أعلنت القوات المسلحة المصرية أنها سوف تتدخل عندما يحدث ما يهدد الأمن القومى.. وأنا أتساءل ما هو مفهوم تهديد الأمن القومى المصري؟ ومتى يتهدد أمن القوم المصريين؟ هل عندما يستولى الحكام على السلطة التنفيذية والتشريعية ومحاولة الاستيلاء والسيطرة على القضاء المصرى والهيمنة على المحكمة الدستورية العليا وإخضاعها للحاكم بأمر الله؟ أم الاستيلاء على مؤسسة الشرطة المصرية وتشويه الضباط المصريين واتهامهم زوراً لإحلال ميليشيات حماس، الذين بالفعل ارتدوا ملابس الشرطة وقاموا بتصفية الشباب الصغير والصحفيين بدم بارد؟
هل هو سحل المتظاهرين وتجريدهم من ملابسهم وتصويرهم ونشر الصور على الملأ لترهيب أى متظاهر؟ أم اغتصاب النساء والفتيات وسط ميدان التحرير بالأسلحة البيضاء، حتى يصل الحال بفتاة أن تستأصل الرحم من شدة التهتك والنزيف؟
هل هو قتل الجنود المصريين على الحدود؟ أم اقتناص حياة أكثر من ستين مواطناً وشاباً وطفلاً وطفلة فى بورسعيد والسويس؟ أم ضرب وسحل المتظاهرين فى المنصورة وضرب وسب النساء بفاحش الألفاظ؟
هل هو الإفراج الشامل لكل الإرهابيين من السجون من منفذى العمليات الإرهابية ومن قتلة السادات وقتلة السائحين وأرباب الميليشيات وأعضاء تنظيم القاعدة والاحتفال بهم فى أعياد أكتوبر وتعيينهم فى مؤسسة الرئاسة كمستشارين ومتحدثين؟ أم الإفراج عن المجرمين من تجار المخدرات والقتلة من سجن وادى النطرون؟ أم الإفراج الفورى عن كل من يقبض عليه فى جرائم الشارع المصرى من الأهل والعشيرة، بعد القبض عليهم مباشرة من قبل الشرطة؟ هل هو سرقة الآثار المصرية فى جميع ربوع مصر والتنقيب المتواصل فى المقابر الأثرية، أم سرقة الجوامع الإسلامية الأثرية فى وضح النهار؟ أم التعدى بالمبانى على هضبة الجيزة وآثار دهشور والبناء فوق طريق الكباش بالأقصر؟ أم إزالة بعض الآثار نهائياً؟
هل هو تدمير السياحة المتعمد وشراء الفنادق والفنادق العائمة فى الأقصر والغردقة وشرم الشيخ؟ أم القضاء عليها قضاءً تاماً بحادث المنطاد المدبر ثم عرض قطر شراء السياحة المصرية كافة.. فى اليوم التالي؟
هل هو تخصيص كل مؤسسات الدولة ومواردها من شركات الكهرباء والمياه والغاز وعرضها للبيع لكبار مستثمرى الإخوان والقطريين؟ هل هو العبث بالتعليم ومسخ المقررات التعليمية للأطفال والشباب والتأهب لتدريسهم تاريخ حسن البنا؟ أم حلق شعور التلميذات الصغيرات غير المحجبات؟ أم مزاولة تربية الشعب بجماعات التكفير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
