كنت شاهدا علي أكبر أزمة تعرضت لها العلاقات المصرية السوفيتية عندما استدعي الرئيس أنور السادات السفير السوفيتي في القاهرة في يوليو 1971 علي السلاح السوفيتي ولا تستطيع أن تدخل الحرب بدون هذا السلاح. وكان عدد هؤلاء الخبراء قد وصل إلي أكثر من15 ألف خبير في الوقت الذي كان الاتحاد السوفيتي في أوج قوته. وبعد أسبوع أرسل السادات رئيس الوزراء في ذلك الوقت د. عزيز صدقي إلي موسكو علي رأس وفد عال ومحدود لتبديد سحب الغيوم التي سادت سماء العلاقات السوفيتية المصرية. وقد أتيح لي أن اكون ضمن هذا الوفد مع الدكتور صدقي الذي حمله السادات رسالة لا أنساها تقول: يا عزيز حافظ علي الخطوط ولا تقطعها. وانتظر الوفد برياسة عزيز صدقي في مطار القاهرة أكثر من نصف ساعة إلي أن وصل حافظ اسماعيل مستشار الرئيس للأمن القومي في ذلك الوقت حاملا مظروفا كبيرا سلمه لعزيز صدقي وبعدها انطلقت الرحلة إلي موسكو. فهم السادات أنه في الأزمات مع الدول الكبري هناك أسلوب مختلف يجب أن يحافظ علي الروابط ولا يقطع الخيوط وأن سيادة الدولة لا يقلل منها بل تدعمها الاتصالات المباشرة علي أعلي مستوي من أجل مصلحة الوطن. وكان المظروف الذي تسلمه عزيز صدقي وأرسله له السادات في آخر لحظة يحوي صورة الاتصالات السرية التي كانت القاهرة قد بدأتها مع أمريكا وعرفت عنها موسكو لكنها لم تعرف أسرارها. وقد أراد السادات أن يؤكد للسوفييت أنها لم تتناول قرار الخبراء الذي أصدره بإرادة مصرية مطلقة. وكان السوفييت يتصورون أن السادات خدعهم واتفق علي القرار مع الأمريكان. ونجحت رحلة عزيز صدقي في تجاوز الأزمة, وعادت العلاقات قوية بين البلدين وأرسلت موسكو إلي القاهرة بعد ذلك كميات ونوعيات من الأسلحة لم يحدث أن أرسلتها لمصر من قبل. وجري كل ذلك في ذلك الوقت تحت شعار وقفة مع الصديق. نقلاً عن الأهرام