رئيس جامعة كفر الشيخ يهنئ المحافظ الجديد بثقة القيادة السياسية    بالصور.. وزير الإسكان يتفقد التشطيبات الداخلية بعدد من الأبراج الشاطئية.. ويتابع موقف تشغيل المنطقة الترفيهية ب"العلمين الجديدة"    هل هناك تغيير في موعد انتهاء تخفيف الأحمال ؟.. متحدث الحكومة يجيب    أوكرانيا: الضربات الروسية تحرم سكان الشمال من المياه والكهرباء    ركلات الترجيح تؤهل إنجلترا إلى نصف نهائي يورو 2024 على حساب سويسرا    نادٍ إسباني يخطف صفقة مانشستر سيتي    النيابة تحقق مع حسام حبيب في اتهامه بالتعدي على شيرين عبد الوهاب    عاجل ورسميا.. فتح رابط بوابة مركز المعلومات نتيجة الدبلومات الفنية 2024 emis.gov.eg خطوات الاستعلام عنها خطوة بخطوة    عاجل.. وفاة مدير التصوير عصام فريد عن عمر يناهز 83 عاما    تركي آل الشيخ: مصر تسبقنا في الخبرات الفنية.. وشراكتنا تهدف للتكامل    الطبيب المعالج لأحمد رفعت: لم يعان من أي خلل وراثي.. وكان على وشك التأهيل بنهاية الأسبوع    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    من مقلب نفايات لمعلم عالمي.. صندوق التنمية الحضرية: حدائق الفسطاط ستكون الأجمل بالشرق الأوسط    إعلام إسرائيلي: زعيم المعارضة يائير لابيد يشارك في مظاهرة تل أبيب    سيخضع لجراحة عاجلة.. «المصري اليوم» تكشف تفاصيل الوعكة الصحية لأحمد سليمان    حمدوك: يمكن الاستمرار في جهود وقف الحرب بالتوازي مع العملية السياسية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024.. أجمل رسائل وصور التهنئة بالعام الجديد    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    رسميًا.. وزير الصحة يعد بإنهاء أزمة نواقص الأدوية في هذا الموعد (فيديو)    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    توطين مليون يهودى فى الضفة «مخطط الشر» لإنهاء حل الدولتين    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    رانيا المشاط.. الاقتصادية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    قافلة طبية مجانية.. الكشف على 706 مواطنين فى إحدى قرى قنا ضمن «حياة كريمة»    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    عماد الدين حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسى    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    وزير الإسكان يتفقد مشروعات تنموية ببرج العرب بالإسكندرية    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصباح" تكشف في تحقيق استقصائى .. شركات أجنبية تتجسس على المصريين بالشيكولاتة
نشر في الصباح يوم 14 - 04 - 2013

استطلاعات رأى تجمع معلومات تبدأ بالشيكولاتة والكرة وتنتهى بالسياسة والاقتصاد
توزيع الاستمارات على المناطق العشوائية والمحافظات.. وراتب الباحث 12 ألف جنيه
محاضرة ترد على أحد المتدربين: «الأسئلة بتييجى من بره ومالناش دعوة
محرر «الصباح» يلتحق بالشركة ويشارك فى جمع الاستطلاعات
المركز القومى لدراسات الرأى يحذر من «أهداف سرية» للمعلومات المراد رصدها

* هل ثمة علاقة ما بين عمليات التجسس والشيكولاتة؟
يبدو السؤال غريبًا، وخارجًا عن كل سياق، لكن مهلًا.. فالمعلومة التى تبدو تافهة وهامشية، قد تصبح بالغة الخطورة، إذا أضيفت إليها معلومة أخرى.

فإن كان الشعب يعشق الشيكولاتة مثلًا، وكانت الشيكولاتة من الصناعات المحلية المهمة، وثمة أزمة نقص فى مخزون السكر أو الكاكاو، فهذا معناه وجود نقص فى الكميات المطروحة بالأسواق.

لكن.. هل هذه معلومة مهمة؟
حتى الآن ليست مهمة، لكن لو نوقشت فى سياق، أن هناك مثلًا مائة ألف عامل، فى مصانع الشيكولاتة، وأن هؤلاء سيفقدون وظائفهم، أو أن واردات الدولة من تصدير الشيكولاتة، تبلغ كذا، وهذا الموارد تخصص لاستيراد القمح مثلًا، فهنا تصبح المعلومة أكثر أهمية.
هكذا.. تتجمع المعلومات الاستخباراتية، والمعلومة البسيطة إلى جوار معلومة أخرى بسيطة، قد تؤدى إلى استخلاص نتيجة مهمة، ذات تأثير كبير على الدولة بشكل أو بآخر.

هذا الحقيقة، كانت وراء تحقيق استقصائي، حول شركة «أ.س» العالمية، التى توزع استمارات، لاستطلاع رأى الشارع المصرى، وتشمل أسئلة تبدأ من عشق الشيكولاتة، وصولًا إلى كرة القدم والفن والاقتصاد وصولًا إلى أسئلة ذات علاقة، بالأوضاع السياسية الراهنة، وهى استمارات تأتى من دولة منشأ الشركة فرنسا.

اختراق الشركة لم يكن عملًا سهلًا، لكنه لم يكن مستحيلًا، فهذه الشركات فى حاجة دائمة إلى باحثين، يوزعون الاستمارات ويجمعون البيانات.
تحتاج «أ.س» إلى شباب دون الثلاثين، من وقت لآخر، والشركة تمارس عملها فى مصر، منذ خمس سنوات، ويديرها أستاذ بالجامعة الأمريكية، اسمه «الدكتور ع-ق-أ»، وتتخذ من أحد الأبنية الكبرى، مقرًا بالمعادى، ولها 83 فرعًا حول العالم، منها فرع فى إسرائيل.

