عام دراسى مميز وحاسم ..هدايا وحلويات في استقبال الطلاب ومجازاة 12 مسئولًا للإهمال والغياب    «دينا» أتقنت فكرة تصنيع السجاد اليدوي    افتتاح معرض أهلا مدارس بقلين بكفر الشيخ    رئيس صندوق الإسكان: طرح 70 ألف وحدة سكنية لمنخفضي الدخل قريباً    وزير الخارجية يلتقي نظيرته السلوفينية على هامش جمعية الأمم المتحدة    ترامب يستبعد ترشحه في اتخابات 2028 حال خسارته أمام كامالا هاريس    استشاري إدارة تكنولوجيا عن «البيجر»: نحن أمام نقلة نوعية بالحروب السيبرانية    ألفاريز يقود هجوم أتلتيكو مدريد ضد رايو فاليكانو في الدوري الإسباني    انطلاق مباراة الإنتر وميلان في ديربي الغضب    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة باريس الدولية للإسكواش    محافظ الغربية يكلف لجنة لمعاينة الأجزاء الجانبية المنهارة بكوبري كفرديما    مهرجان الغردقة يحتفي بأفلام طلاب معهد السينما    الانتهاء من تجهيزات حفل وداع الصيف على شواطئ الغردقة.. «مسرح وسط البحر»    جوري بكر: الناس كرهتني بسبب أدوار الشر    تأثير مجتمع القراءة «الافتراضى» على الكتاب    إعلام عبرى: إدارة بايدن أبلغت إسرائيل عدم دعمها دخول حرب شاملة    صحة المنوفية تكشف حقيقة وجود حالات مشتبه إصابتها بالفيروس الكبدي "A"    حملة 100 يوم صحة تقدم لأكثر من 82 مليون و359 ألف خدمة مجانية خلال 52 يوما    محافظ أسوان يكشف مفاجأة بشأن الإصابات بالمستشفيات.. 200 فقط    نتنياهو للكنيست: حوالى نصف المحتجزين أحياء حسب المعلومات المتوفرة لدينا    عبد الرحيم علي عن تشكيل حكومة يمينية متطرفة بفرنسا: "ولادة متعثرة".. وإسناد الداخلية ل"برونو روتايو" مغازلة واضحة للجبهة الوطنية    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    ورجعنا المدرسة    زيزو مع ابنته.. نجوم الأهلي والزمالك مع أبنائهم أول يوم مدرسة (صور)    بلدية المحلة تتعادل سلبيا مع أبو قير للأسمدة استعدادا لدوري المحترفين    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    دون مصطفى محمد.. تشكيل نانت الرسمي لمواجهة أنجيه في الدوري الفرنسي    العربية للتصنيع تحتفل بأبناء العاملين والعاملات من المتفوقين بالثانوية العامة    "لما تتكلم عن الزمالك اتكلم باحترام".. نجم الأبيض السابق يوجه رسالة نارية لأحمد بلال    يسرا تحيي ذكرى وفاة هشام سليم: يفوت الوقت وأنت في قلوبنا    سفير الصين: 282 مليار دولار حجم التجارة مع أفريقيا بزيادة 26 ضعفا منذ 2000    عاجل| مصر تحذر المواطنين من السفر إلى إقليم أرض الصومال    مواعيد مباريات اليوم الأحد 22/9/2024 في مختلف المسابقات والقنوات الناقلة    الجنايات تعاقب "ديلر العجوزة" بالسجن المؤبد    وزارة العمل تنظم ندوة توعوية بقانون العمل في المنيا    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    ضبط فتاة زعمت تعدى 5 أشخاص عليها لزيادة نسب المشاهدات    التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات يطور منظومة تصوير بانورامي ثلاثي الأبعاد    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تقليص المساعدات إلى غزة    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 150 مواطنا بقافلة طبية بالأقصر    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    لليوم ال22 .."البترول" تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر سبتمبر2024    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    طالب يسأل والمحافظ يجيب في طابور الصباح.. «سأجعل مدارس بورسعيد كلها دولية»    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    خالد جلال: القمة لا تخضع للحسابات.. والأهلي أفضل بدنيًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصام زكريا يكتب : تجربة شخصية مع «حرامى موتوسيكل»!
خطف الهاتف من يدى وسارع بالفرار عكس السير فى أكبر شوارع وسط البلد
نشر في الفجر يوم 18 - 04 - 2012

فى جزء من الثانية، ربما تلك الفمتوثانية التى اكتشفها زويل، قررت أننى لن أترك اللص يهرب بهاتفى المحمول حتى لو كلفنى الأمر حياتى أو حياته،
ولم أدر بنفسى وأنا أطير مثل أميتاب باتشان فى الهواء لأهبط فوق الموتوسيكل المنطلق باللص والهاتف، وأمسك بالمسند المعدنى فى ذيل الموتوسيكل بأقصى ما أملك من قوة وأنا أطلق وابلا من الشتائم النابية للص وأمه وأم أمه، وأتخيل، مثل نور الشريف فى نهاية فيلم «سواق الأتوبيس» أن كل لصوص البلد يتجسدون فى ملامح هذا الشاب الصغير الذى باغتنى قبلها بثوان وخطف الهاتف من يدى أثناء سيرى فى شارع قصر العينى مساء السبت الماضى.
