فى مصر الآن حرب ضروس تهدد أمن الوطن وتزيد من حالة الانفلات الأمنى الشديد، وتعصف بما تبقى فى القلوب من اطمئنان وسكينة.. هذه الحرب فى الشائعات التى انتشرت على كل شكل ولون اجتماعياً وسياسياً، وباتت حديث الناس جميعاً فى البيوت والمتاجر والمصالح والشارع.. حرب الشائعات تستخدم أسلحة غير تقليدية ولا تجد أسلحة مضادة تردعها إلا الحرص واليقظة فى مقاومتها.. ففى ظل الفوضى والاضطراب وغياب الأمن الذى طال، تكثر الشائعات وتزداد الفتن ويغذى ذلك جهل الناس بالحقائق أو تعمد أجهزة الدولة اخفاء الوقائع التى لها صلة بحياة المواطنين.. فى زمن الفوضى تستفحل الفتن، وصغائر الأمور تكبر، وكبائر الأمور تتضاءل، ويظل المواطن حائراً إلا من الخوف والاضطراب الذى يتملكه فى كل نواحى الحياة.. حالة عدم الاضطراب ليست وليدة صدفة إنما هى تعقب أى ثورة، صحيح أنها فترة طالت أكثر من اللازم فى مصر، لكن فى نهاية الأمر ستزول عندما تعبر البلاد إلى بر الأمان، وأهم أسلحة الفوضى فى هذه الفترة هو حرب الشائعات، فالشائعة تبدأ تافهة من أشخاص تافهين وسرعان ما تسرى داخل المجتمع، بهدف احداث زلزلة بهذا المجتمع الذى يودع القهر والظلم والطغيان إلى عالم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. فى الأسابيع الماضية عندما بدأ المجتمع ينتصر على من يثيرون الفتن والقلاقل، ظهر سلاح الشائعات ليدمر الوطن، ففى الوقت الذى يستعد فيه الوطن لاستقبال أكبر حدث تاريخى وهو انتخاب رئيس مدنى له مدة محددة معروفة سلفاً، وفى وقت تم فيه انتخاب برلمان حقيقى عبر عن رغبة شعبية أصيلة دون تزوير للانتخابات ودون إدلاء الموتى بأصواتهم وتمت تحت اشراف قضائى كامل، لم يجد أعداء الوطن شيئاً ينشهون به عرض الوطن إلا حرب الشائعات.. الذين يطلقون الشائعات إنما يعلنون الحرب على رغبة المصريين فى اختيار ممثليهم فى برلمان الثورة، فإذا كانت هذه الرغبة جاءت على غير هوى من يثيرون الشائعات، فليس معنى ذلك أن ننعت البرلمان بأنه غير معبر عن رأى المصريين، رغم أنه البرلمان الوحيد الآن المنتخب انتخاباً حراً وعبر فيه المصريون عن رأيهم بصراحة. ثم إن الذين يحركون الشائعات هم جهات داخلية وخارجية، بهدف عرقلة أى تطور ديمقراطى في البلاد، فالخارج الذى لا يريد خيراً لمصر يستخدم كل الأسلحة فى الحرب على الوطن لمنع تحويله الى مجتمع ديمقراطى حر فى دولة مدنية حديثة، فمثلاً أمريكا لا تريد للشرق الأوسط أن تكون به أية دولة حديثة سوى إسرائيل، ولذلك سنجد كل هذه الحروب ضد مصر وآخرها هى الشائعات التى تصب فى صالح إسرائيل فى نهاية المطاف.. ويخطئ من يظن أن الولاياتالمتحدة حريصة على الديمقراطية فى مصر، فالأمريكان أبعد ما يكونون عن الحرص على مصلحة مصر وتحويلها إلى دولة ديمقراطية حديثة لأن ذلك لا يخدم مصلحة إسرائيل والصهيونية العالمية. وفى الداخل هناك زمرة من الخونة الذين باعوا ضمائرهم للخارج سواء على وعى أو بدون وعى لنشر السموم وآخرها حرب الشائعات، من أجل تكريس الفوضى والاضطراب وتعطيل انتقال البلاد إلى الدولة المدنية الحديثة التى ينشدها الجميع وتنتظرها الأمة بفارغ الصبر.. من اجل ذلك استخدمت أمريكا وأعوانها كل الأسلحة الفتاكة لوقف عبور الوطن الى بر الأمان ومنع النهوض بمصر لتعود الى مكانتها ودورها الريادى فى المنطقة.. ولكن مهما فعلت أمريكا وإسرائيل والتابعون لهما الذين ينفذون مخططاتهما لن ينالوا أبداً مرادهم، ولن يحققوا بغيتهم فى تعطيل تقدم مصر وازدهارها.. فمصر التى قامت بأعظم ثورة فى التاريخ لن تتراجع أبداً عن بدء خطوات نهضتها وتقدمها، وانتقالها الى الدولة المدنية الحديثة لتعود إليها ريادتها فى كل شىء.. لن تنفع حرب الشائعات مثلما فشلت كل حروب الفتن والاضطرابات التى افتعلتها أمريكا وأذنابها. وعما قريب ستزول الشائعات ويعود الوطن إلى استقراره الطبيعى.