وتمارس الشركة عملًا يبدو فى ظاهره، جمع بحوث واستطلاعات حول المنتجات والشركات، وتستخدم لجمع تلك المعلومات استمارات بيانية، لعمل الإحصاءات حول آراء المواطنين، فى المنتجات أو الجهات HYPERLINK «http://» «blank» مشروع البحث، وخلال الاستمارة، يتم وضع أسئلة يمكن من خلالها قياس الرأى العام، ومؤشرات الأسواق والاقتصاد والحالة الاجتماعية، بالإضافة إلى قاعدة بيانات ضخمة للمواطنين المصريين.

البداية كانت بلاغًا، للنائب العام يحمل رقم 3384، ضد شركة «أ.س» يتهمها بالتجسس، فحاولت الوصول لتفاصيل أكثر عن مقدم البلاغ وملابساته، لكنى لم استطع فقررت التوجه الى المقر الرئيسى للشركة بالمعادى للتعرف على الأمر عن كثب، وحاولت الحصول على عمل داخلها ففشلت فى البداية، ما دفعنى إلى إعادة المحاولة عبر التعرف على أحد موظفى الشركة من ذوى الثقة داخلها.

خمسة عشر يوما بذلت خلالها جهدا مضنيا للتعرف على «سعيد» وهو شاب فى بداية العقد الثالث من العمر ويعمل مدربا بالشركة منذ ثلاثة أعوام، وأقنعته بكل السبل بأن قدراتى الخاصة تتوافق مع هذا النوع من الأعمال.

وبالفعل قدمنى سعيد لشخص آخر يدعى هلال، وهو شاب فى منتصف العشرينات ليتولى أمرى داخل الشركة، وساعدنى فى حضور أول تدريب للباحثين داخل المقر الرئيسى، فى قاعة تدريب بها ثلاثون مقعدًا، يجلس بها قرابة خمسة عشرة شخصا أعمارهم تتراوح بين العشرين والثلاثين، منهم أربعة مدربين، والقاعة مزودة بكاميرات مراقبة وشاشة عرض يقف فى منتصفها مدرب أكبر عمرا لى شرح طريقة إقناع المواطنين بملء استمارات الاستطلاع والإجابة عن الأسئلة الموجودة بها، ومن ثم شرح كل ما يخص «الاستمارة» نفسها محل البحث ويساعده فى الشرح مجموعة من المدربين الآخرين.

استمر التدريب الأول لأربع ساعات متواصلة على كيفية جمع المعلومة عبر «الاستمارة» وكيفية الحديث مع المواطن أو المبحوث، وعندما اعترض أحد المتدربين على بعض الأسئلة الخاصة بقسم «المشاعر» وهى أسئلة توجه إلى العميل حول مدى «عشقه للشيكولاته» قالت المدرب: «إحنا مالناش دعوة هى جاية كدا من بره وإحنا بنعملها زى ما هما عايزين».

وبعد التدريب النظرى أخبرنى سعيد المدرب الأكبر عمرا أن اليوم الأول، انتهى أن على قراءة الاستمارة جيدا، قبل النزول إلى الشارع والعمل ميدانيا على جمع المعلومات، مؤكدا لى أن «هلال» وهو باحث أكثر خبرة، سوف يرافقنى فى اليوم التالى للبدء فى العمل الميدانى، وختم حديثه معى قائلًا: «فقط عليك أن تهدأ وألا تشعر بالخوف فالجميع بدأوا هكذا متوترين وخائفين لكن لن يستغرق الأمر أكثر من جولة واحدة حتى تعتاد الوضع».

جمع المعلومات
صبيحة اليوم التالى التقيت بهلال، فى أحد مقاهى الجيزة ومعه ثلاثة آخرون فى يومهم الأول مثلى تماما، وأخبرنى أنه يعمل فى تلك الشركة منذ ثلاثة أعوام ويتقاضى 12 ألف جنيه شهريا من جمع الاستمارات، حيث تسدد الشركة للباحث عن الاستمارة الواحدة مبلغ 15 جنيه مصرى، وكلما أنجز عددا أكبر كلما زاد دخله، وأكد لى أنه لا يوجد سقف أعلى لعدد الاستمارات التى أستطيع جمعها، ثم قام بتوزيعنا جغرافيا على شوارع الجيزة حاملين الاستمارات التى تتبع قسم الأبحاث، كما يسمونه بالشركة هذا القسم يرأسه «ص.ش» الذى يبلغ راتبه 40 ألف جنيه شهريا ويتنقل بين عدة دول، وهناك أقسام أخرى مثل «الميديا» الخاص برصد الإعلانات و«الكاتى» الخاص بإجراء بحوث عبر التليفون.

ثم شرح لى الاستمارة مرة أخرى ثم انطلقت مع أحدهم لأول تدريب عملى على جمع المعلومات، وكنا نطرق الأبواب ونخبر المواطنين أننا من شركة أبحاث تسويقية.

الكثيرون فى البداية رفضوا الحديث معنا وبعد المزيد من المحاولات التقينا بمن لا يمانعون فى إبداء معلومات شخصية جدا تنتهى بأسئلة ديموغرافية خاصة بالبيانات الشخصية.

