حالة من الاستنكار شهدها الوسط السياسي لرفض الفتوى التي أصدرها شوقي علام، مفتي الجمهورية، فيما يخص شهداء ثورة يناير المجيدة، بأنه لا يجب أن يطلق عليهم شهداء ولكنهم "قتلى"، والتي اعتبروها حلقة من حلقات الكره المُمنهج تجاه ثوار يناير الذي يزرعونه في الشعب، وخطوة في طريق التقرب للنظام الحالي من خلال مشاركته المعركة ضد معارضيه، بحسب رؤيتهم. - مواقف الافتاء ضد ثوار يناير وكان مفتي الجمهورية "شوقي علّام" اصدر فتوى بعدم جواز "إطلاق لقب شهيد على قتلى التظاهرات بدعوى أنها تدعو إلى الفتنة"، وكان ذلك خلال رده على سؤال ما حكم إطلاق وصف الشهادة على قتلى التظاهرات والاعتصامات؟. حيث قال إن "إطلاق وصف الشهيد على المسلم الذي مات في معركة مع الأعداء، أو بسبب من الأسباب التي اعتبرت الشريعة من مات به شهيداً، لا بأس به - كما يقال: "المرحوم فلان"، ويراد الدعاء له بالرحمة- ما دام لا يقصد القائل القطع بشهادته، وإنما قصد بإطلاقه الاحتساب أو الدعاء". وشدد على أن "من ذهب للتظاهر أو الاعتصام المشروعين، فحصلت حوادثُ تؤدي لمقتله، فيجوز وصفُه بالشهادة دعاءً أو احتساباً، ما لم يكن معتدياً أو كان سبب هلاكه معصية، كمخالفة القانون، أو الخروج للدعوة إلى فتنة، أو العمل على إذكاء نار فتنة، أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة، ونحو ذلك، فمن كان كذلك فليس بشهيد، ولا يجوز إطلاق هذا الوصف الشريف عليه". وقد كانت وزارة الأوقاف قد دخلت على خط معركة النظام مع معارضيه، وخصصت الأسبوع الماضي خطبة الجمعة في المساجد للتصدّي لدعوات إحياء الذكرى الخامسة للثورة بالتظاهر. ونبّهت الوزارة على خطباء المنابر، بضرورة "توعية المُصلين بخطورة الدعوات الهدامة، التي أطلقتها جماعة "الإخوان" للتظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير"، بحسب منشور أصدرته الوزارة. وتضمنت عناصر الخطبة، التي تم توزيعها على خطباء وأئمة المساجد قبل يوم الجمعة الماضية، خطوطاً عامة أهمها "نعمة الاستقرار والأمن"، وتأكيد أن استقرار الوطن ضرورة شرعية، وتذكير المصلين بما آلت له الأوضاع في عدد من الدول المجاورة لمصر في المنطقة، مثل سوريا والعراق وليبيا، بعد تعريض أمن بلادهم للخطر بسبب رغبة البعض في تغيير الأنظمة. فيما قام الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، في إحدى تصريحاته بالمطالبة بعدم إطلاق لقب شهيد على قتلى المظاهرات غير المشروعة، والتي لم تحصل على موافقة من جانب الدولة، قائلا: "كل اللي خرج في 25 يناير وما بعدها وقتل في هذه الأحداث كان لابد أن يأخذ تصريح وموافقة من اللواء حبيب العادلي". - فتاوى مفتي الجمهورية "سياسية" لإرضاء النظام وتعليقاً على تلك المواقف قال أحمد دراج، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، إن فتوى "شوقي علّام" مفتي الجمهورية بسحب لقب شهيد من ثوار يناير بالخصوص هي مجرد "فتوى سياسية" لمحاولة تنفيذ أوامر النظام الحالي والتقرب له وخدمة الدين لمصالحه. ووجه دراج حديثه ل'مفتي الجمهورية' قائلاً: "خليك في فتاويك المتعلقة بالدين.. ولا تخلط الدين بالأمور السياسية لإرضاء النظام.. ولو مش معترف بثورة يناير اللي صنعها ودفع حقها الشهداء اللي ضحوا بأرواحهم عشانا.. يبقى أنت ملكش شرعية في منصبك الجديد اللي جابك فيه ثورة يونيو اللي جبتها ثورة يناير.. هتسحب لقب الشهداء..هتتسحب منك شرعيتك". وقد وافقه في الرأي رئيس حزب الكرامة، محمد سامي، بأن أمثال تلك الفتاوي التي أصدرها مفتي الجمهورية ومستشاره تندرج تحت الفتاوي السياسية التي تكشف لنا عن توريط المؤسسات الدينية في الأمور السياسية لتلبية أوامر النظام الحاكم. ووصف سامي، تلك التصريحات ب" المقرفة"، مؤكداً أن أمثال تلك الفتاوي لا تلقى صدى لدى المواطنين فهم أصبحوا على دراية كاملة بكل الألاعيب، مشيراً إلى أن لقب شهيد هو هِبة من عند الله عز وجل ولا احد قادر على انتزاعه من الشهيد إلا الله. - الازهر يرد ويبريء مفتي الجمهورية ومن ناحية أخرى رد الشيخ محمود عبد الخالق دراز، أستاذ بجامعة الأزهر وداعية أزهري، على الاتهامات التي تلاحق مفتي الجمهورية قائلاً: إن لقب شهادة يُطلق على نية الشخص والنوايا لا يعلمها إلا الله فإذا كانت نيته محاربة الفساد والدفاع عن الله والوطن فإنه يُحتسب شهيداً، أما إذا خرج ونيته التدمير والتخريب فلا يُحتسب شهيد.. وكلام مفتي الجمهورية لا يراد به شهداء يناير الذين احتسبوا من الشهداء، إنما كانت دعوة منه لإلمام زمام الأمور للنهضة بالدولة بدلاً من كثرة الاعتصامات التي تهدمها وتخلق الفوضى.. والشهادة بالنية والله أعلم بالنوايا فقد نطلق على أشخاص أنهم شهداء وهم ليسوا بذلك والعكس صحيح.. فيجب ان لا نتمسك بالألقاب الظاهرية ونعمل من أجل الله عز وجل". وأضاف دراز، أن الشهداء سبعة هم "الذي قتل في سبيل الله والوطن، والمبطون أي من مات بداء في بطنه، والمطعون.. أي الذي طعن غدراً، والمهدود.. أي الذي توفي إثر هدم وقع عليه.. والغريق وصاحب ذا الذنب و المحروق" ، مشيراً إلى أن الشهادة درجات وتلك الأمور لا يعلمها إلا الله ولا يجب الاجتهاد فيها.