فتح اللواء دكتور أحمد عبد الحليم عضو الجمعية المصرية للشئون الخارجية، والخبير الأمني ذاكرته المُخابراتية ل"صدى البلد" واختصها بحوار مصبوغ بخبرته العريضة، تحدث عن الشعب الذي إن توافّر له الوعي الصحيح استطاع أن يعبر بمصر نحو الاستقرار، واختص "اللهو" الخفي الذي يسخر منه الجميع متناسين دور إسرائيل في اضطراب مصر وتبعية بعض الحقوقيين لجهات استخباراتية بعينها، وتحدث عن الشرطة التي يحملونها مسئولية كل حدث بعدم وعي، والمعونة التي لا تتسولها مصر وتأخذها من الأمريكان (أحسن من عينهم).. إلى نصّ الحوار .. • لماذا لم يستقر الأمن في مصر حتى الآن؟ الوضع ليس غريبا لاسيّما أن الثورة قامت بتغيير جذري لابد أن تتبعه اضطرابات تهدأ قليلاً وتشتعل قليلاً وهذا ملازم للثورات عموماً لبثت فيه فرنسا 17 عاماً، في حين أن الاضطرابات في مصر ستنتهي على مرحلتين الأولى بتسليم السلطة في 30 يونيو والثانية باستقرار المؤسسات الجديدة من شعب وشورى وأحزاب. • ألم تسهم الشرطة في الاضطراب بتخليها عن واجبها في حماية الشعب وبالتالي ساهمت في سقوط هيبتها؟ اضطراب الأمن الآن طبيعي لما حدث لتحميلهم من قبل مسئولية ما حدث بالتحرير وكل ما يحدث من أخطاء إلى درجة أن الشرطة تخشى الآن التدخل في أي شيء، على سبيل المثال في أحداث بورسعيد عندما تركوا الحدث و(روّحوا بيوتهم) حتى لا يتعرضوا لأحد ومن ثم تأتي المطالب بمحاسبتهم. • ولكن هذه المطالب موجودة بالفعل لتخليهم عن دورهم في تأمين الجماهير!! الشرطة لو حمت الشعب نحاسبهم وإذا خافوا وتراجعوا نحاسبهم أيضاً.. هذا دليل على عدم وعي الشعب ، فما الذي يريده الناس؟ • إذن هل هناك أطراف متورطة بالضغط على علاقة الشعب بالشرطة وتهدف لإسقاط هيبة الدولة؟ أطراف داخلية وخارجية لا تطمح أن تتحول مصر لموقع القوة بالتطور الطبيعي الديمقراطي الشعبي فلو حدث هذا في مصر وتونس وليبيا وسوريا هذا يعني اختلال موازين القوّة في الشرق الأوسط وهو ضد مصالح دولة بعينها والدول المؤيدة لها. • عن أي دولة تتحدث؟ أتحدث عن إسرائيل ومؤيديها من أمريكا والدول الأوروبية التي لا تريد أن يتأثر توازن المنطقة، وفي المقابل نجد من يسخر من الأوضاع ويطلق لقب "اللهو الخفي" على الفاعل في بعض الأحداث متناسياً أن هناك أطرافاً دولية وإقليمية ضد تطور الثورات التي أسموها بال "ربيع العربي". • ومن هي الأطراف الإقليمية المستفيدة من اضطراب مصر؟ لا يجب أن نلقي الضوء على هذا الجانب لأنه سيضر الجميع، والدول المستفيدة لا شك أنها إفادة مؤقتة وإن كان هناك خلافات بين دول الإقليم الواحد المرتبطة ببعضها فالأمل أن تزول هذه الخلافات، ويجب أن نتحسس الحديث عنه. • وماذا عن الأطراف الداخلية؟ أبسط مثال تجمعات التحرير التي وصلت إلى 200 ائتلاف وبعد عام لم يتمكنوا من الاتفاق على ائتلاف أو اثنين. • المنظمات الحقوقية ألا يمكن أن تكون إحدى ذرائع الاستخبارات داخل مصر وسبب الاضطراب والتوتر فيها؟ لا أستطيع الجزم بذلك 100% ولكن أقول أن جزءا منها يتبع لأجهزة المخابرات الأمريكية مباشرةً وبعضها الآخر تسيطر عليه أجهزة خارجية أخرى من خلال التمويل ، بعضها تسيطر عليه " ألمانيا" ودول أوروبية أخرى وبعضها دول الشرق مثل روسيا وكل منهم يخدم مصالح الدولة الممولة له. • هل يعلم هؤلاء أنهم يخدمون مصالح دول أخرى ضدّ مصر؟ طبعاً وإلا ما كانوا ليصلوا إلى مرتبة المليونيرات بعد ذلك . • في رأيك كيف يقومون بأداء دورهم الممولون من أجله ؟ بشكل عام يمكن أن يكونوا مسئولين عن توجيه الوعي والرأي العام في الدولة لدولة وعقيدة بعينها. • برأيك لماذا لم يفتح "الشعب" ملف المداهمات الأمنية لمقارها حتى الآن؟ لأنه يعي أن مجموعة قضايا لا يمكن ان تفتح إلا بانتهائها حتى تكون الفرصة كافية لكشف جذور القضية ويكون الأمن مُستوفيا، لأن الأمن الناقص يعني حصانة للأشخاص محل البحث ويجعل استكمال الوصول إلى الحقيقة أكثر صعوبة. • ماذا لو صدر حكم ضد المنظمات وتعالت الأصوات ضدّه، كيف سيواجه الأمن صخب الناس وهجومهم؟ الشباب الصغير وثوريتهم على العين والرأس ولكنهم يفتقدون الخبرة للحكم على الأمور بشكل صحيح فقضايا الأمن لا عجلة فيها ، هو لا يعلم شيئا عن التوازنات المخابراتية الموجودة في العالم كله إلى حدّ أن أمريكا قد أمسكت من قبل بشخص أمريكي داخل استخباراتها مزروعا لصالح إسرائيل، فالمخابرات يحدث بها ما لا يتخيله أحد، والشباب ينساق وراء الشعارات دون أن يدري عُمق ما يُريد . • وهل هذه الصورة من عدم التعاون الشعبي تؤثر على مواجهة أجهزة المخابرات داخل مصر ومواجهة الأمن للأخطار؟ لا شكّ في ذلك، لاسيّما الفكرة المسيطرة على الشعب أن أجهزة الأمن تعمل ضدُّه ،ويجب ألا ينساق الشعب تجاه كسر الأمن ويعي أنه بمجرد أن أتى وزير الداخلية الأخير وبدأ الوضع الأمني في الاستقرار، قلبوا الوضع عليه وحملوه حادث بورسعيد ، والمنطق يقول إنه لا يفعل ذلك إلا جهة تريد تدمير البلد. • ولكن تأخر صدور بعض القرارات يولد شكوكاً في مقدار الشفافية التي تتعامل بها السلطات مع الشعب؟ الشفافية لها حد يجب التوقف عنده فهناك قرارات تؤخذ سريعاً وأخرى لا تتأخر وإنما تستوفي المدة اللازمة للكشف عن ملابساتها حتى لا تتسبب السرعة في ضرر أكبر، وقضايا يتم الانتهاء منها دون إفصاح حتى لا يتم الكشف عن الوسائل والأساليب التي قد نحتاج لها لدرء أخطار مشابهة في المُستقبل.. ويجب أن يعي الشعب ذلك. • وكيف نغير فكر الشعب ونوعّيه بذلك؟ هي مسئولية وسائل الإعلام التي هي للأسف تأخذ اتجاهات عديدة ومختلفة منها ما يخدم الوطن ومنها ما يخدم مصالح دول أخرى حيث لا يتحملها إلا شخص ثابت الصواب والخطأ في قرارة نفسه ، أما الشباب مفتقد الخبرة سيؤثر عليه هذا سلباً ويزيده (لخبطة) وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تزرع الوعي بالمواطن ، تجعل كل التركيز على رمي القيادة السياسية بالاتهامات طوال الوقت. • هل تقصد أن هناك إعلاماً موجهاً لخدمة دول أخرى ؟ و إلا ما كان الحديث عن الاستغناء عن المعونة الأمريكية وجمعها من المصريين أثار ذعر بعضهم وأخذوا يبحثون عن حلول لهذه المشكلة خاصة أن الدعوة خرجت من الأزهر رسمياً، ما سيصيب كل الجهات المستفيدة بالذُعر. • وهل توافق على ترك المعونة وما إذا كان هناك بدائل أخرى لها ؟! تهديدات قطع المعونة عن مصر "في الهوا" ، فمصر تمثل لهم رمانة الميزان في كثير من القضايا التي إن تركت مصر يدها منها أضرت بمصالح أمريكا على الإطلاق. فلا يتصور أحد اننا "نشحت" المعونة. • ولكننا لسنا أمام تهديدات أمريكية بقدر ما نحن أمام مطالبات شعبية بتركها والاكتفاء ذاتياً . ولماذا نتركها (أحسن من عينهم) ، أمريكا تستفيد من وضع مصر 100 مرّة قدر معونتها ولا يتصور أحد أننا "نشحت" المعونة. • ولكن هذه هي الفكرة السائدة بين الناس وأن المعونة عنصر ضغط على مصر. الموقف المصري في ضمان استقرار الشرق الأوسط أكثر مئات المرّات من قدر المعونة الأمريكية. • وعن الشعب الذي يأبى إلا أن يرفضها. الشعب المصري يريد ترك المعونة ويريد ألا يعمل ويريد أن يُضرب طوال الوقت، متى يريد أن يبني بلاده إذن ليحقق لها الاستقرار ومن ثم يرفض كل ما يريد رفضه.