لو كانت مصر -يا أستاذ قارئ- واحدة ست زى ما بيصوروها كلهم فى الأناشيد المدرسية وموضوعات الإنشا والأغانى التى تتكاثر كأرانب الهندسة الوراثية، فضلاً -بالطبع- عن أغلب المسلسلات وبرامج التوك شو والحملات الانتخابية للطامحين إلى الانجعاص على كرسى الرئاسة ومحترفى الظهور فى الفضائيات وبعض التماثيل والأفلام اللى مش كلها - بالمناسبة- أى كلام فى الهجايص لزوم أكل العيش، فإزاى فى الحالة دى سيادتك يا أستاذ قارئ كنت حتتعامل معاها؟ كجارة؟ كزميلة؟ كحبيبة؟ كصديقة، ولا كواحدة معرفة من بعيد والسلام؟ باعتبارها أميرة بضفاير لحد الكعب وعينين يا ما تاهت فيها سفن؟ أميرة هربت من كتب الحواديت، مخصوص علشان تسألك: أخبارك إيه؟ على أساس أنها الولية القرشانة المقملة اللى كانت ساكنة تحتكو فى البدروم قبل ما تعزلوا على البدروم الجديد، واللى فى المواسم والاعياد ودخول المدارس لسه بتيجى تاخد هدوم الولاد القديمة وتبات فى المطبخ على البلاط؟ كالخدامة اللى كانت عندكو قبل ما تتجوز واد رد سجون بيرقعها كل يوم علقة، ودلوقتى بيشغلها فى البيوت باليوم علشان هو مالوش نفس يشتغل، وبيموت فى حاجة اسمها السجاير الاجنبية والنسكافيه والفرجة على الكورة فى القهاوى السياحية؟ كالست هانم المفترية صاحبة الشغل اللى بتأمر وتنهى وتقدر- الشر بره وبعيد- ترفدك بجرة قلم، ولا كشحاتة كل ما تقرب منك تروح جازز على سنانك وقايل لها باشمئناط: يحنن! أو مامعيش فكة؟ لكن ممكن تديها ورقة بخمسين أو حتى مية لو مراسل احدى الفضائيات بيصور بالصدفة فى اشارة المرور دى بالذات، وتقول لمراتك أول ما تدخل البيت: شفتينى وأنا باتصدق؟ السؤال جايز -يا أستاذ قارئ- مايكونش من الأساس جه على بالك قبل كده، معلش، حصل خير. الدنيا تلاهى، وجل من لا يسهو، أدينا بنهلوس! ورانا إيه؟ إزاى كنت حتتصرف معاها سيادتك؟ تسبل لها يا هل ترى وتسمعها فى الرايحة والجاية اسطوانات م اللى قلبك يحبها. بالظبط زى ما هم كلهم على طول بيعملوا مع مصر منذ لا أذكر كم من السنين؟ حتحبها طول ما هى ساكتة وكافية خيرها شرها ومستحملة بلاوى لو اتوزعت على كل شعوب العالم برضه كان حيفيض؟ هل كنت ستكرهها وتلعن أبوخاشها على الأرض لو حاولت أن تحاكم المخلوع ونجليه والعصابة الشرهة التى تربت تحت حذائه، أو إذا اعتبرت أن المحاكمات الدائرة حالياً ليست أكثر من عروض هزلية رديئة الصنع؟ هل كنت حتفضل تتنهد، وتسرح كل ما حد يجيب سيرتها؟ إزاى سيادتك كنت حتتعامل معاها بالظبط؟ كنت حتتمشى بيها فى شارع الكورنيش، وتعزمها على درة مشوية وتين شوكى، ولا كفاية درة مشوية وخلاص؟ كنت حتتطلع بيها علي القناطر وجنينة الاسماك ويمكن كمان - بالمرة- المقطم، وتسقيها حاجة أصفرة وتاخد أعز ما تملك، وبعدين تخلع؟ تتخانق لو حد ضايقها فى الشارع، وتاكل علقة ما حصلتش، وتتخرشم، وما يفضلش فيك حتة سليمة؟ وبرضه - لو حد ضايقها- تتخانق وتتخرشم تاني؟ وتبقى عايز تعيط لو عرفت إنها بتتألم، ولا تستنطع زى الجماعة إياهم وتعمل نفسك مش واخد بالك وتقول لصاحبك على القهوة: تستاهل كل اللى يجرالها! إيه اللى خرجها من البيت؟ المفروض ما تهوبش بره الباب، تتجوزها وتاخد فلوسها، وتنغص عليها العيشة إهانة وضرب، وتخليها كده زى البيت الوقف لغاية ما تبريك، وعلى البيعة كمان مافيش مانع تديك قرشين تتجوز بيهم واحدة تانية، وتفضل كده عايش حياتك زى الأميبا؟ هل كنت ستقعد تحب فيها من طرف واحد، وتديها «داون لود» من على الإنترنت لأغانى عبدالحليم، من أول: على قد الشوق، لغاية: موعود بالعذاب يا قلبي؟ وتهريها كروت بوستال لمناظر طبيعية فى بلاد حتى ما تعرفش اسمها، وتكتب على الضهر، أبعث لك بأشواق لو مرت على الصخور لأذكت فيها الحياة؟ وهاتك يا جوابات غرامية مليانة قلوب وسهام بتنقط دم عمرك أصلاً ما حتتجرأ تبعتها! مش كفاية نحبها، ضرورى نعرف فى الأول إزاى نحبها، تلك هى القضية على رأى عمنا الخواجة وليم شكسبير، تلك هى القضية يا أستاذ قارئ، شايف قد إيه كبيرة مشكلة مصر؟ أى واحد من المشتغلين بالسياسة حالياً، عسكر أو إخوان، هاو أو محترف، سلفى أو سلفى بشرطة، بيقبض باليورو أو بالدولار أو بعملات دول الخليج، متطرف أو متطرف جداً أو متطرف للغاية، ثورى حالم أو ثورى عينه على حاجة، ليبرالى بجد أو ليبرالى فقط مع اللى بيفكروا زيه بالظبط، انتهازى شاطر أو انتهازى خايبان، كلهم مش ممكن يخرج عن الإطار ده مع مصر، أى واحد يعجبك مؤكد حتلاقيه بيتعامل معاها بطريقة من اللى قلناهم دول، استعرضهم سيادتك بقى واحد واحد على أقل من مهلك، ملحوظة: لا تستثنى نفسك