يبدو أن إصرار الشعب على الخروج بالملايين يومى الاستفتاء على الدستور المقرر له 14 و15 يناير الجارى، كضمانة لاستكمال «خارطة الطريق»، يشكل كابوسًا يؤرق القلة المتبقية من جماعة «الإخوان» الإرهابية، فى محافظات مصر المختلفة، خاصة بعد الحملات الدعائية التى تقوم بها الأحزاب والقوى السياسية من أجل التصويت ب«نعم». الجماعة الإرهابية التى مارست جميع أنواع العنف لإرهاب الشعب وتخويفه من النزول لإبداء رأيه، اعتمدت عدة مخططات وألاعيب لتعطيل عملية الاستفتاء فى القرى والمناطق النائية جنوبالجيزة. وعلى الرغم من أن الموقف المُعلن لما يُسمى «تحالف دعم الشرعية» الإخوانى، هو مقاطعة الاستفتاء، إلا أن هذه مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامى، والجماعة هذه المرة لن تكتفى بالحيل التى اعتادت عليها خلال السنوات السابقة، مثل حشد أنصارها فى أتوبيسات خاصة إلى مقار اللجان الانتخابية، بل إنها سوف تتجاوز ذلك فى القرى والمناطق الريفية. التفاصيل نكشف عنها فى سياق هذا التحقيق. ربع نقل ب100جنيه البداية كانت من «الشوبك الشرقى» إحدى قرى جنوبالجيزة، حيث أكد لنا محمد منصور (أحد الاهالى) أن جماعة «الإخوان» قررت نقل المواطنين من منازلهم إلى مقار اللجان الانتخابية مجانًا، حتى أولئك الذين سيصوتون ب«نعم»، وهدفهم محاولة التأثير على صوت الناخب أثناء رحلة الذهاب، مشيرًا إلى أنهم يقومون بالاتفاق مع أصحاب السيارات «ربع النقل» التى تنقل العاملين فى مصانع الطوب الطفلى بقرية «عرب أبوساعد»، لنقل الأهالى إلى لجان الاقتراع مقابل 100 جنيه لكل سيارة، تعطى لهم فى نهاية اليوم بعد انتهاء عملية التصويت. قضاة الإخوان يحتجبون لا يختلف الوضع كثيرًا فى قرية «الاخصاص»، حيث يشكو محمد عزت من أن أعضاء «الجماعة» يستخدمون جميع الطرق لأجل إفشال عملية الاستفتاء، ومنها ترويج شائعات بين الأهالى مفادها أن عددًا كبيرًا من القضاة المنتمين إلى «الإخوان» أعلنوا عدم مشاركتهم فى الإشراف على الاستفتاء، لأنهم متأكدون من تزوير النتيجة، كما أكد العديد من أعضاء «الجماعة» بالقرية عزمهم تنظيم سلاسل بشرية بطول الطريق أمام القرية، رافعين شارة «رابعة»، أثناء توجه المواطنين إلى اللجان، لحثهم على التصويت ب«لا» بحجة أن هذا الدستور لا يمثل الشعب المصرى، ولا يرضى الله ورسوله، وإذا أقر هذا الدستور سوف يعود الحزب الوطنى «المنحل» إلى الحياة مُجددًا، وسوف يعود أمن الدولة لاعتقال الضعفاء والفقراء. دستور طلبة الحقوق الهجوم على الدستور فى قريتى «الحى» و«الأقواز» التابعتين لمركز الصف كان بشكل أكثر أكاديمية، حيث قال سيد إسماعيل (أحد الأهالى) إن أعضاء الجماعة الإرهابية يشنون حملات على منازل المواطنين - خاصة غير المتعلمين - لحثهم على التصويت ب«لا»، مبررين ذلك بأن هذا الدستور المُعدَّل يخالف القوانين التى يدرسها الطلاب فى كليات الحقوق، وأنه منافٍ للشريعة الإسلامية، وطالب إسماعيل وسائل