فى اليوم التالى استقبلنى «هلال»، بمقر الشركة بعد تغيير منطقة الاستطلاعات من الجيزة إلى المعادى، وهناك كانت بداية العمل الحقيقى، حيث قمت بجمع بيانات لخمس استمارات لم يمانع المبحوثون بها من الإدلاء بمعلومات شخصية عن حياتهم، ومستوى دخلهم الشهرى وهل يملكون «شاليهات» يذهبون إليها فى الصيف أم لا.

كنت أتلقى مكالمة هاتفية من المشرف «كل ساعة تقريبا يسألنى فى لهفة «ماذا فعلت؟».. وبعد أن اطمئن لنجاحى، طلب منى التوجه ناحية ضواحى المعادى بمنطقة «عمر أفندى» وأن أعطى أولوياتى للمناطق الفقيرة والأكثر عشوائية.

مدة المشروع
الاستمارات تأتى من «فرنسا»، حيث مقر الشركة الأم ليترجمها فريق من المتخصصين داخل الشركة حتى تصل إلى الجمهور.

مشروع الاستمارة الواحدة يستغرق شهرًا بحد أقصى؛ لتتغير الاستمارة إلى أخرى بأسئلة جديدة ونطاق مختلف، ومشروعات مختلفة وعمليات تدريب خاصة بالاستمارة الجديدة.

تحتوى الاستمارات على أسئلة من نوع، ما هو رقم هاتفك المحمول؟ ثم «البريد الإلكترونى «ثم أسئلة لها اختيارات متعددة، فعلى سبيل المثال تحتوى إحدى الاستمارات على الآتى:

*اسم المدينة ويتم تقسيمها إلى ريف وحضر.
*نوع السكن سواء كان تمليكًا أو إيجارًا « قديم – جديد» ؟
*عدد حجرات المنزل «حجرة واحدة – حجرتان- ثلاث حجرات – أربعة فأكثر»؟
*عدد أفراد الأسرة؟
*هل هناك عامل أو خادمة فى المنزل؟
*نوع الأجهزة الموجودة فى المنزل «ديب فريزر– غسالة أوتوماتيك - دش- موبيل- فيديو- ثلاجة»؟
*نوع المدرسة «حكومية – تجريبية- عربى – لغات – مدارس خاصة.
*الشهادة الجامعية هل هى من داخل مصر أم من خارجها؟
*هل تملك بطاقة ائتمان؟
*هل لديك شاليه للمصيف خارج القاهرة؟
*هل لديك عضوية فى أى ناد؟
*ما نوع الطبقة الموجودة بالنادى «متوسطة – عالية – منخفضة – نوادى نقابات»؟
*هل سافرت للخارج « للسياحة – الحج»؟
*ما هى وظيفة رب الأسرة ودرجته الوظيفية؟

وتمضى الاستمارة فى محاولة لجمع المعلومات الخاصة، ومنها تنتقل إلى أسئلة على شاكلة هل تتابع القنوات الفضائية الأجنبية؟ وصولًا إلى مستوى الرضا عن الأمور فى مصر، ولا تضع الاستمارة تعريفًا لما تعنيه بكلمة «الأمور»، وما إذا كانت تقصد الأمور الاقتصادية أم السياسية.

كما تستقصى الاستمارة معلومات حول الدخل والتوقعات بشأن زيادته أو نقصانه، خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وبخلاف المشاريع القادمة من الخارج، تتعاقد الشركة من حين لآخر، مع شركات مصرية أخرى لإجراء بحوث تسويقية لها حول السوق المصرى وعلى رأسها: شركات المياه الغازية والهواتف المحمولة الثلاث.

وأثناء عملى قمت باستلام 300 استمارة» خاصة بمشروع قدمته إحدى شركات الاتصالات المصرية التى تتعامل مع الشركة، تحمل أسئلة خاصة بالعروض والخصومات التى ستقدمها الشركة ومدى قبول المواطنين لها.

وهناك نوع آخر من الاستمارات يبلغ حجمها 140 ورقة يملؤها العميل مقابل «هدايا» خاصة من الشركة منها: الموبايلات والريسيفر والآى باد وتقدم لشرائح خاصة فى المجتمع، كرجال الأعمال، وتحصل الشركة من خلالها على معلومات لقياس الرأى العام.

وبعد الانتهاء من جمع الاستمارات الخاصة، بكل مشروع يتم جمع النتيجة، من خلال أرقام تكتب إلى جانب كل سؤال وبجمع الناتج، يتم وضع «المبحوث» فى الاستمارة إلى الشريحة الخاصة به، والشرائح مقسمة إلى ثلاث فئات فقيرة ومتوسطة وغنية.

وتحذر الشركة المتدربين من أن يتم إجراء هذه الاستطلاعات مع أى من الصحفيين أو الإعلاميين، وعندما استفسرت من المشرف عن السبب قال: «حتى لا يتم نقل تفاصيل الاستمارة إلى شركات أخرى منافسة، فتعرف محتواها».

وبعد شهر ونصف من العمل صباحا ومساء بأقصى جهد للحصول على ما يسمى ب «كود الباحث» للدخول إلى المرحلة الثانية والأهم من العمل، بما فيها من ترقى وظيفى، وإجراء استطلاعات رأى فى المحافظات.

وبالفعل تم اختيارى للسفر إلى الإسكندرية ثم طنطا والمنصورة فى ثلاثة أيام لجمع ما يزيد على 300 استمارة بمعدل 100 استمارة لليوم الواحد، وأخبرونى قبل السفر انهم استخرجوا لى «كارنيه الباحث» وهو عبارة عن كارنيه مدون به رقم الكود «13477» ووظيفتى باحث.

