نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية تقريرا يتناول التوترات الناشئة عن الأزمة الأوكرانية والتي تهدد بالقضاء على التعاون الفضائي الروسي الأمريكي ورصد التقرير انعكاسات الأزمة على الولاياتالمتحدة فى إطلاق أقمارها الصناعية للتجسس ولأغراض عسكرية أخرى. وقال التقرير إنه عندما بدأ القمر الصناعي التابع لمكتب الاستطلاع الوطني الأمريكي التحليق فوق كيب كانافيرال في العاشر من أبريل ، كان هناك احتمال قوي أن القمر الصناعي الخاص بالاستخبارات سيستخدم لمراقبة الجيش الروسي، الذي كان محتشداً على الحدود الشرقية لأوكرانيا عندما جرت عملية الإطلاق؛ ومن جهته أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روجوزين، أن حكومته لن تسمح بتصدير محركات RD180، التي تدعم الصاروخ أطلس الخامس بالطاقة، إلى "تحالف الإطلاق المتحد"، المشروع الذي يتولى عمليات الإطلاق العسكرية الأكثر أهمية في الولاياتالمتحدة، إذا كانت الأقمار الصناعية لأغراض عسكرية. وبما أن عمليات الإطلاق التي يقوم بها تحالف الإطلاق المتحد تعد كلها عسكرية تقريباً، فإن القرار الروسي يمنع الصادرات بصورة فعلية، وكان روجوزين هدد أيضاً بمنع الولاياتالمتحدة من استخدام محطة الفضاء الدولية بعد عام 2020. ووفق الصحيفة فان بعد هذا الإجراء الروسي يتوجب على الولاياتالمتحدة إعادة تنشيط صناعة الصواريخ المحلية الأمريكية، ونقل التقرير عن إريك برنارديني، قائد الفضاء العالمي والدفاع في أليكس بارتنرز للاستشارات، قوله: "ليس لدي شك في أن الصناعة الأمريكية ستتدخل في الأمر وتتوصل إلى خطة احتياطية. على جانب اخر صرح الرئيس التنفيذي لشركة ATK، إحدى الشركات الأمريكية في مجال تعزيز الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، بأن لديه ثقة كبيرة في الصناعة الأمريكية، وقال "إننا متفائلون إلى حد ما بأن هذا سيشجع الولاياتالمتحدة على التركيز في إمكانية إطلاق المحركات المحلية الخاصة بها"، مضيفاً: "ربما يؤدي ذلك إلى إيجاد حلول جديدة يمكن أن نساعد على تقديمها لهذا البلد". وبحسب التقرير، فان الولاياتالمتحدة تريد ضمان الوصول إلى الفضاء، فإنها تحتاج إلى حلولها الخاصة، حتى إن كلفها ذلك أموالاً إضافية. فقد ثبت أنه لا يمكن لأمريكا أن تواصل حربها الباردة بشكل آمن وهي تعتمد على صناعة الفضاء الروسية. ويهدف المشروع، الذي تستخدم فيه محركات وضعت أصلاً لمكوك الفضاء، إلى إرسال البشر إلى الفضاء، أو إلى القمر، أو في نهاية المطاف إلى المريخ، ويتعين أن يتناسب أي محرك جديد مع RD180، الذي يحتاج إلى كمية أقل من الوقود لكل رطل من قوة الدفع من الأجهزة الموازية الأمريكية الحالية، لكن سيكون لدى المطورين بضع سنوات فقط من أجل التوصل إلى حل، وقد خزن تحالف الإطلاق المتحد كميات كافية لمدة سنتين من RD180s لعمليات الإطلاق، ويمكن تبديل أكثر عمليات الإطلاق لصواريخ أطلس الخامس مع صواريخ دلتا التي تعتبر من الطراز القديم، لكن مصدرها بالكامل من الولاياتالمتحدة. ويمكن لنظام إطلاق جديد ناجح أيضاً تقديم شيء غير عادي في الميزانية العسكرية الأمريكية، ويمكن للبساطة الميكانيكية في بعض أجزاء المحركات الجديدة وزيادة كفاءة استهلاك الوقود أن يوفرا أفضل أداء وأقل تكلفة، وتبلغ تكلفة إطلاق صاروخ بواسطة تحالف الإطلاق المتحد في المدارات المتزامنة مع الأرض، والتي تستخدم عديداً من الأقمار الصناعية، أكثر من 140 مليون دولار، وفقاً لأرقام أليكس بارتنرز، مقارنة بنحو 70 مليون دولار لإطلاق الصواريخ الصينية الأكثر حداثة. وكما يقول تومسون "ليست هناك مفاضلة بين شراء التكنولوجيا الجديدة وشراء التكنولوجيا بأسعار معقولة، لأن أحدث تكنولوجيا ستكون أكثر كفاءة بصورة جوهرية"؛ لكن حتى لو أثبتت أنها مكلفة في توفير وسائل تكون بالكامل من الولاياتالمتحدة لوضع الأقمار الصناعية الحساسة في المدار، فإن عدداً قليلاً من المراقبين يعتقدون أن ذلك سيتبين أنه يشكل رادعاً كبيراً. وتراقب أوروبا عن كثب قرار روسيا استهداف أجزاء من برنامج الفضاء الأمريكي، لأن إمدادات أكثر من نوع من محركات الصاروخ في أوروبا اصبحت متوترة جدا ؛ حيث تعتبر وكالة الفضاء الأوروبية شريكاً رئيسياً في محطة الفضاء الدولية، لكن تعاونها مع روسيا يمتد إلى التعاون الوثيق في مركبات الإطلاق الفضائية والاستكشاف. على جانب اخر يقول مسؤول في وكالة الفضاء الأوروبية "نحن نعمل مع الروس في عدة مجالات مختلفة"، واعترف بأن هناك قلق كبير من استهداف برنامج الفضاء الأمريكي؛ لكنه لا يرى ما يدل على أن لدى موسكو أي خطط لتغيير علاقتها مع أوروبا، مشيراً إلى أن التعاون مع روسيا كان مشمولاً باتفاقات رسمية بين موسكو والدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية؛ والتعاون مع وكالة الفضاء الاتحادية الروسية "روسكوزموس"، يعتبر أمراً بالغ الأهمية لوكالة الفضاء الأوروبية، خصوصاً في مجال مركبات الإطلاق. وتعتبر روسيا أيضا شريكاً رئيسياً في برنامج المريخ الأوروبي المقبل، الذي يشتمل على مهمتين في 2016 و2018، بعد انسحاب "ناسا" منه، وما يقتضيه واجب وكالة الفضاء الاتحادية الروسية هو تزويد وسائل الهبوط، التي تؤدي إلى عملية إنزال على سطح المريخ خلال بعثة عام 2018، ومن المقرر أن تنطلق البعثتان من منصة روسية في قاعدة بايكونور في كازاخستان على متن صواريخ بروتون الروسية الصنع.