أكد الدكتور صابر حارص "رئيس وحدة بحوث الرأي العام " بجامعة سوهاج " في محاضرة له بالمجمع الإعلامي ، أن القوى المدنية كانت تعمل من البداية باتجاه دستور ليبرالي علماني يفرغ مصر من هويتها الإسلامية أو عرقلة وتعطيل إصدار الدستور برمته كأحد استراتيجيات هدم النظام الجديد. وأضاف " حارص" أن انسحاب هذه القوى من تأسيسية الدستور يعكس ضعف منطقهم الوطني واهتزاز مصداقيتهم بالقيم الديمقراطية التي يتشدقون بها وعدم احترامهم للوائح والمعايير التي تعمل بها تأسيسية الدستور، خاصة وأن المنسحبين ظلوا خمسة أشهر مقتنعين بالجمعية وأعمالها وتشكيلها وحققوا انتصارات كثيرة على التيار الإسلامي وفرضوا وجهة نظرهم عليه إما بالتوافق أو الضغط والتهديد الذي دفع الإسلاميين إلى تقديم تنازلات كثيرة ابتداءً من التخلي عن نص الشريعة واستبداله بالمادة 220 التي تفسر مبادئ الشريعة في مقابل إضافة المادة الثالثة التي تنص على احتكام المسيحيين واليهود إلى شرائعهم في عباداتهم وأحوالهم الشخصية.
وأوضح " حارص" أن تنازلهم عن السيادة لله وجعلها للشعب بحجة أن سيادة الله لا تحتاج لدستور يقرها بينما في الحقيقية هي هروب من اصطدام قوانين البرلمان بشرع الله.
وقال حارص المتخصص في الإعلام السياسي أن القوى المدنية وصل بها الحال إلى الاعتراض على شرع الله كضابط للحرية ورفض تحريم وتجريم الزنا والشذوذ والربا والعودة في ذلك إلى تشريعات البرلمان القادم.
وأشار " حارص" إلى أن احترام اللوائح كان يقتضي الانتظار إلى تصويت لجنة الصياغة المصغرة وإبداء الآراء والبراهين ومحاولة إقناع أعضاء اللجنة وبالنهاية يجب احترام نتيجة التصويت.
وأضاف أستاذ الاعلام السياسى أن الانسحاب في نهاية المطاف والدستور على مشارف الإصدار هو سلوك ابتزازي وحيل سياسية موجهة للخصم أو المنافس الإسلامي دون مراعاة لمصلحة الوطن التي تقتضي إنقاذ البلاد من الفوضى والانفلات الأمني بسرعة إصدار دستور من أعظم الدساتير في تاريخ مصر ناقشته كل طوائف وفئات المجتمع وصفوة من الخبراء والمتخصصين طيلة ستة أشهر.
وأوضح " حارص " أن المصلحة الوطنية تقتضي التعجيل بسرعة مرحلة الصياغة خاصة وأن فلسفة المواد المتفق عليها معلومة لدى الجميع، وأن الخلاف يجب أن يقتصر على الصياغة لا على المضمون، وأنه في حالة الخلاف على المضمون ليس من المنطق الاحتكام إلى التوافق أو الإجماع العام لأن ذلك لن يتحقق حتى على القرآن أو الانجيل ولا بين الطوائف المسيحية أوالطوائف الإسلامية.
وقال " حار" ص كيف تطالب القوى المدنية باتفاق عام بين أعضاء التأسيسية بمرجعياتها المتباينة؟ وضحاً أن الذي يقوم بتدريس الرأي العام لطلاب الصحافة والعلاقات العامة بجامعة سوهاج أن أعمال الدستور ومناقشة مواده تقع في مربع الرأي العام الذي تحسم فيه الأمور بالأغلبية وليس بالإجماع العام كما يروج الإعلام وقواه المدنية.
وأضاف أن ترديد نغمة الاتفاق العام تنطوي على مغالطة كبيرة لأن ذلك لن يتحقق حتى في أعتى الدول الديمقراطية، مطالباً تأسيسية الدستور بالاستمرار في أعمالها لأن المنسحبين لا يتجاوزون ثلث أعضائها واللجؤ إلى الأعضاء الاحتياطيين وإصدار المسودة النهائية قبيل الثاني عشر من ديسمبر آخر المهلة المحددة للانتهاء من كتابة الدستور وأن العبرة النهائية باستفتاء الشعب رغم تعرضه طوال الوقت لمنصات إعلامية وطلقات القوى المدنية من المغالطات والإشاعات التي تجعلهم آمنين لنتيجة الاستفتاء.