قبل هذه اللحظة لم أكن أتصور أبدا أننى سأتعرض للسرقة بالإكراه فى الطريق العام، وكنت أظن نفسى محصنا ضد النشالين والبلطجية وضباط الشرطة، كنت أقول لنفسى – وأحيانا للآخرين- إن شكلى لا يغرى هؤلاء بالتعدى على، لأننى لا أبدو ضعيفا أو جبانا وفى نفس الوقت لا أبدو غنيا أو مستفزا، وكنت، عندما أقابل واحدا منهم فى أتوبيس أو شارع مظلم أو لجنة مرور، غالبا ما أنظر فى عين اللص أو الشرطى منهم، وأرسم شبه ابتسامة ساخرة على شفتى وألقى عليه التحية- أو أردها- بثقة وثبات، وهذه كانت نصيحتى لأى شخص يعرب عن خوفه من هذه النماذج أمامى، وهى نفس النصيحة التى كنت أوجهها لأصدقائى الذين يخشون الكلاب: الكلب، مثل البلطجى، يشم خوفك منه أو عنفك ضده، فيعوى نحوك ويهاجمك، ولو رآك مسالما هادئا وواثقا فقد لا يراك بالمرة.
رغم هذه النصائح المضمونة إلا أن احتمال تعرضى لاعتداء من قبل بلطجى أو شرطى خطر ببالى مرات منذ أن قامت الثورة، وبالأخص بعد انتشار حوادث السرقة والنهب فى البلاد بشكل ممنهج ومخطط، أو مسموح له، طوال الشهور الماضية لدرجة أنه لا يمكن أن يدور حديث بين مجموعة من الناس إلا ويرد فيه كلام عن واحدة من تلك الجرائم المليونية اليومية التى تجتاح البلاد.. وكنت كلما أسمع حكاية منها أتعجب من سلبية الناس الذين شاهدوا السرقة أو تعرضوا لها.. هذه السلبية التى شجعت المجرمين على سرقة أغلى شىء جنيناه فى تاريخنا، وهو الثورة!
لعل هذا الغضب هو الذى أعمانى عن رؤية المخاطر وأنا أطارد لص الهاتف، ولكن السبب الأقوى كان برنامجا تليفزيونيا شاهدته قبلها بأيام استضاف صحفية شابة هى لمياء ابنة المخرج الراحل فهمى عبدالحميد، روت فيه عن تجربتها مع لص قام بسرقة حقيبتها من داخل سيارتها، وفر بموتوسيكل، فما كان منها إلا أن قامت بمطاردته حتى صدمت الموتوسيكل وأسقطته من فوقه، أعجبت بشجاعتها أيما إعجاب وربما لجزء من الثانية، الفمتوثانية، خطر ببالى ما فعلته وأنا معلق من يدى فى «رفرف» الموتوسيكل وقد تحول الفيلم الذى أعيشه من «سواق الأتوبيس» إلى آخر مشاهد فيلم «الأرض» والانجليز يسحلون محمد أبوسويلم!
كان الوقت يقترب من الثامنة والنصف مساء، وشارع قصر العينى لا يزال يضج بحيويته المعتادة، واللص الذى خطف الهاتف من يدى كان يسير عكس السير، ومن المؤكد أن المشهد المثير لفت انتباه الكثيرين، ولعل بعضهم سارع بحصار الموتوسيكل. بالنسبة لى لم أكن أرى شيئا سوى يدى المعلقتين فى «الرفرف»، قبل أن يفلت منى مع انقلاب الموتوسيكل على جانبه الأيسر فوق يدى وساقى.. ولمحت الشاب يجرى بجوارى داخل شارع صفية زغلول، قمت لأجد أن حزام حقيبة اللابتوب تمزق من فوق كتفى ووجدت الحقيبة ملقاة فى الخلف فسحبتها وجلست فوق الموتوسيكل المقلوب، هو أخذ الهاتف وأنا أخذت الموتوسيكل. هكذا قلت لنفسى وبعد لحظات أخرى وجدت بعض الناس حولى وأحدهم يحمل هاتفا فى ثلاثة أو أربعة أجزاء ويسألنى هل هذا هاتفى؟ هو بعينه، أخذت الجهاز وشكرته وبدأت أعيد تركيبه واختباره.. وقبل أن تنتهى هذه اللحظات وجدت يدا تحمل محفظة فى وجهى فأمسكت بها معتقدا أن محفظتى سقطت أيضا، ولكنه سحبها بسرعة وهو يشرح لى أنه يعمل أمينا فى قسم قصر النيل القريب منا، ويدعونى لسحب الموتوسيكل حتى القسم لنسلمه ونحرر محضرا بالواقعة، فى اللحظة نفسها تعرفت على وجه أحد الزملاء فى جريدة «روزاليوسف» فشعرت بالاطمئنان. طلبت من «الأمين» أن يرينى الكارنيه والبطاقة الخاصين به، انزعج جدا على عادة أهل الشرطة المصرية عندما تطلب أن ترى بطاقاتهم، ولكنه أخبرنى فيما بعد عندما وصلنا القسم أنه لا يلومنى وأن هذا حقى بل وواجبى أيضا لأن الواحد لم يعد يضمن أخاه.
