رغم ان ثوب مشروع الدستور المطروح للاستفتاء مليء بالعديد من الثقوب الا أنني سوف أقصر حديثي هنا علي الثوب الاقتصادي للدستور كما جاء في تلك المشروع والتي أوضحها فيما يلي: أولا: جاءت المسودة خالية من تحديد النظام الاقتصادي لمصر هل هو نظام رأسمالي حر أم نظام اشتراكي ديمقراطي كما كان في دستور 1971 أم نظام مختلط يجمع بين النظامين.. ولعل النموذج الألماني هو الذي يصلح لحالة مصر حيث يقوم علي الرأسمالية الاجتماعية والذي يشجع الحرية الاقتصادية مع وجود ضوابط لتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية الفقراء وغير القادرين علي العمل، ومنع الاستغلال وسوء التوزيع، واعتبار الملكية العامة والملكية الخاصة ذات وظيفة اجتماعية. ثانيا: جاء في المادة (14) يهدف الاقتصاد الوطني الي تحقيق التنمية المطردة الشاملة.. الخ.. ولعله كان من الافضل ان يهدف الي تحقيق التنمية المتوازنة بين جميع المناطق الجغرافية للدولة، وبين كل القطاعات الاقتصادية وفي ذات المادة (يجب ربط الأجر بالإنتاج وتقريب الفوارق بين الدخول) ولعل تقريب الفوارق بين الطبقات يكون هو المناسب لمصر بعد الثورة التي كان من دوافعها تآكل الطبقة الوسطي في ظل النظام البائد المباركي.. وأشارت المادة الي وجود تحديد حد أدني للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن وحد أقصي لا يستثني منه إلا بناء علي قانون. ويلاحظ انه كان الاوفق ان يكون الحد الاقصي للدخل من جهة العمل وليس الاجر فقط نظرا لوجود بنود مختلفة ملحقة للاجور الاساسية تؤدي الي تجاوز الحد الاقصي للاجر هذا من ناحية، ومن ناحية أخري فقد فتحت هذه المادة الباب امام الاستثناءات لتجاوز الحد الاقصي للأجور بناء علي قوانين قد تدبلج بليل لتحقيق مصالح خاصة لفئات بعينها مما يخل بالعدالة الاجتماعية ويزيد الفوارق بين الدخول. ثالثا: جاء في المادة (15) ان الزراعة مقوم اساسي للاقتصاد الوطني، وفي المادة (17) الصناعة مقوم اساسي للاقتصاد الوطني. ولم يفعل نفس الشيء مع بقية قطاعات الاقتصاد الوطني رغم أهميتها مثل قطاع السياحة، وقطاع الخدمات المالية، وقطاع التجارة، وقطاع التشييد والبناء وغيرها. رابعا: جاء في المادة (24) نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة مقابل تعويض (عادل) يدفع مقدما، ويلاحظ ان كلمة تعويض عادل هي كلمة مطاطة غير محددة لأن العدالة مسألة نسبية فما تراه الدولة عادلا قد لا يكون كذلك بالنسبة لمالك الملكية الخاصة. ولعله كان من الافضل ان يكون (مقابل تعويض بقيمة المثل السوقية في تاريخ اتخاذ قرار نزع الملكية الخاصة). خامسا: المادة (27) نصت علي أن يكون تمثيل العمال في مجالس ادارة وحدات القطاع العام في حدود 50٪ من عدد الاعضاء المنتخبين. ويلاحظ علي هذه المادة تجاهل وحدات قطاع الاعمال العام الخاضعة للقانون 203 لسنة 1991 واختص فقط شركات القطاع العام الخاضعة لقانون 87 لسنة 1983. سادسا: جاء في المادة (29) جواز التأميم لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض عادل. ولا يخفي ان نصا هذه المادة ذو طبيعة اشتراكية ويجب عدم النص عليها نهائيا طالما ان هناك نص في المادة (24) بخصوص نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة. وذلك بالاضافة الي التحفظ علي تعبير (تعويض عادل) كما سبق القول. سابعا: اعتبرت (21) الوقف أحد أشكال الملكية المستقلة رغم أنه في حكم المال العام حيث يكون وزير الأوقاف هو ناظر الوقف رغم استحداث المشروع (هيئة عليا لشئون الوقف) في المادة (212). ثامنا: اهتم المشروع في المادة (25) بابراز التزام الدولة باحياء نظام الوقف الخيري وتشجيعه، ولم يشر من قريب أو بعيد الي الوقف الاهلي الذي يكون في حكم الملكية الخاصة المخصصة للانفاق علي الذرية ويجب حمايته دستوريا شأن الحماية المقررة للملكية العامة وللملكية الخاصة والملكية التعاونية. تاسعا: عنيت المادتان (26)، (27) بانشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغائها وعدم تكليف احد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم الا في حدود القانون، ويلاحظ انه كان يجب النص علي اعتبار التهرب من اداء الضرائب جريمة ماسة بالشرف والاعتبار ومنع من يرتكبها من تولي الوظائف العامة والترشح لعضوية المجالس الشعبية والمحلية والبرلمانية والنقابات المهنية والعمالية وغيرها. عاشرا: استحدث المشروع انشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليقوم بدعم مشاركة فئات المجتمع في اعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتعزيز الحوار المجتمعي ويشكل المجلس من مائة وخمسين عضوا كحد أدني تختارهم تنظيماتهم المنتخبة من نقابات واتحادات وجمعيات الفلاحين والعمال والمهنيين وغيرهم من فئات المجتمع علي الا يقل تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من اعضاء المجلس.. الخ. ويلاحظ ان مسودة الدستور لم يرد بها أية نصوص خاصة بالمجالس القومية المتخصصة التي كانت واردة في دستور 1971 وتضم نخب متميزة من العلماء والخبراء والوزراء السابقين وشخصيات عامة واساتذة ورؤساء جامعات ويقوم باعداد دراسات متميزة تناقش في حضور الوزراء المختصين وغيرهم من كبار المسئولين ونواب من مجلس الشعب او الشوري يدعون لمناقشة موضوعات خاصة ومن ثم كان يتعين الابقاء عليه في الدستور وتطويره لوضع توصياته او مقترحاته موضع التطبيق. حادي عشر: جاء في المادة (117) والمادة (118) حق نواب الشعب اعضاء مجلس النواب في مناقشة الموازنة العامة للدولة وتعديل النفقات الواردة في مشروع الموازنة بالاتفاق مع الحكومة علي تدبير مصادر للايرادات تحقق إعادة التوازن بينهما، ولا يخفي ان هذا النص يفتح الباب لاستخدام مجلس النواب في زيادة الاعباء علي المواطنين لتمويل زيادة النفقات كما حدث عام 2008 لتمويل علاوة 30٪ للعاملين في الدولة مقابل فرض ضرائب جديدة وإلغاء بعض الاعفاءات الضريبية للمناطق الحرة الصناعية رغم أهمية دورها في تحقيق التنمية ونقل التكنولوجيا... الخ.