خالد علي: المسودة تتعامل مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كمشاكل هامشية حمدي عبد العظيم: كان ينبغي ربط الحافز بالإنتاج لا ربط الأجر بالانتاج أحمد جويلي: مشروع الدستور الجديد لم يحدد النظام الاقتصادي للدولة
أكثر من خمسة عشر مادة حددت المقومات الاقتصادية في مشروع الدستور الجديد الذي يتم استفتاء الشعب المصري عليه كانت أهمها المادة رقم 14 والتي نصت على أن الاقتصاد المصري يهدف إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل والانتاج والدخل القومي، وتعمل خطة التنمية على إقامة العدالة الاجتماعية والتكافل، وضمان عدالة التوزيع، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين، والمشاركة بين رأس المال والعمل في تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها.
وأضافت المادة في فقرتها الثانية أنه يجب ربط الأجر بالانتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى في أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون.
وفي هذا السياق قال خالد علي، المحامي والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، إن مسودة الدستور النهائية أثارت حفيظة الكثيرين، وذلك لأسباب متنوعة، فالبعض اعترض على دستور يتم "سلقه" من أجل الانتهاء منه سريعا، وقد شاهد الجميع العجلة التي سيطرت على أعضاء اللجنة التأسيسية، إلى الحد الذي جعلهم لا يلجأون حتى للجنة الصياغة ويكتفون بلغة لا تليق بدستور مصر بعد الثورة.
وأضاف أن قصور مشروع الدستور في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا يجب السكوت عنه، لأن المسودة النهائية تعاملت مع المقومات الاقتصادية والاجتماعية كمشاكل هامشية وغير مؤثرة في ديمقراطية الدولة أو مدى احترام الدولة لحقوق الانسان.
وتابع أنه يرى أن هناك العديد من المشاكل في المسودة النهائية من حيث الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتي تجعل مسودة الدستور الجديد شديدة التشابه بدستور عام 1971 وهو الذي فشل في تضمين الحقوق الأساسية للمصريين من المأكل والملبس والسكن والرعاية الصحية والتعليم ذي الجودة وغيرها.
وأوضح علي أنه بقراءة تحليلية لتلك المسودة سيظهر كم القصور في المواد، بل أن بعض المواد تخرق حقوق اقتصادية واجتماعية بعينها فمثلا المادة 63 التي تنص على أنه لا يجوز فرض أي عملي إجباري إلا بمقتضى قانون والتي يجب أن يكون هناك توقف أمامها لأنه من الممكن أن تشهد الأيام المقبلة قانونا يسمح بالعمل الجبري ووقتها لن يكون الدستور عائقا.
ومن جانبه قال حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إن المقومات الاقتصادية في مشروع الدستور بها عيوب كثيرة أهمها ما جاء في المادة 14 والفقرة الخاصة بربط الأجر بالانتاج مؤكدا على أن هذا مخالف للدساتير وقوانين العمل المتعارف عليها، حيث كان ينبغي عليه ربط الحافز بالانتاج، لأن الأجر حق أصيل للعامل حيث من الممكن أن تصاب آلات العمل بعطل لا يكون للعامل دخل فيه وعليه فلا يحصل على أجره.
وأضاف أن الفقرة الموجودة في المادة 14 والتي تخص الحد الأدنى والحد الأقصى تكفل أن يحصل العامل على أجره بصرف النظر عن الإنتاج من عدمه، وأن الحد الأقصى ذكر للأجور ولم يذكر الدخل حيث أن الأجور الإضافية تعد دخلا وربما تزيد عن الراتب الأساسي بعشرة أضعاف ما سيؤدي إلى تفاوت كبير بين الدخول والأجور.
كما انتقد عبد العظيم أن يكون هناك استثناء في حالة تطبيق الحد الأقصى للأجور لأن هذا يجعل الباب مفتوحا لكل الجهات والهيئات لأن يكون لها قانون يستثنيها من تطبيق الحد الأقصى وكأنه مجرد حبر على ورق.
وأشار إلى أن مشروع الدستور ذكر أن الاقتصاد يقوم على خطة التنمية المتظردة الشاملة وهذا ليس مقبولا لأنه من المفروض أن يقوم على التنمية الشاملة فقط حتى يكون هناك تعاونا في كافة مقومات الدولة، كما ذكر الزراعة والصناعة فقط من المقومات الوطنية ولم يذكر السياحة والتجارة والبورصة وقطاعات مهمة كثيرة.
ومن جانبه قال أحمد جويلي أمين عام مجلس الوحدة العربية الاقتصادية إنه يرى أن مشروع الدستور لم يرقى إلى التدقيق الكامل حول المقومات الاقتصادية حيث كان يجب على الجمعية التأسيسية من العودة للخبراء الاقتصاديين والنظر لمقترحاتهم ومراجعة المواد مرة أخرى معهم وشرحها للمواطن البسيط ليكون واعيا على ماذا سيذهب للاستفتاء.
وأوضح أن المادة 24 الخاصة بالملكية الخاصة وكونها مصونة إلا أنه أنهاها بجملة " مقابل تعويض عادل يدفع مقدما " وهذه جملة مطاطية مرفوضة في مشروع الدستور لأنه كان عليه أن يقول تعويض عادل حسب سعر السوق أو المتر في منطقة الملكية وحسب التوقيت الزمني أيضا حتى لا يكون جورا قد وقع على المالك.
كما أبدى اعتراضه على المادة 29 التي أجازت التأميم مشيرا إلى أنه إجراء اشتراكي تخلصنا منه منذ فترة طويلة حيث أنه إجراء سيؤثر على قطاع الأعمال العامة المتناسى من قبل النظام، كما عاب على الجمعية التأسيسية عدم تشجيعها على الوقف الأهلي وعدم ذكره في المادة رقم 25 الخاصة بالوقف الخيري.
وتعجب جويلي من أن مشروع الدستور لم يحدد النظام الاقتصادي للدولة هل رأس مالي أم اشتراكي أم مختلط أم إسلامي، مشيرا إلى مطالبهم المتعاقبة بإقرار نصا دستوريا يعتبر التهرب الضريبي جريمة يعاقب عليها القانون وتكون مرتبطة بالشرف المهني ليكون هناك رادعا للمتهربين من الضريبة.