ما أجمل ان تفتح عينيك صباحا.. تقلب في قنوات التليفزيون والفضائيات.. ينقذك الريموت الكنترول فيوصلك في سلام الي فيلم »رد قلبي«.. هذا الفيلم الذي شاهده كل منا عدد سنوات عمره.. كل سنة في نفس الموعد.. يوم 32 يوليو نصبح عليه، وما كان اكثر سخريتنا من هذه الوجبة الروتينية كل عام. حفظنا الفيلم كأسمائنا واسماء أولادنا.. كنا نسخر من تكراره، لكننا لا ننقطع عن مشاهدته. هذا العام اختلف موقفي الشخصي من هذا الفيلم.. التقطته من بين قنوات كثيرة تعرض اخبار الاضرابات والاعتصامات والمحاكمات واخبار الفساد والفاسدين.. اخبار الدستور والانتخابات.. اخبار جمعة الغضب والحسم والتطهير والمحاكمات.. جمعة التحرير وروكسي وجامع مصطفي محمود.. وقفات مجلس الوزراء ووزارة الدفاع.. اخبار المحرضين علي العصيان والمستفزين، ومن لا يعجبه أي شيء ممن كنا نسميهم معارضين من اجل المعارضة.. وفأصبح اسمهم بعد الثورة المحرضون من اجل اشياء يعرفها الجميع. هربت من كل ذلك داخل فيلم رد قلبي.. فيلم منتهي الرومانسية والوطنية.. جمع المصريين كلهم في حب ثورتهم التي حققت لهم العدالة الاجتماعية، وجمعتهم حول مشروعات قومية التفوا جميعا حولها، كل في موقعه. لم يذكر الفيلم علي طوله اسم عبدالناصر، الا ان نسائمه كانت تطولنا طوال الاحداث.. نسائم لا تحمل فسادا ولا سرقة ولا نهب أموال.. كلها كانت نسائم لطيفة مليئة بالاكسجين النقي الذي ملأ الصدور، فهب الشعب كله والتف حول الثورة.. التحم مع الجيش فأصبحوا واحدا. اختلافات كثيرة وخلافات اكثر بدأت منذ مولد ثورة يوليو، إلا انها لم توقف حركة العمل والانتاج.. الكلام في السياسة لم يفقد المصريين حماسهم للعمل.. لم يخرج اللصوص والبلطجية والقتلة من السجون.. لم ينشر الفوضي ويفقد الشارع الأمن والامان.. كان امل كل مصري بعد ثورة يوليو ان يكون الغد افضل ثم بدأ بالعمل. تري ماذا سيقول التاريخ عن ثورة يناير.. ثورة الشعب كله؟ هل ستجسد السينما المصرية اعمالا يبحث عنها أولادنا واحفادنا ليحفظوا التاريخ؟ هل سيكونون فخورين بثورتهم وانجازات الشعب؟ وهل ستسجل الافلام 8 شهور كاملة من الجدال والحوارات والكلمة المستمرة بلا جدوي؟ هل ستسجل الافلام الاعتصامات والاضرابات عن العمل وقطع الطرق ووقف حركة السفر والسرقة والبلطجة والفوضي التي عمت البلاد. ان فيلما مثل »رد قلبي« وقع علي قلوب الاجيال التي لم تعش الثورة وقعا جميلا حتي لو لم يكن واقعيا مائة بالمائة، وحمل الينا اجمل ما في الثورة.. الفيلم علم الاجيال كيف تكون الثورات.. وكيف يكون الشعب ملتحما مع الجيش ساندا له ومدعما وليس متصيدا للاخطاء.. فالبشر ليسوا ملائكة حتي لو كانوا عسكريين.