ليس صدفةً أنْ تُعلِن إسرائيل وبصورةٍ لا لبس فيها أنّ حزب الله اللبنانيّ، بحسب التقدير الإستراتيجيّ للأجهزة الأمنيّة في تل أبيب، هو العدّو الأوّل للدولة العبريّة، قبل الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وقبل حركة حماس في قطاع غزّة، وذلك للسنة الثانية على التوالي. ومع أنّ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ب"جلالته" و"عظمته" أمر الوزراء بالتزام الصمت وعدم "الانجرار" وراء الحرب النفسيّة، وانبرى بنفسه لشنّ هجوم تهديدٍ ووعيدٍ ضدّ حزب الله، إلّا أنّ هذا لا ينفي بأيّ حالٍ من الأحوال، أنّه في المعركة على كيّ الوعي، انتصر حزب الله، الذي أرعب الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا. وفي هذا السياق، يُشير كبار المُحلّلين في إسرائيل إلى أنّ المعركة ضدّ حزب الله لا تقتصِر على الجانب العسكريّ-الأمنيّ، بل ربمّا الأهّم من ذلك، الحرب الشرسة على الرأي العّام، خصوصًا وأنّ تل أبيب تُقّر وتعترف بأنّ الحزب يُمارِس هذه الحرب ببراعةٍ ودقّةٍ، ويتبيّن من منشوراته وخطابات أمينه العّام، السيّد حسن نصر الله، أنّه يعرف الكثير عمّا يدور داخل المجتمع الإسرائيليّ، الذي نعته نصر الله في أحد خطاباته ب"مجتمع الإسبريسو"، أيْ القهوة الإيطاليّة، في إشارةٍ إلى ضعفه ووهنه. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، رأى موقع "راديو 93" العبريّ أنّه يجب الأخذ بالحسبان أنّ حزب الله ينجح في نقل جزءٍ من السلاح إلى جنوبلبنان، فيما قال وزير السياحة في الحكومة الإسرائيليّة، ياريف ليفين، خلال حديثٍ إذاعيٍّ إنّ صراعنا في نقل السلاح مُعقّد ومحفوف بالمخاطر، مضيفًا في الوقت عينه أنّه ليس لدى إسرائيل خيار في هذه المسألة، بحسب تعبيره. بدوره، اعتبر معلّق الشؤون العربيّة في شركة الأخبار الإسرائيليّة (القناتان 12 و13 بالتلفزيون العبريّ)، المُستشرِق إيهود يعاري، أنّ الأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، تحدّث في خطابه الأخير الأسبوع الماضي في الواقع بشكلٍ واضحٍ وبسيطٍ وحماسيٍّ وفق أسلوبه عمّا يجب علينا جميعًا أنْ نعلمه، أيْ أنّ الصواريخ الدقيقة تدخل لبنان على الرغم من جميع الهجمات الإسرائيليّة، وتصل إلى مخازن حزب الله، وتابع المُستشرِق المعروف بصلاته الوطيدة مع الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب، تابع قائلاً إنّ نصر الله قال ذلك بشكلٍ واضحٍ جدًا، وأعتقد بأنّه يجب التعاطي مع هذه الأمور بجديّةٍ، وفق تعبيره. في السياق عينه، لفت معلّق الشؤون العربيّة في القناة العاشرة العبريّة، حيزي سيمانطوف إلى أنّ الرسالة التي أراد الأمين العام لحزب الله إيصالها هي أنّ حزب الله مستعدّ للحرب مع إسرائيل إذا ما تطلّب الأمر ذلك، بالرغم من وجوده في سوريّة والوضع الداخلي اللبنانيّ، ومن جهته، قال المعلّق لشؤون الشرق الأوسط في هيئة البثّ الإسرائيليّة العامّة (كان)، قال إنّه للأسف أعتقد أنّ نصر الله لا يكذب، والهجمات ال200 التي شنّتها إسرائيل في سوريّة لمنع حصوله على الصواريخ لم تكن كاملةً، وفق تعبيره. بموازاة ذلك، ذكر موقع (ISRAEL DEFENSE) أنّ حزب الله حسّن قدراته القتالية، وتجهّز بأسلحةٍ حديثةٍ خلال فترة قتاله في سوريّة، وذلك نتيجة للتدريبات المشتركة مع الحرس الثوريّ ومع القوات الخاصّة التابعة للجيش الروسيّ، وهذا ما جاء في تقرير معهد الأبحاث الأميركي "SOUFAN GROUP". وبحسب الموقع، المُختّص بالشؤون الأمنيّة والعسكريّة في إسرائيل، اكتسب مقاتلو حزب الله تجربةً قتاليّةً في حلب واللاذقية ودمشق ودرعا. ونقل الموقع وفقًا لما جاء في التقرير أنّه في المستقبل يُمكِن الافتراض بأنّ حزب الله سيعمل للدفاع عن المصالح الشيعيّة، وأردف أنّ أغلب التجربة القتاليّة لعناصر حزب الله اكتُسبت في التدريبات المشتركة مع الحرس الثوريّ، ووحدات النخبة التابعة للجيش الروسيّ، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّه يُمكِن لحزب الله تحسين الإشراف والسيطرة في ميدان المعركة، إضافةً إلى التزوّد بتكنولوجيا متطوّرة كطائراتٍ غيرُ مأهولةٍ، بحسب تعبيره. من ناحيته، حذّر مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يسرائيل هايوم)، يوآف ليمور، من أنّ نصر الله اتخذّ قرارًا إستراتيجيًا لتحويل هضبة الجولان، أيْ الجزء المُحرّر منها، بعد استعادتها للدولة السوريّة، يقضي بجعلها جبهة قتالٍ ضدّ إسرائيل، لافتًا إلى أنّ الحزب يتبنّى عقلية المراحل، ففي المرحلة الأولى، سينضّم سرًا إلى الجيش السوريّ، وفي الثانية، سيُحضِر الموّاد الناسفة والقذائف والصواريخ ضدّ الدبابات، وفي المرحلة الثالثة والأخيرة، أكّد المُحلِل، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، سيقوم بإحضار كميّاتٍ كبيرةٍ من الأسلحة، مع التشديد على الصواريخ، مُشدّدًا على أنّه هكذا فعل في جنوبلبنان، وهكذا سيفعل في الجولان، إذْ أنّه اجتاز المرحلة الأولى، وهو الآن في المرحلة الثانية، وإذا لم يتّم وقفه الآن، فسنراه يفتح الجبهة ضدّ إسرائيل من الجولان، على حدّ تعبيره.