مشروع الشيكولاتة
الاستمارة الخاصة بالمشروع قيد البحث أثناء السفر إلى ضواحى الأقاليم، كانت عن «الشيكولاتة» ومدى إقبال المواطنين فى الأقاليم عليها؟ وما هى الماركات المفضلة لديهم؟ وماذا عن الأنواع الأغلى ثمنا؟ ومعدلات شرائها؟

وكانت الاستمارة مقسمة إلى أربعة أبواب منها قسم الإعلانات وهو الخاص بمدى متابعة إعلانات الشيكولاتة فى التليفزيون ومدى استيعاب العميل للرسائل الإعلانية، حيث يسأل المبحوث «ما هى الرسالة التى يريد الإعلان توصيلها؟ وهل اقتنعت بها؟»
وهناك قسم آخر خاص بالاستهلاك ويخص القدرة الشرائية وعدد مرات الشراء يوميا أو أسبوعيا؟ ثم أسئلة حول المشاعر تجاه الشيكولاتة، ومدى عشق المبحوث لها، ثم البيانات»الديموغرافية» التى يرصد من خلالها العنوان والتليفون وكافة البيانات الخاصة بالعميل.

ومع الاضطراب الذى عاشته مصر، عقب إصدار الحكم فى مذبحة بورسعيد، بدأت الشركة توزع استمارات حول «الأولتراس»، وتحديدًا حول مدى عشق جمهور النادى الأهلى له، والمفارقة أن الاستمارات التى سعت إلى رصد هذا الأمر، كانت موجهة لأسئلة حول عروض شركات الهواتف، وكانت الأسئلة تستقصى هذا الأمر، ثم تنحرف إلى قضية الأولتراس.

واهتمت الاستمارات برصد مواقف مشجعى الأهلى فى حال فوز فريقهم ببطولة ما، وهل يفضلون الاحتفال فى الشارع؟ وإلى أى مدى يحبون فريقهم؟ وما مدى استعدادهم لتقديم أى شىء مقابل الفريق الذى يشجعونه؟ وكم حجم الأموال التى ينفقونها شهريا على الاتصالات؟ وأكثر الساعات التى يتحدثون فيها وإلى من يتحدثون؟، الأغرب هو أن عدد استمارات هذا المشروع كانت 300 استمارة فقط، ومطلوب الانتهاء منها بشكل عاجل.

«الشركة» من الداخل
تحتل شركة «أ.س» دورا بالكامل فى الطابق السابع فى أحد الأبراج الشاهقة بالمعادى، الدور مقسم الى 10قاعات، منها قاعتان للتدريب مساحة كل منهما حوالى 15 مترا بها 25 مقعدا، وشاشة عرض وكاميرات مراقبة، وللقاعتين نفس الشكل والسمات، بالإضافة إلى غرف عمليات إعداد ومتابعة الاستمارات.

وهناك فريق عمل يتولى التحقق من «منطقية الاستمارة» كما يطلقون عليها بالشركة، وتعنى منطقية الاستمارة مدى صراحة «المبحوث» فى الإجابة على الأسئلة، فقد تكون هناك إجابات غير منطقية لذا يجب أن يراجعوها ويقومون بتصحيحها حتى تصبح سليمة، على سبيل المثال قد يجيب أحدهم عن السؤال الخاص براتبه وأنه لا يتجاوز ال 1000 جنيه ثم يتحدث عن شرائه يومياً ماركات شيكولاته يتجاوز سعرها ال 20 جنيها، ومهمة فريق المراجعة آنذاك هى التحقق من تلك الإجابات وتعديلها لتتسق مع بعضها حتى تكون «منطقية» وتعبر عن الحالة الاجتماعية الحقيقية للمبحوث، وقد يرفض المراجع الاستمارة ويدون عليها أنها «غير صالحة» إذا وجد أن هناك الكثير من الإجابات غير منطقية، أو إذا وجد أن هناك أخطاء تتعلق بالباحث فيما يتعلق بجمع المعلومات أو إذا وجد أسئلة داخل الاستمارة لم تتم الإجابة عليها.

إلى جانب تلك الغرفة توجد حجرة لرؤساء الأقسام ويتواجد بها ما يقرب من 5 أشخاص هم رؤساء أقسام «الأبحاث»، و«الفيلد»، و«الكاتى» و«الكول سنتر» وإلى جوارها توجد غرفة عملية «متابعة الاستمارة» والتحقق من البيانات، وقد تتبعت عمل هذه الغرفة، لأعرف ما هو نوع المعلومات التى ترصدها وتتحقق منها، حيث يعد عمل تلك الغرفة هو المرحلة الأخيرة بعد مراجعة الاستمارة، والمتابعة يقوم بها فريق من 12 فتاة فى العشرينات من العمر، يتحققن من البيانات التى تم جمعها عن طريق الاتصال بالشخص المبحوث وسؤاله عن الإجابات المكتوبة فى الاستمارة، وهل هناك «باحث» من الشركة أتى إليه؟ وما هى المدة التى استغرقها الباحث معه؟

وإلى جانب غرفة «المتابعة» توجد قاعة «الكول سنتر» وهى أكبر القاعات فى الشركة يصل طولها إلى 15 مترًا وعرضها 5 أمتار، مليئة بأجهزة الكمبيوتر، ويجلس بها فريق من الباحثين القدامى مهمتهم إجراء البحوث عبر الهاتف، وعندما سألت المشرف الخاص بى فى قسم الأبحاث عن كيفية حصولهم على قاعدة بيانات بأرقام الهواتف، قال لى: إن لديهم قائمة بجميع هواتف المصريين، ويعملون على إجراء نفس الاستطلاعات التى نقوم بها لكن عن طريق الهاتف.
جميع الطرقات بالشركة مزودة بكاميرات، وهناك غرف تم تخصيصها لوضع آلاف النسخ من الاستمارات المليئة ببيانات المصريين.