فى القسم تلاشت سعادتى بالانتصار على اللص، فهو فى الآخر شاب غلبان يدفع ثمن إجرامه خوفا ومطاردة وتعرضا للضرب والحبس والاحتقار، ولكن هنا، فى هذا القسم وغيره، هناك مجرمون يحترمهم الناس ويتمتعون بالثراء والسلطة ولا يجرؤ مواطن غلبان مثل اللص أو مثلى على الجرى وراء موتوسيكلاتهم أو تحرير محضر فى حق أحدهم.. حتى لو قاموا بقتل وإصابة العشرات.
ملابسى كانت ممزقة وعدد من السحجات والكدمات فى رسغى وكفى وركبتى، ولكن أحدا لا يهتم، وقد قضيت ما يزيد على الساعة حتى أحرر محضرا لا تتجاوز كتابته دقائق علما بأنه لم يكن هناك غيرى تقريبا، باستثناء وزيرة سابقة رأيتها تدخل القسم وسط احترام وترحيب مبالغ فيه وعلى وجهها ابتسامة رضا بالغة من الخدمة الجيدة التى تؤدى لها.
وتذكرت أننى جئت لهذا القسم من قبل مرتين الأولى منذ أكثر من عشر سنوات تعرضت سيارتى لسرقة حقيبتى وبعض المحتويات منها، وذهبت إلى نفس القسم للابلاغ عن السرقة، الأمين أراد أن يحرر محضر «فقد» المحتويات وليس محضر سرقة حتى لا يبذل جهدا، ولما أكدت له أننى تعرضت لسرقة وليس لفقدان الحقيبة قال لى إنه ينبغى أن أذكر اسم السارق الذى لا أعرفه، وعندما شكوت للضابط المنوب نظر لى ببرود وقال: لماذا تركت الحقيبة فى السيارة؟ نحن نحذر المواطنين دائما من ترك أشيائهم فى السيارة.. ساعتها أجبته ساخرا: طيب حرر ضدى محضرا لأننى أخطأت ونسيت الحقيبة فى السيارة! ثم أردفت بجدية: هل تريد أن تخبرنى أنكم لا تعلمون من الذى سرق السيارة. أنا أعلم أنكم تعلمون وأن بإمكانكم إذا أردتم أن تقبضوا على اللص.
بعدها بأيام، وبعد تدخل أحد الزملاء من محررى الحوادث، عادت إلى الحقيبة المسروقة أتى بها شرطى حتى مقر عملى، وبدلا من أن يسعدنى الأمر أثار استيائى أكثر من الشرطة المصرية.
المرة الثانية عندما قام سائق طائش بصدم سيارتى وتدميرها وعندما اصطحبته للقسم استغل معرفته بأحد المخبرين ليلفق محضرا أبدو فيه وكأننى الجانى، وعندما أصررت على تحويل الأمر للنيابة أعطونى رقم محضر ولم يصلنى أبدا أى استدعاء للتحقيق، وبعد شهور اكتشفت أنه حفظ إداريا دون تحويله للنيابة.
الحكايات لا حصر لها عن فساد الشرطة وأدائها المتهاون فى حق البسطاء مقارنة بأدائها البارع والسريع فى حق من لهم واسطة أو نفوذ ما.. وأحد أسباب الثورة الأساسية هو تغيير وتطهير هذه الوزارة التى تحوّلت من حامية الشعب إلى عدوته الأولى، بالطبع هناك استثناءات كثيرة ولكنها تظل استثناءات مدهشة ومثيرة للتعجب.
كنت متعبا وأريد العودة بسرعة لأسرتى القلقة، وهو ما دفعنى إلى انهاء الإجراءات على عجل، والهرب من التحويل إلى المستشفى لاستخراج تقرير طبى بالاصابات، وتركت القسم نادما على شىء واحد وهو أننى تركت لهم الموتوسيكل الذى لا أعلم ماذا سيفعلون به!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.