هل هو استعمال الإعلام الحكومى الذى يمول من أموال الشعب فى الدعاية للإخوان؟ أم ظهور محمد الظواهرى شقيق رئيس تنظيم القاعدة فى التليفزيون المصرى ليسب الرئيس السادات بطل أعظم ملحمة تحرير عسكرية فى تاريخ القوات المسلحة المصرية والشعب المصرى كله؟
هل هو تهديد أصحاب المصانع والشركات والفنادق بالفوضى والإضرابات والاقتحام وإيقاف العمل حتى يجبرون على البيع لأساطين الإخوان أو يخرجون برؤوس أموالهم ويشردون الآلاف من العمال؟ ومتى يتم القضاء على الاستثمار المصرى تماماً إن لم يكن بهذا المخطط الإجرامي؟ هل هو إهانة كرامة الأمة المصرية والمصريين من المبعوثين الأمريكان والصغار من قبيلة قطر وإهانة المؤسسة العسكرية نفسها من سفير تركيا الشريك الأصيل فى مؤامرة الخريف العربي؟ أم إهانة مصر وإجبار الشعب على استقبال الإيرانيين على أرضها قهراً ودخولهم إلى الأزهر الشريف قلعة الوطنية المصرية؟ أم تحدث الإيرانيين عن استعدادهم تقديم المعونة العسكرية للجيش المصرى؟ هل يتهدد الأمن القومى عندما يحرر مجلس الشورى الإخوانى قانون الشرطة الخاصة بصلاحيات أعلى من الشرطة الحكومية؟ أم عندما نجد شركات أمن خاصة تتحكم فى الشارع المصرى والشعب كيفما تريد الجماعة؟
هل يتهدد الأمن القومى عندما يستغيث وزير الداخلية من عدم قدرته على التحكم فى الضباط الغاضبين ولا فى الأقسام المغلقة ولا فى تدمير سمعة الشرطة والقتل والسحل باسم أفرادها لإسقاطها، بينما شباب الضباط والأفراد المجندون يسقطون قتلى بجوار المواطنين؟
هل عندما لا تجد الدولة أموالاً لدفع مرتبات الموظفين وهو ما يحدث فى معظم قطاعات الدولة؟ أم عندما يعلن السيد وزير الإعلام أنه لا يجد لديه رواتب وسوف يعرض بعض أصول التليفزيون للبيع بحجة التمويل الذاتى للتليفزيون الذى يزخر بخمسين ألف موظف؟
هل عندما يستولى الإخوان على السلع الأساسية من وزارة التموين والزراعة لبيعها تحت راية الحرية والعدالة للمواطنين من أجل استعادة ما فقدوه من سمعة وشعبية فتكون الدعاية من أقوات الشعب الجائع؟ هل عندما يعود إلينا مرضى شلل الأطفال من مجاهدى باكستان بعد أن كان قد انتهى من مصر تماماً منذ أكثر من عشر سنوات؟ أم عندما تخرج حملات التطعيم من وزارة الصحة تحت راية الإخوان أيضاً؟
هل يتهدد الأمن القومى عندما يختفى السولار وتعود عربات الكارو للشارع المصرى تحمل المواطنين خاصة بعد إضراب سائقى الميكروباص فيسود الشلل المرورى ويقضى المواطن يومه فى انتظار قطرات من الوقود؟ هل يتهدد الأمن القومى عندما يترهل القضاء ويصدر أحكاماً بالإعدام على أفراد لم تتم محاكمتهم أساساً؟ أم عندما تفقد أحكام القضاء قوتها واحترامها وتخضع للرأى العام فتكون سبباً لاندلاع الفوضى والتخريب والحرائق.