رئيس الشركة الدكتور «ع.ق.ا» المصرى الجنسية بدأت علاقته، بشركة «أ.س» العالمية، لجمع المعلومات واستطلاع الرأى بالصدفة، حيث إنه بدأ بشركة من «حجرتين» يعمل فيها بمفرده بصحبة ثلاثة آخرين، حتى علمت شركة «أ.س» بالأبحاث التى كان يجريها فطلبت ضم شركته لها، ليصبح من الأغنياء فى سنوات قليلة ويمتلك أحدث السيارات وأغلاها ثمنا- على حد وصف العاملين بالشركة- ودائم السفر إلى الخارج، إضافة إلى علاقاته الدولية لكونه أستاذًا فى الجامعة الأمريكية.

وللشركة 83 فرعًا تشمل معظم بلدان أوروبا، وحوض البحر الأبيض المتوسط، وعددًا من دول القارة السمراء والخليج العربى وأمريكا اللاتينية ومصر وأيضا إسرائيل، والغريب فى الأمر أن كل هذه الشركات موجودة فى نفس عدد الدول ونفس التقسيمة الجغرافية، ونفس الدول العربية محل البحث وهى الجزائر والبحرين ومصر والكويت ولبنان وليبيا وقطر والمغرب وتونس والإمارات والسعودية.

كل هذه الملابسات الغامضة والغريبة، تدفع إلى السؤال: هل هذه الشركات تابعة لأجهزة استخبارات خارجية؟ هل يتم تدوال هذه المعلومات بالخارج لتهديد الأمن القومى المصرى؟ أم أن هذه الشركة وغيرها مجرد شركات بحوث تسويقية عادية؟ الإجابة على هذه الاسئلة المهمة، أتيحت بعد حوالى شهرين ونصف من العمل بالشركة، حصلت بعدها على عدد متنوع من الاستمارات، التى تستخدم لجمع المعلومات وذهبت بها إلى المركز المصرى لدراسات الإع ام والرأى، وهو أحد أهم مراكز الدراسات الخاصة التى تعتمد عليها مؤسسة الرئاسة فى العديد من التقارير والدراسات تحديدا فى الفترة الأخيرة وتم الاطلاع على عينة البحث بتحليل تلك الاستمارات والمعلومات التى يتم رصدها من قبل المواطنين وطريقة الخرائط التى يتم توزيع الباحثين بها، وكانت المفاجأة أن التقرير نص على الآتى: بناء على الطلب المقدم من محمد سليمان الصحفى بجريدة « الصباح » بكتابة تقرير حول عدد استمارتى استبيان تخصان إحدى الشركات التسويقية الأجنبية العاملة فى مصر، وقد طلب حجب اسم الشركة من قبل مقدم الطلب الذى قدم استمارة استبيان خاصة بالسيارات مكونة من عدد « 14 ورقة » على الوجهن، واستمارة استبيان خاصة بالشيكولاته مكونة من عدد « 22 ورقة » على الوجهين، وقد تبين لنا أن المعلومات المطلوب استيفاؤها من المبحوث تزيد على الحاجة الفعلية للدراسات التسويقية بشكل ممنهج ويدل على وجود أسباب أخرى من وراء هذه البحوث.

كما تبين أن هذه المعلومات الزائدة على متطلبات الدراسات التسويقية يمكن تحليلها والربط بينها لاستخراج مؤشرات عن المجتمع المصرى تضر بالأمن القومى، كون الشركة صاحبة الاستمارات محل التحليل شركة أجنبية وحسب تحليلنا ل استمارات، فمن المرجح أن تكون إحدى الأذرع الاستخباراتية لدول معادية تستغل إجراءها لهذا النوع من الدراسات لجمع معلومات مخابراتية.