الإعلام بالتصدى لمثل هذه الخدع الإخوانية التى قد تنطلى على البسطاء. مسيرات ليلية أما فى قرى «صول» و«الكداية» و«مسجد موسى» و«القبابات» و«الكريمات» التابعة لمركز أطفيح، فيؤكد محمد عبدالمحسن أن مركز أطفيح به نسبة كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان، وأن أغلب الذين كانوا معتصمين فى «رابعة والنهضة» كانوا من أبناء هذا المركز، لذلك فالعديد من أهالى هذه القرى يقومون بالتظاهر وتنظيم المسيرات الليلة من أجل رفض الدستور والترويج لشائعات مفادها أن الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير 2011، ستكون عودة لحكم الإخوان، وأن مرسى سيعود مرة أخرى وسيحاكم كل من شارك فيما يسمونه «الانقلاب على الشرعية» خاصة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس الثانى، معتبرين أنهما السبب الرئيسى فى محنة الإخوان لأنهما - على حد زعم أعضاء الجماعة - من أحلوا دماء الأهالى التى سالت فى «رابعة والنهضة». عبدالمحسن حذَّر من أن المركز به العديد من الكنائس، ورغم أن الجماعة تعرف جيدا أن الجيش سيقوم بحمايتها إلا أنه يتوقع حدوث أعمال عنف وتخريب وفتنة طائفية تتزامن مع يومى الاستفتاء من أجل إفساد العملية الديمقراطية، لأن هذا هو هدف الإخوان الأكبر الذى لن يهتموا بأى دماء تسيل من أجل تحقيقه.
كبار العائلات مع «نعم» يتزامن هذا المجهود الإخوانى مع قيام كبار العائلات بمركزى الصف وأطفيح بتوعية الأهالى بأن الدستور الجديد يراعى جميع حقوق المواطن، وقد تم عقد مؤتمر مؤخرًا بقرية «عرب أبو ساعد» من أجل توعية المواطنين فى جنوبالجيزة بما تشمله بنود الدستور، وقد حضر المؤتمر العديد من كبار القرى، ومنهم الأستاذ «نافع هيكل» عن قرية «الشوبك الشرقى» والذى يقوم بالتفاوض مع أهالى قريته من أجل الالتزام بالسلمية، وأن يبتعدوا عن العنف أثناء عملية الاستفتاء حتى تمر هذه المرحلة بسلام، وتستقر الأمور فى مصر، أما عن قرية «الاخصاص» فيقوم عضو مجلس الشعب السابق، الحاج «محيى الزيدى»، بتوعية أهالى قريته بأهمية الموافقة على الدستور الجديد، مؤكدًا على ضرورة التصدى لجماعة الإخوان التى أفسدت الحياة السياسية فى مصر، وإيقاف مخططاتهم الدنيئة التى تحاول النيل من الوطن، وإفساد الحياة على أبنائه، مشيرًا أن على الجميع التكاتف من أجل أن تمر مصر من هذه المنحة العصيبة التى أصابتها. على الوتيرة ذاتها فإن قرى «الأقواز» و«الحى» و«المنشى» و«صف البلد» و«الديسمى» و«أسكر» يقوم فيها اللواء «سعد الجمال» عضو مجلس الشعب السابق، بتنبيه أهالى المركز من عدم الوقوع فى الفتن التى تروج لها جماعة الإخوان، لافتًا إلى أن هذا الدستور من أفضل الدساتير التى وضعت فى تاريخ مصر، ويرى أن التصويت عليه ب«نعم» سيعود بفائدة كبيرة على الوطن، لأنه يهدف إلى خدمة المواطن، وضمان حقوقه المتمثلة فى حق العمل والتعليم والرعاية الصحية والتأمين الصحى وتكافؤ الفرص ومنع التمييز بين المصريين.