هل عندما يدخل الايرانيون بالآلاف ألى ارض مصر تحت غطاء السياحة الدينية وهم من الحرس الثورى لاستكمال مخطط العبث بالوطن؟ أم عندما يصرح العريان بثقته فى أن شعب مصر سوف يرحب بإهداء أرض سيناء إلى شعب غزة الحبيب؟ وهل هذا التصريح فى حد ذاته لا يدخل صاحبه تحت طائلة القانون ولا يواجه بتهمة الخيانة العظمي؟
هل يتهدد الأمن القومى عندما يتم حرق نادى الشرطة المصرى، حيث العائلات والسيدات والأطفال وحرق اتحاد الكرة المصرى.. وتدمير ملفات اللاعبين منذ عام 1924 وسرقة الكئوس والجوائز الرياضية ثم يحرق مقر الرقابة الإدارية وتمر هذه الحوادث مرور الكرام ولا نسمع عن أى اتهامات أو نيابة أو تحقيق وكأن الأولتراس الذى يقوده الإخوان فوق القانون وفوق الدولة وفوق أموال الشعب ومقتنياته وتاريخه وأعصابه وكرامته وكأن حق الاعتراض بإشعال الحرائق هو حق جديد من حقوق الثورة المجيدة وحقوق الإنسان لا يقع تحت طائلة القانون؟ هل يتهدد الأمن القومى عندما تغلق ملفات تهريب السلاح وملابس الشرطة والرتب وحرق جريدة «الوطن» وتدمير فندق «سميراميس» عدة مرات واحتراق المنطاد بالأقصر وقتل تسعة عشرة من السياح والمرشدة السياحية وغيرها من الجرائم؟ أم عندما تعلن قطر أن الغاز الموجود فى سيناء هو ملك لها ونحن غائبون ومغيبون لا ندرى من الذى باع ومتى ولماذا؟
هل يتهدد الأمن القومى عندما يطلب الشاطر إقالة اللواء أركان حرب أحمد وصفى لما يفعله فى بورسعيد من تنظيم واستعادة أمن وترميم وتجميل المدينة التى مازالت مكلومة على أبنائها ضحايا عصابات حماس والإخوان؟ أم عندما يهدد أبوإسماعيل الجيش المصرى بالفناء ويلقبه بجيش فرعون؟ أم عندما يلوك البعض فى الإعلام كلمة «عسكر» واصفين بها خير أجناد الأرض؟ وهل يمكن أن يقبل الجيش المصرى العريق هذه الإهانات التى تجرح أفراد الشعب قبل أفراد القوات المسلحة؟
هل تبقى أمن قومى بعد قرار النائب العام بإعطاء الضبطية القضائية للمواطنين حتى وإن عاد وأنكر؟ وهل مازال لدينا ولديكم فرص لمنع قيام حرب أهلية لم تحدث فى تاريخ مصر الطويل؟
وهل ظهر الهدف بوضوح بعد تهليل الجماعة الإرهابية فى الإعلام بأنه قرار حكيم قد تأخر كثيرا ثم نراهم فى الصور وقد ارتدوا أزياء كتب عليها شرطة الجماعة السلفية؟
هل يتهدد الأمن القومى عندما تجمع كل الصحف العالمية على تدهور النظام العام وتداعى القانون فى مصر؟ أم عندما تسخر إسرائيل من أحوال مصر فى صحفها وتصور فى الكاريكاتير شعب مصر الضعيف الخائف لايستطيع شرب الماء من النيل لوجود تمساح عملاق فاتحا فكيه؟ أم هل عندما تهددنا قطر بمنع المعونة والإعانة حتى نشعر أننا قد أصبحنا تحت احتلال قطرى حمساوى إخوانى مشترك؟.. أم عندما تتلاشى سلطة الرئاسة وصوتها ووجودها؟ هل يتهدد الأمن القومى عندما يغيب الأمن وتتسيد حوادث البلطجية والسطو والسرقة بالإكراه والقتل والاختطاف حتى يعم الخوف وترسل بعض المدارس رسائل لأولياء الأمور بعدم مسئوليتها عن أمن الأطفال الصغار؟
هل يتهدد الأمن القومى عندما يضيع الحق ونعتاد أخبار السطو والاختطاف ولون الدماء وقسوة السحل ومشاهد الجنازات ولاتحرك فينا ساكنا دموع الأمهات المكلومة وازدياد عدد القتلى يوما بعد يوم من المواطنين ورجال الشرطة ورجال القوات المسلحة ولانجزع من صور الحرائق وألسنة اللهب والدمار ولانحزن على الأجساد المخترقة بالرصاص والدماء السائلة فوق الأسفلت.. لا نقلق من نزيف الخسائر المتوالى المرعب؟ ماذا تبقى من الأمن القومى.. ماذا تبقى من أمن حياة القوم.. ماذا تبقى من قوام الدولة؟