ماجد عثمان: معظم الشركات الغربية لها علاقة بإسرائيل
الدكتور ماجد عثمان الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، رأى أن الاستمارات تسير وفق منهج أكاديمى ولا يوجد فيها ما يثير الشك، حتى أن البيانات الديموغرافية لا تعد خطرا على الأمن القومي، خاصة أن تلك البيانات من الممكن الحصول عليها بسهولة من بيانات التعداد السكانى وهى معلومات متاحة للجميع.
وقال: تلك الاستمارات من نموذج «استمارة الشيكولاتة» تعنى بالدرجة الأولى البحوث التسويقية وقياس مؤشرات الأعمار وحالة السوق ورغبات المستهلك، إلا أن المشكلة الحقيقية هى فى الاستطلاعات السياسية والدينية، حيث تقدم جهة البحث أو الشركة استمارات الأبحاث إلى الجهاز المركزى والتعبئة العامة والإحصاء، ثم يقوم بعرضها على المخابرات لتحدد صلاحية هذه الاستمارات أو الأبحاث أو ترفضها، وفى حالة رفضها لا يصدر جهاز المخابرات أى تعليق وهذا يعنى أنه تم رفضها.
وهذا النظام تعود جذوره إلى مرحلة الستينيات، التى كان يصعب فيها إجراء أى مقابلات أو استطلاعات سوى عن طريق المقابلة الشخصية.
أما الآن فتجرى استطلاعات الرأى عبر الهاتف، وهو ما لا يمكن رصده من قبل المخابرات أو جهاز التعبئة العامة والإحصاء، بمعنى أوضح أن الأبحاث التى ترفضها المخابرات تجرى عن طريق الهاتف دون موافقتها أو موافقة جهاز التعبئة العامة والإحصاء.
وقال إن المخابرات لا تستطيع منع هذه الشركات والجهات من مزاولة نشاط الاستطلاعات والدراسات، وقد تكون هناك مراكز إسرائيلية تجرى أبحاثًا عبر الهاتف من عواصم عالمية ولا تستطيع المخابرات رصدها ومن أمثلة هذه المراكز الأمريكية الجنسية gallupK، وPEW حيث أجرتا أبحاثًا عن المؤسسة العسكرية فى مصر عبر مقابلات فردية، ولو تقدم أى مركز دراسات مصرى أو حتى جامعة القاهرة سوف يتم رفض الأسئلة.
ومن أمثلة الدراسات التى تم إجراؤها عن طريق المقابلة الشخصية «دور الحكومة فى مساعدة الفقراء» ، و«استطلاع رأى المصريين حول زيادة المعونات الخارجية لمصر»، و«استطلاع رأى بعد مرور عام على الثورة المصرية حول تسليم الجيش للسلطة»، و«رؤية عامة للعنف السياسى فى الغرب والعالم العربي»، و«الشراكات العامة والخاصة فى إطار العلاقة بين الإسلام والغرب»، و«مصر من التحرير إلى التحول» ، و«تصورات العلاقة بين الإسلام والغرب»، و«استعادة الكرامة هل كانت السبب وراء ثورة الوطن العربي»، و«تضمين المواطن فى الشرق الأوسط».
خبراء أمنيون: لا نستبعد دور الموساد
رجح اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات السابق، ومسئول الملف الإسرائيلي، بجهاز المخابرات، إن الاستمارات التى يتم توزيعها تستهدف إنشاء قاعدة معلومات، لدى دول متربصة، مشيرًا إلى أن أجهزة المخابرات تستخدم مثل هذه الشركات ساترًا لتجمع من خلالها المعلومات.
وقال:«ليس بالضرورة أن تستفيد هذه الشركات، بكل المعلومات التى تحصل عليها، إلا أن هناك أسئلة ترصد إجابات معينة تكشف مؤشرات عن الوضع فى البلاد المستهدفة، موضحًا أن «أكثر الأنظمة استخداما لهذا الأسلوب هى ال «سى آى إيه» جهاز المخابرات الأمريكى والموساد جهاز المخابرات الإسرائيلي».
وأشار إلى أن مصر ليس لديها قواعد معلومات ما يجبر أى مستثمر أجنبى على التوجه إلى سفارتى الولايات المتحدة أو إسرائيل، للحصول على معلومات يحتاجها.
من جهته أكد اللواء عبد الحميد عمران رئيس جهاز مكافحة التجسس السابق أن الأسئلة التى تتضمنها الاستمارات يمكن أن تكون ذات أهداف استخباراتية.
وقال :هذه الطريقة تعود فى أصلها إلى إسرائيل حيث كانت تقوم بضبط الهاربين الفلسطينيين بواسطة جمع المعلومات عن الأقارب من الدرجة الثانية والثالثة.
وقال إن الأكثر فى خطورة فى الأمر هو أن تلك الشركات تمارس «البيزنس» ومن ثم لا شيء يردعها عن بيع المعلومات لأى جهة تريدها حتى إسرائيل ولهذا لابد من التحقيق مع هذه الشركات فى خط سير المعلومات التى تجمعها وأين تذهب بها؟
وأكد أن جميع المعلومات مهما كانت تافهة، يمكن أن تستخدم ويكون لها دور، فى عالم المخابرات، موضحًا أن استمرار هذه الشركات فى العمل فى الوقت الراهن يمثل أمرًا غريبًا فى ظل الأوضاع المضطربة التى تمر بها مصر.
عامر: التجسس الاقتصادى من آليات الحرب الحديثة
قال الدكتور عادل عامر أستاذ القانون العام، والخبير بالمعهد العربى الأوروبى للدراسات الإستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية، ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية: إن هذا النوع من جمع المعلومات يسمى بالتجسس الاقتصادى، وتقوم به بعض الشركات المتخصصة التى تريد أن تسيطر على نوعية معينة من المنتجات فى مناطق معينة، ويهمها فى المقام الأول جمع المعلومات الاقتصادية التى من خلالها يمكن وضع خطط متعددة للسيطرة على السوق، ومن خلال هذه الآليات يتم رصد مستوى دخل المواطنين.
