حيث يتم اختيار 12 من الأراخنة من كل مطرانية، وهو ما يعني أن عدد من يختارون البابا القادم لن يتجاوز الألفي ناخب. وطالب المفكر القبطى كمال غبريال، أحد أقطاب التيار العلماني في تصريح ل "المصريون" بإلغاء شرط السن المعمول به في اختيار البطريرك، فيكفي أن يكون الناخب بالغًا لسن الرشد ليقوم بالتصويت، وأضاف إن لائحة انتخاب البطريرك المعمول بها حاليًا هي القانون 37 لسنة 1942، تحرم الشباب المثقف الذي يفهم أوضاع الكنيسة السليمة على حقيقتها من أطباء ومحامين ومهندسين ومدرسين ... إلخ من انتخاب بطريركهم إلا إذا شاخوا في السن، وذلك على الرغم من أن الدولة تسمح لهم بالمساهمة في النهوض بالمجتمع كله وليس المجتمع القبطي فحسب. وشاطره الرأي كمال زاخر منسق جبهة الإصلاح الكنسي، رافضًا بشدة عملية إقصاء الشباب المتعمدة من المشاركة في اختيار البطريرك القادم أو المشاركة في الحياة السياسية بشكل عام طالما تخطوا سن الثامنة عشر عامًا، وتساءل: لمصحة من يقتصر ترشيح البطريرك الذي يخدم الشعب كله "إكليروس و علمانيين " على رجال الدين فحسب، وكأن العلمانيين لا طائل من وجودهم. أما جورجيت قلينى عضو مجلس الشعب وعضو المجلس الملى فتقول إن اللائحة الحالية تتيح حق انتخاب البابا لمن يستحق، ونحن نثق في القلة التي لها حق الانتخاب لأن لها رؤية بعيدة المدى. ويمثل المجلس الملي الذي تم تشكيله منذ مايو 1883م النافذة الوحيدة "العلمانيين"، حيث كان الهدف من إنشائه إيجاد نخبة مدنية علمانية تدير الحوار بين قوى المجتمع والكنيسة والأقباط بشكل عام، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت الحد من فاعليته وقلصت من صلاحيات العلمانيين المشاركين فيه من شعب الكنيسة لإدارة شئون الكنيسة جنبًا إلى جنب مع حاشية البابا، ويشترط في من يرشح نفسه عضوًا في هذا المجلس أن يكون عمره على الأقل ثلاثون عامًا وألا يكون عاملاً في الجيش، أو ممن هم في القوات الاحتياطية للخدمة العسكرية أو مجندا. من جانبه، يري المفكر جمال أسعد أن هناك اتجاهًا عامًا داخل الكنيسة لعزل الشباب المسيحي عن المشاركة في الأنشطة الهامة لإعلاء قدر طبقة رجال الدين التي تنفرد بإدارة الكنيسة معتبره نفسها صاحبة الحق الإلهي وما دونها من شعب الكنيسة مجرد خدام عليهم طاعة رجل الدين. وقلل من دور المجلس الملي، قائلا إنه لا يعدو جهازًا استشاريًا وتنفيذيًا للبابا الذي من حقه أن يختار أو يزكي الأشخاص الذين يستريح لهم ويتوافق معهم داخل المجلس، ويشترط أن يكونوا قادرين ماديًا ليتبئوا مواقع عليا بالكنيسة، والمواقع غير الدينية "المتمثلة في المجلس الملي" صلاحيات الانضمام لها لا تتوفر لدى الشباب خصوصا المعارضين منهم، لأن الذين يأتون للمجلس الملي لابد أن يرضى عنهم رجال الدين ويكونوا من كبار السن الأغنياء، وهو وضع مغلوط يجب تعديله فعلى العلمانيين أن يأخذوا وضعهم في إدارة الكنيسة ماليا وإداريا ويكتفي رجال الدين بالإدارة الروحية.