وضعت ألمانيا الحكومة البريطانية في مأزق بعد قرار برلين وقف بيع أسلحة للسعودية في أعقاب جريمة قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، في حين دعا السيناتور الجمهوري راند بول الولاياتالمتحدة إلى الانضمام لألمانيا في وقف مبيعات السلاح للمملكة، في الوقت الذي أكدت فيه صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن تأثير الحظر الذي فرضته ألمانيا على تصدير الأسلحة إلى السعودية أكبر مما كان متوقعاً. وذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية اليوم الثلاثاء أن بريطانيا حثت ألمانيا على استثناء المشروعات الدفاعية الكبيرة من مساعيها لوقف مبيعات الأسلحة للسعودية وإلا تضررت مصداقيتها التجارية، بحسب رويترز. وتشكل ألمانيا أقل من 2% من إجمالي واردات الأسلحة السعودية، وهي نسبة ضئيلة على المستوى الدولي مقارنة مع الولاياتالمتحدةوبريطانيا، لكنها تصنع مكونات تستخدم في عقود تصدير من دول أخرى. ويشمل ذلك اتفاقاً مقترحاً بقيمة عشرة مليارات جنيه استرليني لبيع 48 مقاتلة تايفون جديدة من بريطانيا للسعودية. يذكر أنه عندما وافقت الرياض على صفقة شراء أكثر من 70 مقاتلة يوروفايتر من بريطانيا قبل عشر سنوات، لم يشتروا الطائرات فقط ولكنهم حصلوا على صفقة كاملة تشمل تدريب الطيارين وصيانة الطائرات على مدى زمني طويل، ولصيانة المقاتلات السعودية، يجب على الشركة البريطانية استبدال قطع لم يعد من السهل الحصول عليها من الجانب الألماني. وقالت دير شبيجل إن وزير خارجية بريطانيا جيريمي هنت قال في رسالة إلى نظيره الألماني هايكو ماس "أشعر بقلق بالغ من تأثير قرار الحكومة الألمانية على قطاعي الصناعات الدفاعية البريطاني والأوروبي والعواقب على قدرة أوروبا على الوفاء بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي". وأوضح هنت أن شركات الصناعات العسكرية البريطانية لن تتمكن من الوفاء بعدة عقود مع السعودية مثل نموذج جديد من المقاتلة يوروفايتر يسمى تايفون أو المقاتلة تورنيدو، حيث يشمل القرار الألماني أجزاء تدخل في تصنيع الطائرتين. وذكرت المجلة أن هنت قال "من الضروري أن تبادروا على الفور بإعفاء المشروعات الدفاعية الكبرى مثل يوروفايتر وتورنيدو من حظر الأسلحة"، قائلاً إن عدم فعل ذلك من شأنه أن يعرض للخطر مصداقية ألمانيا كشريك، مؤكداً أن قرار الحكومة الألمانية وقف صادرات الأسلحة للسعودية سيؤدي إلى خسارة إيرادات بقيمة 2.3 مليار يورو للشركات الدفاعية الألمانية بحلول عام 2026. ولم تطلع رويترز على الرسالة، كما امتنع متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية عن التعليق. كان مسؤول كبير في شركة إيرباص قد قال يوم الجمعة إن وقف ألمانيا الصادرات إلى السعودية يمنع بريطانيا من إتمام بيع 48 مقاتلة يوروفايتر تايفون للرياض، كما أخر مبيعات محتملة لأسلحة أخرى مثل طائرة النقل العسكري إيه-400إم. وفي سياق متصل قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، بحسب الجزيرة نت، إنه اتضح أن تأثير الحظر الذي فرضته ألمانيا على تصدير الأسلحة إلى السعودية أكبر مما كان متوقعاً، حيث أن الحظر لا يسري فقط على المعدات والقطع الكبيرة تامة التصنيع مثل السفن، ولكنه شمل أيضاً المكونات ذات التقنية المتقدمة التي تدخل في تصنيع معدات دفاعية تنتجها شركات السلاح الأوربية. كانت ألمانيا قد قالت في نوفمبر الماضي إنها سترفض منح تراخيص لتصدير أسلحة في المستقبل للسعودية بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ولم تحظر ألمانيا رسمياً الاتفاقات التي جرى التصديق عليها سابقاً، لكنها حثت القطاع على الامتناع عن تسليم مثل تلك الأسلحة في الوقت الحالي. وأشارت واشنطن بوست إلى أن الحظر الألماني أثار قلق بريطانيا وفرنسا، شريكي ألمانيا في عدة مشروعات لإنتاج الأسلحة والطائرات، ونقلت عن مسؤولين في شركة "بي أيه إي سيستمز"، وهي أكبر شركة بريطانية لإنتاج الأسلحة والمعدات الدفاعية، أن الحظر الألماني سيؤثر على حصولهم على القطع المهمة التي تنتج في ألمانيا والخاصة بالمقاتلة "يوروفايتر تايفون" وكذلك صواريخ جو- جو التي تستخدمها تلك الطائرات. وقبل أسبوع، صرح المدير التنفيذي لإيرباص توماس إندرز لوكالة رويترز بأن (الحظر) يدفعنا للجنون في إيرباص منذ سنوات، عندما يتعلق الأمر بجزء بسيط يتم تصنيعه في ألمانيا يدخل في صناعة المروحيات على سبيل المثال، يعطي الجانب الألماني لنفسه الحق في حظر بيع مروحية فرنسية على سبيل المثال. يذكر أن المقاتلة "يوروفايتر تايفون" والصواريخ تنتج عبر مشروع مشترك تساهم فيه شركة إيرباص، التي تمتلك ألمانيا أسهماً بها.