ويعتبر التجسس الاقتصادى من آليات الحرب الاقتصادية الحديثة، الشرعية وغير الشرعية، ومن أسلحتها الشركات متعددة الجنسيات، والقانون فى عمليات التجسس يأخذ فى الاعتبار المعلومات التى تضر بالأمن القومي، وتقديم فاعلها للمحاكمة للنظر فى الشق الجنائي.
وأكد أنه طالما هناك موافقات ينتفى القصد الجنائى العام، لأن الدولة رأت أن هذا النشاط لا يضر بالأمن القومي، ويجب أن نفرق بين التجسس الاقتصادى والذكاء الاقتصادى، بمعنى أنه فى التجسس الاقتصادى إذا تم الحصول على المعلومات دون علم أو رضا الطرف الآخر يعد جريمة، أما الذكاء الاقتصادى فهو الخاص بتقنيات جمع وتحليل المعلومات من أجل التحكم فى السوق، وهذا يكون من خلال شركات دولية ومنظمات أهلية وجمعيات حقوقية، ولا تعد كل معلومة اقتصادية، أو بحثية تضر بالأمن القومي، والمعيار والفاصل فى ذلك هو الذى تضعه الدولة وتحدده أجهزة المخابرات، وتعتبر هذه المعلومات نسبية، بمعنى أنه إذا كانت المعلومات ليست من قبل مخابرات دولة أخرى فيكون هذا العمل مباحا، وقياسا على ذلك إذا كانت هناك شركات تسويق خاصة تمارس أعمال استطلاعات بشكل منفصل عن جهاز مخابرات الدول المستطلعة، لا يعد هذا الأمر تجسسًا أو مخالفًا للقانون.
وقال: إذا كانت هناك شركة تسويق تريد معلومات عن دول الشرق الأوسط هى السلع التى يتم ترويجها بشكل كبير فى هذه الدول، مثل قضية المهندس الفيلالى لم يقدم معلومات عسكرية وقدم معلومات علمية، لذا فإن الأمر لا يقتصر على المعلومات العسكرية فقط، وجهاز المخابرات هو من يحدد، وما يحذر منه القانون هو عدم وجود أى شخص مجند من قبل أجهزة مخابرات بينما لم يتحدث عن شركات تبيع المعلومات لأجهزة مخابرات قانون الشركات المساهمة المصرية 59 لسنة 1981، وقانون شركات الاستثمار، وقانون الشركات المتعددة الجنسيات، وتندرج شركات الأبحاث الأجنبية تحت قانون الشركات المتعددة الجنسية قانون ضمانات حوافز الاستثمار.
وقال إن مصر لا يوجد بها قانون لتحديد معايير هذه المعلومات، حيث تخضع كل معلومة للجهة التابعة لها تحدد مدى أهميتها وخطورتها، إضافة إلى أنه لا يوجد أى قانون يجرم بيع المعلومات لأجهزة مخابرات.
أما عن التوزيع الجغرافى للدول العربية المختارة، فأكد عامر أن هذه الاختيارات لها أكثر من مدلول منها هو المحور السنى والشيعي، والخريطة الاقتصادية للمحورين خاصة أن خريطة المحورين هى التى سوف تشكل مستقبل الوطن العربي، واستبعاد سوريا له أكثر من بعد، منه هو علاقاتها الاقتصادية القوية مع إسرائيل.
محرز: استبعاد الإعلاميين مثير للريبة
أكد الدكتور محرز غالي، أستاذ بحوث استطلاعات الرأى بكلية الإعلام، جامعة القاهرة، أن جميع الدراسات التسويقية، واستطلاعات الرأى الخاصة برصد اتجاهات المستهلكين، لا تستبعد آراء الإعلاميين قائلًا: إن استبعاد آراء الإعلاميين «مثير للشكوك» فى البحوث التى تجريها شركة «أ.س».
وقال: إن تمويل أى مركز بحثي، يجب أن يكون معروفا علنا، ولصالح أى جهة يصدر استمارات البحث، ويجب أن تتولى وزارة التعاون والتضامن، مهمة استصدار تراخيص العمل له، وأن يتم تسجيل الاستمارات فى جهاز التعبئة العامة والإحصاء وهو الجهاز المنوط به رصد الاستطلاعات والبحوث، حتى لمراكز الأبحاث المصرية والمعترف بها ومراكز أبحاث الجامعات المصرية لضمان أن هذه البيانات والمعلومات لا تمس الأمن القومي.
ولم يستبعد غالى وجود بعض مراكز البحوث التى تمارس عملًا استخباراتيًا، وبعضها يعمل على تجنيد باحثين من أعضاء البعثات العلمية، يتم توظيفهم بشكل غير مباشر، وبعض مؤسسات الإعلام ايضا يتم توظيفها بشكل غير مباشر من خلال المنح والقروض أو الترويج لنماذج معينة، إلا أنه فى جميع الأحوال لا يتم استبعاد الإعلام والصحفيين من أى استطلاعات.
وقال:إن عمل الاستخبارات أمر متفق عليه ومسكوت عنه ضمنيا فى إطار السياسة الدولية، وكل دولة لها مصالح لا يمكن أن تتوقف عن التجسس عن الدول الأخرى، وحذر من أنه بالنسبة لمصر، لا يمكن أبدًا أن نستبعد المصالح الإسرائيلية، خصوصًا أن مصر فى حالة سيولة سياسية، وهى تمر بمرحلة بالغة الالتباس بعد الثورة.
وأضاف أن فكرة العمالة والتجسس قائمة بقوة، وتمارسها مراكز أبحاث وتسويق، ومراكز أجنبية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية التى تعمل على تقديم قروض ومنح للمناطق الفقيرة فى الصعيد، وخلال توقيع هذه القروض تجرى أبحاثًا عن المستويات الاقتصادية والميول والتوجهات السياسية فى داخل ضواحى الصعيد، وهذا الحديث ينطبق على العديد من منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية التى تعمل فى مجال التنمية ولها أنشطة فى جمع المعلومات ورصد طبقات المجتمع، والمخابرات لديها علم بهذه المنظمات.
