من الصعب أن أقتنع أو أصدق أن تتحول مصر الآمان إلى مصر الخوف !!! , فالخوف يلازم كل من يحيا على أرضها , فحقا أصبح الخوف حقيقة واقعة لا يمكن انكارها , أصبح فلكا نسبح فيه , مرضا خطيرا و استشرى فأصبحنا له أسرى , نجح الخوف فى وضع ألف حاجز وحاجز بيننا و بين أحلامنا , دمر يومنا وبات يمحو الغد من حياتنا , صوته يوسوس لنا أن الأسوأ ما هو آت... فبعد أن كان الخوف من الغد و ما يحمله من مفاجآت محتملة هو ما يشغل البعض أصبح الخوف من الدقائق القادمة و ما تحمله من مصائب مؤكدة شعور يتملك الكل . فلم أتخيل أن يأتى يوم نحبس أنفسنا فى البيوت خوفا من لص قد يهاجمنا أوخوفا من أعمال السطو المسلح على الأماكن العامة , أو خوفا من أن تطولنا أعمال الشغب المتكررة, فنتجنب نزولنا للشوارع إلا للضرورة القصوى وفى حالة خروجنا لقضاء أهم حوائجنا أو للعمل نتلفت حولنا و نتشكك فى كل من يحيط بنا ونشعر أن عودتنا لبيوتنا و لأهالينا شبه مستحيلة , فأصبح الفرد منا يودع أهل بيته قبل خروجه لأنه لا يعلم مصيره الذى ينتظره خارج بيته ولا يعلم أيضا ما ينتظر أهله وهم داخل بيوتهم فالآمان اليوم انعدم داخل البيوت وخارجها . فجاء اليوم الذى نتباغض و نتناحر فيه وتشيع الفرقة بيننا , جاء اليوم الذى نخون فيه بعضنا البعض و نتراشق فيه بالكلمات فكلمة تجعل منك بطل و كلمة أخرى تجعل منك خائن مما يكفل لأبسط خلاف التحول إلى عراك كبير لا يحمد عقباه , جاء اليوم الذى نعتاد فيه سماع أصوات الطلقات النارية ليلا و نهارا كسماعنا لأصوات الآذان وأجراس الكنيسة , جاء اليوم الذى نرى فيه الدماء تسيل لتغرق الشوارع و الميادين كأمطار الشتاء المنهمرة, جاء اليوم الذى نرى فيه الموت قريب فينتظر كل منا دوره بعد أن تلاشت الأحلام والأمال بعد ان أصبح الغد مجرد سراب , بعد أن أصبح الغد يمثل مأساة جديدة متوقعة .... والأدهى من تملك شعور الخوف منا , هو ما يجلبه لنا من توابع أصابتنا وأصابت حياتنا بأكملها بالشلل , فأستطاع الخوف بكل ما لديه من قوة أن يستجمع طاقة سلبية سودوية هائلة وأهداها لنا فعشش فى نفوسنا اليأس , وخيم على الوجوه العبوس , وانكسرت القلوب و تشتت العقول . انى أعلم جيدا أن الأحداث تتوالى بسرعة البرق وأن الحزن يتسابق علينا مما يرسخ الخوف داخلنا فمن فقد عزيز ازداد خوفا أن يفقد المزيد و من لم يفقد خائف من التعرض لتجربة من فقد بكل ما تحمله من مواجع , أعلم أن الاستسلام وارد فنحن بشر ولنا قدرة تحمل ونحن تحملنا الكثير إلى أن فاض الكيل... و لكنى أعلم أيضا اننا نستطيع أن نواجه مرض الخوف و نعالجه ونقاومه الى أن نشفى منه تماما , فكل ما عليك ألا تتبع خطواته وألا توقف حياتك بيدك ومازال فى العمر بقية , لا تستسلم للمحبطين من حولك بل اسعى أن تنتشلهم من مستنقع اليأس , ابتسم وساعد غيرك على الابتسام , ازداد اصرار أن ترسم غد أفضل , ازداد اصرارا أن تمحو الخوف وكل أتباعه من داخلك , و استغل وقتك جيدا وتفاءل واعمل واحلم و خطط لمستقبل هانئ بإذن الله ولا تصدق أبدا أكذوبة من خاف سلم لأن القدر دوما محتوم ولكن إلى أن يأتى القدر لا تهدر وقتك وعمرك خوفا... وكن على يقين وثقة أن ما تعيشه مصر الأن هو كابوس بطل الأحداث فيه هو الخوف ولكن حتما ستعود بمشيئة الله وحفظه لها إلى واقع الآمان .