* يحقق العدالة الاجتماعية بتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور * يلزم الدولة برفع مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل * صلاح الجندى: تأهيل المواطنين لسوق العمل يقلل معدلات البطالة * محسن عادل: التوزيع العادل للنمو الاقتصادى يخفض معدلات الفقر * إيهاب الدسوقى: ربط الأجر بالإنتاج يكفل حياة كريمة للمواطنين يرى عدد من خبراء الاقتصاد أن بنود مشروع الدستور المطروح للاستفتاء، فيما يتعلق بشقه الاقتصادى، تضمن بشكل مباشر أو غير مباشر تقليص نسب الفقر إلى حد كبير، خاصة فيما يتعلق بوضع حد أقصى وحد أدنى للأجور، والاهتمام بكفالة الدولة لتوفير حياة كريمة لجميع المواطنين. ونوهوا إلى نص المادة (14) التى تشير إلى أن الاقتصاد الوطنى يهدف إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية، والقضاء على الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل، وزيادة الإنتاج والدخل القومى، وتعمل خطة التنمية على إقامة العدالة الاجتماعية والتكافل، وضمان عدالة التوزيع، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين، والمشاركة بين رأس المال والعمل فى تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها، ويجب ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى فى أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون. وأشاروا إلى ما كشفه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدلات الفقر فى البلاد إلى 25.2% خلال عام 2010-2011 مقابل 21.6% فى 2008-2009، موضحا أنه رغم تزايد نسبة الفقر بشكل عام إلا أن هناك انخفاضا ملحوظا فى نسبة الفقر المدقع، موضحا أن الفقر يحتسب على أساس الدخل الشهرى للفرد بحوالى 40.6 دولارا، وهو ما يعادل أقل من دولارين يوميا. ولفت الجهاز إلى أن مؤشرات الفقر تفاوتت بين المحافظات؛ حيث ارتفع الفقر إلى 51.4 % فى ريف الوجه القبلى خلال 2010-2011 مقابل 43.7% فى عام 2008-2009، بينما وصل إلى 29.5% فى حضر الوجه القبلى مقابل 21.7% فى 2008-2009. وأوضح أن نسبة الفقر ارتفعت فى ريف الوجه البحرى إلى 17% مقارنة ب16.7% فى 2008-2009، بينما وصلت إلى 10.3% فى حضر الوجه البحرى مقارنة ب7.3%. وأكدت المؤشرات انخفاض نسبة الفقراء العاملين فى القطاع الحكومى وقطاع الأعمال العام؛ حيث بلغت 13% مقابل 21.6% فى القطاع الخاص. كما كشف تقرير حقوقى أصدره مركز "الأرض لحقوق الإنسان" عن ارتفاع نسب الفقر والبطالة والجريمة فى مصر بمعدلات عالية للغاية ومقلقة، ولفت إلى انهيار خدمات البنية التحتية، خاصة فى المناطق الريفية بمصر؛ حيث وصلت نسبة البطالة فى الريف إلى 60%، بينما وصلت معدلات الفقر إلى 75%. وأشار التقرير إلى أن مشكلات الفلاحين ارتفعت بشكل كبير مع عام 2010؛ حيث ازداد تلوث المياه وتبوير الأرض، وارتفع سعر طن السماد من 1200 جنيه إلى 1400 جنيه، ومن ناحية ثانية ارتفعت نسب الفساد بشكل كبير حتى إن هناك نوابا من مجلس الشعب فى 2010 استولوا على مبلغ 3 مليارات جنيه من أموال قرارات العلاج على نفقة الدولة. وأكدوا أن كل هذه الإحصائيات وغيرها كانت أمام مرأى ومسمع أعضاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور وهم يضعون مواد الدستور الجديد؛ حيث تضمن بنودا حول سبل مكافحة الفقر ورعاية الطبقات محدودة الدخل. عدالة الأجور بداية يرى الدكتور صلاح الجندى، الخبير الاقتصادى، أن الدستور الجديد اهتم بوضع حد أدنى وحد أقصى للأجور، موضحا أن إصدار القوانين التى تتعلق بتقليص الفجوة بين الحد الأقصى والحد الأدنى للعاملين فى الدولة ستعمل على تقليص نسبة الفقر بشكل كبير. واقترح الجندى إصدار تشريعات تعطى العاطلين خريجى الجامعات إعانات شهرية، على أن يتم تحديدها بمدة زمنية محددة حتى يجد الخريج فرصة عمل؛ الأمر الذى يعمل على تقليص نسب الفقر، إلى جانب ضرورة الاهتمام بالتدريب التحويلى، الذى يؤهل المواطن للعمل فى أكثر من مجال. وأضاف أن اهتمام المادة (15) من الدستور بالزراعة كمقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، والتزام الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، والعمل على تنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها، وتحقيق الأمن الغذائى، وتوفير متطلبات الإنتاج الزراعى وحسن إدارته وتسويقه، ودعم الصناعات الزراعية، يعتبر أحد الأمور المبشرة فيما يتعلق بالقطاع الزراعى فى مصر. وطالب بضرورة إصدار قوانين تجرم كل فعل من شأنه التعدى على الرقعة الزراعية الخصبة، خاصة بعد انتشار ظاهرة التعدى على الأرض الزراعية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة. وأشاد الجندى إلى الاهتمام الكبير الذى أولاه الدستور بنهر النيل وموارد المياه كثروة وطنية فى مادته (19)، التى ألزمت الدولة بالحفاظ عليها وتنميتها، ومنع الاعتداء عليها. وينظم القانون وسائل الانتفاع بها، مشيرا إلى أنها أحد أهم عوامل ما يسمى بالقضاء على الفقر المائى، على حد قوله. وأشار إلى أن نصوص الدستور تتضمن كفالة الدولة الملكية المشروعة بأنواعها العامة والتعاونية والخاصة والوقف وتحميها، وفقا لما ينظمه القانون، وهو ما يعتبر من العوامل الداعمة للقضاء على الفقر بشكل غير مباشر. توزيع عادل أما محسن عادل، الخبير الاقتصادى، فيوضح أن النمو الاقتصادى يعد ضروريا للتقليل من حدة الفقر ومعدلاته، كما أن تأثيره يكون إيجابيا على الفقراء، ولكن ذلك بشرط أساسى هو أن يكون توزيع هذا النمو عادلا. وقال عادل: "عادة ما يكون النمو جيدا للفقراء، لأن النمو يؤدى إلى زيادة الطلب على ما يقومون بإنتاجه"، وأضاف: "أما إذا حدثت زيادة معينة فى معدلات النمو، ولم يصحب ذلك تخفيف حدة الفقر، فإن ذلك يعنى حتما أن توزيع الدخل أصبح غير عادل"، مطالبا باتباع مجموعة من السياسات الاقتصادية الكلية الداعمة للنمو؛ مثل العمل على تخفيض معدلات التضخم، وتقليص أعداد موظفى الحكومة، واتباع السياسات المالية السليمة، واحترام القانون، والانفتاح على التجارة الدولية؛ وكل هذا يؤدى إلى زيادة متوسط الدخول. وأوضح أن بناء السياسات الحكومية السليمة، وفقا لمواد الدستور الجديد، سيؤدى إلى انخفاض الفقر، إذا ما نجح هذا التدخل فى أن يجعل المصدر الرئيسى لهذا النمو هو مجالات النشاط الرئيسية للفقراء، مثل الزراعة ومشروعات الأعمال الصغيرة. وأشار عادل إلى أن بعض الدراسات توضِّح أن الفقر يمكن أن يتراجع بمعدلات أعلى من معدلات النمو الاقتصادى، ما دام أن هذا الأخير لا يؤدى إلى زيادة التفاوت فى توزيع الدخول، لافتا إلى أن المطلوب حاليا هو اتباع بعض السياسات التوزيعية التى تمكّن الفقراء من الاستفادة من النمو الحادث فى الاقتصاد؛ بحيث ينعكس هذا على مستوى معيشتهم وتحسين أحوالهم. العدالة والتكافل من جانبه، قال الدكتور إيهاب الدسوقى، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات، إنه لا توجد شكوك حول أهمية العديد من البنود التى وضعها الدستور الجديد فى مواجهة عناصر الفقر والبطالة، خاصة المادة الرابعة عشرة، التى تدعم إقامة العدالة الاجتماعية والتكافل، وضمان عدالة التوزيع، وحماية حقوق المستهلك، والمحافظة على حقوق العاملين، والمشاركة بين رأس المال والعمل فى تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها. وأشار الدسوقى إلى أن ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات تعتبر أحد أهم الأمور التى تكفل حياة كريمة لكل مواطن، وتقلص نسب الفقر بشكل كبير جدا. وأكد أن المبادئ العامة للدستور كافية تماما للقضاء على الفقر، مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة وضع السياسات الحكومية المناسبة لتنفيذ الخطوط العريضة لمسودة الدستور، مضيفا أن الدستور يعتبر المحدد الرئيسى للإطار الذى تعمل عليه الدولة، مشيرا إلى أن القضية الرئيسية تتلخص فى السياسات والقوانين الاقتصادية التى يجب أن تضمن دعم الفقراء بشكل كبير جدا. وعلى الرغم من رفض الدسوقى لمبدأ فرض ضرائب جديدة على المواطنين، إلا أنه طالب بسن القوانين التى تفرض ضرائب تصاعدية على القادرين، التى من شأنها تحسين موارد الدول من ناحية، ودعم الفقراء بشكل كبير من ناحية أخرى، كما طالب بضرورة اتخاذ السياسات اللازمة لترشيد الدعم بشكل كبير؛ الأمر الذى يوفر ميزانية كبيرة قد تساعد على القضاء على الفقر بشكل مباشر، عبر دعم غير القادرين.