وقال: معظم شركات التسويق الأجنبية تستهدف جمع معلومات عن حالة السوق والوضع الاقتصادى لتصل الى مؤشرات عن وضع السوق وقدراته والقدرات الشرائية للأفراد، وتستغلها للسيطرة على الاقتصاد وتستطيع اختلاق أزمات أو إحداث هزات للتحكم فى تماسك السوق وقدرته على الحركة ومواجهة الأزمات، ودور وكلاء أجهزة المخابرات لا ينحصر فقط على البعد السياسى أو الجوانب الأمنية.
وأضاف: فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وأثناء أحد لقاءاته بالرئيس الروسى طلب منه شحنة صواريخ فقال له الرئيس الروسى: «أخشى أن يسخط الشعب المصرى على الحكومة الروسية بسبب تدخلها فيما يخص الجيش المصري»، فقال عبدالناصر إن روسيا صديق حليف لمصر.. فأجاب الرئيس الروسي: أنا أمتلك معلومات وبيانات حصلت عليها بعض الأجهزة تقول إن اهالى المحلة الكبرى يرفضون النفوذ الروسى فى مصر.
الأوضاع الاقتصادية.. أهم المعلومات الاستخباراتية
رغم اختلاف أدوات التجسس، تبقى المعلومات المراد جمعها، شبه واحدة، وتركز أجهزة الاستخبارات بشكل خاص على المعلومات ذات العلاقة بالاقتصاد ومن ثم القوات المسلحة.
ففى قضية عزام عزام، استخدم الموساد الإسرائيلى، عماد عبدالحميد، ليزود إسرائيل بالمعلومات حول أوضاع مصانع مدينة السادس من أكتوبر، وجعلت من مصنع للملابس غطاء له، وكانت تستخدمه زهرة يوسف جريس إحدى المتهمات فى القضية بعد قبوله التعاون مع المخابرات الإسرائيلية عن عدد المصانع بمدينة العاشر من رمضان وعن حجم العمالة بها ومتوسط أجور العاملين وما يتم إنتاجه فى تلك المصانع والدول التى تشترى ما ينتج بها.
كما اهتم الموساد برصد أسباب بيع شركات القطاع العام ومن يقوم بالشراء وعن أحوال المصريين العاملين بالأردن وكيفية دخولهم لبنان، وعن أسماء الدول الأجنبية التى تقدم معونات لمصر وعن رأى الشعب المصرى فيما أسفرت عنه نتيجة الانتخابات الإسرائيلية وعن الإجراءات الأمنية التى يتم اتخاذها من قبل المصريين الذين يسافرون لإسرائيل وقدمت له مبالغ مالية 650دولارا.
كما تم تجنيد سمحان موسى تحت غطاء شركة مقاولات، وكان سمحان أول تاجر مخدرات يتم تجنيده من قبل الموساد للحصول على معلومات عبر غطاء شركة مقاولات كانت تنفذ أعمالا إنشائية تعرف خلالها على ضباط موساد وأنشأ معهم علاقة، واتفق معهم على تقديم معلومات هامة مقابل صفقة مخدرات، كانت المعلومات المطلوبة من سمحان تتعلق بالوضع الاقتصادى لمصر وحركة البورصة المصرية وتداول الأوراق المالية، والحصول على معلومات تخص بعض رجال الأعمال المصريين والأجانب فى مصر.
أما الغطاء فى قضية تجسس شريف الفيلالى فكان شركة زراعية، تم الكشف عن قضية الفيلالى عندما فشل فى تعلم اللغة العبرية ثم سافر إلى إسبانيا وتزوج من امرأة يهودية مسنة، ثم تعرف على «جريجوى شيفيتش» الضابط بجهاز المخابرات السوفييتى السابق والمتهم الثانى فى القضية، وعلم منه أنه يعمل فى تجارة الأسلحة، وكشف له عن ثرائه الكبير، ثم طلب منه إمداده بمعلومات سياسية وعسكرية عن مصر وبمعلومات عن مشروعات استثمارية منها ما هو سياحى وزراعى بمساعدة ابن عمه «سامى الفيلالى»، وكيل وزارة الزراعة، وكذلك معلومات تتعلق باقتصاديات النشاط الحكومى والنمو التجارى فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، ومن خلال الشركة المزمع بناءها كان المطلوب منه جمع معلومات تتعلق بمشروع توشكى ومعرفة ما إذا كان متعثرا من عدمه‏،‏ وما بذلته الدولة من عناية تجاه هذا المشروع.
خبراء يرصدون ثغرات بقوانين جمع المعلومات
أكد خبراء قانونيون أن هناك ثغرات قانونية بشأن جمع المعلومات، منها أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لم يتطرق فى قوانينه إلى الاستطلاعات عبر الهاتف، الأمر الذى يسمح للشركات الأجنبية، بإجراء هذه الاستطلاعات دون الحصول على موافقة من الدولة.

وقال الدكتور ماجد عثمان إن هناك شركات بحوث رأى أجنبية ومنها إسرائيلية الجنسية تجرى أبحاثًا عبر الهاتف ومنها مركزا « جالوب » و « بيو » وقد أجرتا ما يزيد عن 25 بحثًا منها أبحاث خاصة ، بالمؤسسة العسكرية وتتحدث عن تسليم الجيش للسلطة فى العام الماضى، علاوة على ذلك فإن جهاز التعبئة العامة والإحصاء يسمح لجهات أجنبية بإجراء بحوث خاصة بالسياسة والدين ولا يسمح للجهات المصرية بذلك.

ولا تقتصر الثغرات القانونية على ذلك فقط، فقانون تنظيم الشركات المتعددة الجنسية لا يمنع بيع المعلومات، طالما أن الشركات غير تابعة لأى جهاز مخابراتى. وقال الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون العام: إنه طالما أن الجهة غير تابعة لجهاز مخابرات فلها الحق فى جمع أى معلومات وبيعها ولا يجرم بيعها لجهاز مخابرات طالما أن لديها التصاريح الرسمية والأوراق القانونية للشركات المتعددة الجنسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.