طغت موجة من الشعارات التي تمجد القيم الإسلامية على الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها إيران بنهاية الاسبوع وهي أول انتخابات عامة في ايران منذ اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد عام 2009 في الوقت الذي تتصاعد فيه الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة الايرانية. ورفض مرشحون إصلاحيون بارزون خوض الانتخابات التي تجرى يوم الجمعة مما جعل المنافسة قاصرة على الفصائل المتشددة الموالية لخامنئي ولاحمدي نجاد. وهيمنت صور خامنئي وأقواله على اللافتات الانتخابية في انحاء طهران. ومن بين هذه الاقوال عبارة "الانتخابات علامة على حيوية الامة ووعيها" التي قالها خامنئي وظهرت على لافتة بأحد الطرق السريعة الرئيسية بالعاصمة. وتناقض هذه الحملة الرصينة مع الحملات الصاخبة التي ميزت الانتخابات في السنوات الاخيرة. ويستعين حتى انصار أحمدي نجاد بصور خامنئي لجذب الناخبين نظرا لانخفاض شعبية الرئيس الذي يلقى باللوم على سياساته في الازمة الاقتصادية التي تشهدها ايران. وخلال الثمانية عشرة شهرا الماضية أضر الغاء الدعم على الطعام والوقود مع الهبوط المفاجيء لقيمة العملة الايرانية بحياة كثير من الاسر الايرانية. ومضت ايران قدما في برنامجها النووي على الرغم من انزعاج الولاياتالمتحدة وحلفائها. وتعتقد الدول الغربية ان ايران تحاول تطوير قدراتها لصنع اسلحة نووية وفرضت عقوبات تستهدف المؤسسات المالية الايرانية وصناعتها النفطية. وهاجم تحالف من جماعات تؤيد خامنئي سياسات احمدي نجاد الاقتصادية ويبدو انها بصدد توجيه ضربة قوية له في الانتخابات. وقال محلل سياسي في طهران طلب عدم نشر اسمه "حلفاء احمدي نجاد ينحون جانبا خلافاتهم مع القائد (الاعلى) مؤقتا من اجل مزيد من الاصوات انهم يريدون ان يخلقوا صورة توحي بأن الرجلين مقربين جدا." وفي السنوات القليلة الماضية كانت اللافتات الملونة والرسوم لوجوه المرشحين والشعارات الوطنية التي تعد بمستقبل افضل واكثر اشراقا هي الوسيلة الابرز في جذب أصوات الناخبين بعد ان حلت محل الشعارات الثورية التي سادت فترة ما بعد الثورة الاسلامية عام 1979. ثم حلت الحملات الانتخابية التي تخاطب المشاعر الوطنية محل الفكر الاسلامي خاصة بعد انتخاب الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي عام 1997. وأدرك الايرانيون ان الوقت قد تغير عندما ظهر الرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني - الذي خاض الانتخابات البرلمانية عام 2000 - في بعض الدعايات الانتخابية بدون عمامته. لكن ايران تمضي الان في الطريق المعاكس تحت وطأة الضغوط التي تواجهها من الداخل والخارج. واطلقت اسرائيل تهديدات ضمنية بأنها ستشن ضربات وقائية على المواقع النووية الايرانية ولم تستبعد الولاياتالمتحدة قيامها بعمل عسكري. وفي الحملة الانتخابية الحالية عادت شعارات الاسلام والثورة الايرانية الى صدارة المشهد كأكثر الوسائل قدرة على جذب الناخبين. وتنقل لافتة أقيمت في شارع ولي عصر بوسط طهران -وضعتها بلدية العاصمة- عن خامنئي قوله "كلما ازدادت حيوية الانتخابات كلما كبرت عظمة الامة الايرانية في أعين الاعداء." وتعرض اللافتة التي تروج لجبهة الاصوليين الموالية لخامنئي صورا لمؤسس الجمهورية الاسلامية ايه الله الخوميني وللزعيم الاعلى الحالي مع شعار يعد ببناء "بيت يناسب الشعب الايراني." وحث رجل الدين المتشدد احمد خاتمي في خطبة الجمعة الماضية المرشحين على عدم "اساءة استخدام" شعبية خامنئي في حملاتهم والتركيز بدلا من ذلك على خططهم لتحسين حياة المواطنين. وهناك علامات على ان الاقبال على التصويت في المدن الكبرى سيكون ضعيفا بما يعكس احباط وغضب كثير من الناخبين تجاه مشكلاتهم الاقتصادية المتفاقمة. ويعتقد محللون ان الاقبال على التصويت سيكون اعلى في القرى والبلدات الصغيرة. وقال محلل ثان في طهران طلب ايضا عدم نشر اسمه "لا توجد انتخابات هذه المرة. هذه أكثر الانتخابات فتورا على الاطلاق. ليست هناك منافسة وهذه الانتخابات لا علاقة لها بالناخبين وانما تتعلق بمن يحصون الاصوات. "على الرغم من ان الامة الايرانية يصعب التنبؤ بسلوكها فهناك فرصة كبيرة ان يبقى اغلب الناس في المدن الكبيرة بعيدا عن الانتخابات." وتوقع مسؤولون ان تصل نسبة الاقبال الى نحو 60 في المئة. لكن ما زالت هناك مخاوف من ان استطلاعات الرأي لم تستطع الحصول على الرأي الحقيقي للايرانيين. وقال مسعود بزشكيان عضو البرلمان الايراني انه يجب بذل مزيد من الجهد لجذب اهتمام الناخبين. ونقلت عنه وكالة انباء الطلبة الايرانية قوله "يجب ان تصبح الجامعات والمساجد ميادين نقاش بين المرشحين لخلق المزيد من الاهتمام حول الانتخابات." وبالنسبة لانصار الاصلاحيين ربما لا تكون هناك انتخابات أصلا. فلم تقدم الجماعات الاصلاحية الرئيسية قوائم موحدة للمرشحين وتقول ان مطالبها بانتخابات "حرة ونزيهة" لم تتحقق. ويعيش الزعيمان المعارضان مير حسين موسوي ومهدي كروبي رهن الاقامة الجبرية وحظرت الاحزاب الاصلاحية الرئيسية منذ عام 2009. وقال فخري هوشمندي (53 عاما) في طهران "لن ادلي بصوتي .. حتى لو اردت فلن اعرف لمن اعطي صوتي. لا توجد ملصقات كافية في الشوارع." لكن هناك علامات على ان الرسائل المستمرة التي تبثها وسائل الاعلام الحكومية والتي تحث الايرانيين على التصويت وتحدي "اعداء" ايران لها تأثير. وقال علي (46 عاما) رجل الاعمال الغني الذي تلقى تعليمه في الولاياتالمتحدة "لم أحسم أمري بعد بشأن التصويت... لا اعتقد ان صوتي سيعني شيئا حقا لكن لان غيابنا يشجع اعداء ايران على شن حرب فسوف أدلي بصوتي لكن لصالح شخص ينتقد احمدي نجاد."