رحاب جمعه - ساره سعودى سيدة تمنعنا من التصوير خوفاً من كشف حقيقة "قعيد المقابر"
متسولين : الترب "أرقى" أماكن للتسول .. ولن يتم القبض علينا فيها
متسول ل"السيسي": خد بالك مننا يا ريس إحنا مش عايشين.. والحكومة مصرة على دفننا أحياء
"الرحمة .. الرحمة"، هي أول كلمة يستقبل بها متسولي المقابر أي زائرٍ حينما يضع قدمه هناك لزيارة ذويه من الأموات ووضع إكليل من الورد أو قراءة القرآن على روحهم، ففجأةً يجد من يلتفون حوله من كل حدب وصوب ليطلبوا منه المساعدة بالمال، وأحياناً يكون السائل طفل أو سيدة تصطحب أطفالها الذين يبلغ عمر بعضهم أشهر، فضلاً عن ذوي الإعاقة أو مدعي وجود إعاقة في أجسادهم، وكبار السن، فيكونوا في استقبال الزوار للحصول على الأطعمة والمساعدات المالية بعد استعطافهم.
وتوجهت " الفجر " مع الأهالي الذين يزورون المقابر بهدف زيارة أهاليهم تحت التراب لمعايدتهم، وإذا بها ووجدت أبشع ظاهرة في حياة الإنسانية، وهي "متسولو المقابر"، هم مجموعات من المتسولين الذين يأتون من مختلف المحافظات حتى يحصلون على الأطعمة قاصدين المدافن حيث أن زوارها هم من يأتون بالأطعمة وتوزيعها عليهم دون مد الأيدي وطلب مساعدة تحت ما يسمى بتوزيع " الرحمة " على روح الأموات .
فظاهرة " متسولي المقابر " ليست ظاهرة غريبة فهي موجودة من قديم الأزل، ولكن الجديد على الظاهرة ما رصدناه من وجود الكثيرين من الذين يلجؤون لذلك الحل كي يساعدهم على الحياة من أطفال وشيوخ ونساء.
فأوضحت إحدى السيدات، أنها تأتي هي وأسرتها للمقابر كل يوم جمعة إلى جانب أيام الأعياد، لكي يحصلوا على الطعام والأموال التي تجعلهم يستكملون حياتهم، وقالت : "أنا لا أملك فرصة للعمل وأعول أطفال وزوج مريض، فماذا أفعل ؟، غير أن أتجه لسؤال الناس".
وعبرت عن عدم رضاها عما تقوم به وأنها لا تريد السؤال غير لله، مشيرة إلى أنها إن لم تأتي للمدافن لن تتمكن من الأكل والشرب وتربية أطفالها ومساعدة زوجها .
وأفادت أخرى أن جميع المتسولين بالمدافن يعلمون بعضهم، مؤكدة أن من بينهم أفراد ليسوا في حاجة إلى المساعدات ولكن يتخذ التسول كهواية وفراغ له، مطالبة المواطنين بمساعدة من هو محتاج فقط وأن لا يلتفتون لمن يقوم بالتمثيل، مشيرة إلى شخص يدعى عم " سيد محمد " الذي يوهم زوار المقابر بأنه قعيد لكي يحصل على أكبر قدر من الأطعمة والأموال والحصول على أشياء ليست من حقه .
وعند توجه كاميرا " الفجر " لعم سيد، تأكدنا من صدق السيدة وإنه يقوم بالتمثيل وأنه قادر على الحركة وليس عاجزاً، ولكنه قال لنا أنه يأتي إلى المقابر كل يوم جمعه بجانب أيام الأعياد حيث أن الزوار يكونوا كثيرين في تلك الفترة، وأثناء استكمال حديثنا معه قامت سيدة مدعية إنها ابنته ومنعته من استكمال التصوير خوفا من العار الذي سيلحق بهم ، كما قالت، ولكن ذلك في الحقيقة كان خوفا من كشف سره.
ومن بين المتواجدين من " متسولي المقابر " البعض الذين رفضوا التصوير حتى لا يكتشف حقيقتهم أحد حيث أنهم يقومون بذلك العمل في السر تحت شعار " إذا بليتم فاستتروا " حيث قالت احداهم: " إحنا جايين من آخر الدنيا علشان نشحت هنا ومحدش يشوفنا، انتم بقا جايين تصورونا ليه ."
وأضاف آخر، أن ما يقومون به والتسول داخل هذا المكان أو التسول عموماً أمر صعب وغير مقبول، مؤكداً على رفضه الظهور أمام الكاميرا، ومتسائلاً كيف أظهر وأعلن أمام الجميع أني متسول، معترفاً أن مد يده لطلب المساعدة أمر مزعج ولكن الحكومة هي التي لم تعطيهم أي حقوق تساعدهم على المعيشة أو بديل آخر لما يقوموا به، قائلاً : "نحن نطالب بالحياة، والحكومات مُصرة على دفننا أحياء" .
وأدان آخر، الثورات التي وقعت في البلاد خلال السنوات السابقة، مؤكدا أنها لم تثمر بالنسبة للطبقة الفقيرة أي شيء على الرغم من أن مطالبها كانت تحسين أوضاع الفقير، مشيراً إلى أن تغيير الحكومات المتوالية لم يعالج القضية .
واستطرد : "في حالة عدم وجود فرصة عمل والتلطم في الشوارع بدون مال ولا عمل من هنا جاء قرار الحكومة بدفننا أحياء"، مستغيثا بالرئيس السيسي : " ارحمونا ...وخد بالك من مشاكلنا يا ريس إحنا مش عايشين".