أنهت البورصة المصرية تداولات الأربعاء على تراجع جماعي لمؤشراتها الثلاثة، بعد مبيعات مكثفة من قبل المتعاملين المصريين فسرها محللون بأنها ناتجة عن عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وانعدام الثقة في قرب ظهور مؤشرات اقتصادية جيدة. وفقدت البورصة المصرية نحو 10 مليارات جنيه بعد وصول رأس المال السوقي إلى 317.765 مليار جنيه (53.4 مليار دولار)، وقررت إدارة البورصة إيقاف التداول لمدة نصف ساعة بعد أقل من ساعة من بداية التداولات بعدما فاق تراجع مؤشر "EGX100" نحو 5%، متأثرا بتراجع مؤشر "EGX70" بنحو 6%. وانخفض المؤشر العام EGX 30 بنحو 3.58 % ليغلق عند 4094.64 نقطة ليسجل بذلك أدنى مستوى له منذ جلسة 23 مارس عام 2009 أي منذ عامين ونصف تقريبا. فيما كان التراجع الأكبر لمؤشر EGX 70 بعد تراجع بنسبة 6.86 % ليغلق على 447.58 نقطة. وأغلق مؤشر EGX 100 "الذي يقيس أداء أسهم كلا من "EGX30 و EGX70" على انخفاض قدره 5.67% ليغلق على 694.53 نقطة. وبلغت قيم التعاملات 332 مليون جنيه، بحجم تداول قدره 84.300 مليون سهم من خلال 20.305 ألف صفقة. وقال محللون إن هذا التراجع الكبير جاء بسبب ذعر المستثمرين الأفراد في السوق من الاضطرابات السياسية في البلاد، خاصة بعد تفجير خط الغاز الطبيعي أمس. وأشار محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار إلى أن ما يحدث في البورصة تم التحذير منه مرارا خاصة و أن أسبابه و مقدماته كانت واضحة تماما منذ مطلع أغسطس الماضي مشيرا إلى أن نقص السيولة و المضاربة علي الهبوط و عدم استقرار الأوضاع السياسية كانت مؤشرات علي هذا الوضع خاصة بعد تجاوز مؤشرات السوق لنقاط دعم أساسية موضحا أن ما حدث بالسوق في نهاية الجلسة يعتبر أمرا طبيعيا نتيجة حدة التراجعات . أوضح أن طول فترة التسوية البالغة يومين في ظل الأوضاع السياسية الحالية يؤدي إلى عزوف المشترين عن الشراء في جلستي الأربعاء و الخميس خلال الفترة الأخيرة لترقب ما تسفر عنه المليونيات يوم الجمعة و الأوضاع المحلية و العالمية في نهاية الأسبوع و هو أمر لا يواجه إلا من خلال تخفيض التسوية و تكوين حائط دفاعي من خلال زيادة السيولة مشيرا إلى أن وحدة التغير في سعر الإقفال أصبح تعديلها حتميا الآن خاصة و أنها لا تتماشي مع أوضاع السوق و لا مع حجم التداول الحر لأسهم الشركات المتداولة . أضاف أن أجواء الترقب بين المستثمرين للتطورات السياسية والاقتصادية لازالت تدفعهم للترقب الحذر خاصة بعد أن حدث انكماش في السيولة و ضغوط نتيجة قرارات إلغاء خصخصة عدد من الشركات وسحب تراخيص بعض شركات الحديد إضافة إلى عدم نجاح السوق في امتصاص القوة البيعية الضعيفة ليزيد خسائره بصورة ملحوظة خلال الجلسات الأخيرة مطالبا المستثمرين بالتوقف عن البيع الهلعي الذي يحدث حاليا، وتابع أن عدم الالتفات إلى الأساسيات أدى إلى عمليات بيع عشوائي على معظم أسهم الشركات المدرجة وخاصة الشركات القيادية التي تتمتع أسهمها بسيولة عالية اعتمادا على حركة مؤشرات أسواق الأسهم العالمية. وشدد على أن تجاهل حل أزمة السيولة بالسوق سواء بتخفيض فترة التسوية أو فصل التسوية النقدية عن التسوية الورقية أو كليهما معا أدى إلى عمليات بيع هلعي للمستثمرين أسفرت عن تراجع حاد في حجم السيولة لدرجة أنه حين تم إيقاف التداول مطلع الجلسة فان حجم التداولات لم يتجاوز 41 مليون جنيه مقابل تراجع في القيم السوقية يتجاوز 7.5 مليار جنيه. وأضاف أن البيع العشوائي والذي أدى إلى انخفاض كبير في أسعار أسهم معظم الشركات المدرجة ساهم في خلق فرص استثمارية هامة للمستثمرين على الأجل الطويل وفرص هامة للمضاربين الذين يتوقعون عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة بعد استقرار وهدوء أسواق المال العالمية. وطالب عادل بضرورة الإسراع بفتح حوار جاد لتكوين صندوق استثمار سيادي برؤوس أموال مصرفية يعمل كصانع للسوق في الأجلين المتوسط و الطويل لضبط الإيقاع المتهاوي خلال الفترة الحالية وإلا فسنعرض البورصة المصرية إلى موجات من الضغوط خاصة في ظل التقلبات الداخلية سواء سياسيا واقتصاديا أو في ظل الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العالم حاليا بالإضافة إلى ضرورة فصل التسوية الورقية عن النقدية و تخفيض فترة التسوية إلى T+1 مع البدء في خطوات جادة لإصلاح السوق خلال الفترة القادمة . وكشف عن أن إستراتيجية المضاربة علي الهبوط التي يتبعها المضاربون أصبحت تؤثر سلبا علي مؤشرات أداء السوق خصوصا وأنها ترفع بشكل سلبي من القوي البيعية في وقت تغيب فيه محفزات القوي الشرائية لدي المستثمرين مما يرفع من معدلات الهبوط بصورة اكبر من المتوقع موضحا أن المستثمرين يحجمون عن ضخ سيولة جديدة في السوق بسبب غياب المحفزات مثل نتائج الأعمال الإيجابية أو أي إجراءات جديدة لدعم السوق. ونصح نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار المتعاملين بالتروي في اتخاذ القرارات الاستثمارية، والابتعاد عن "الكريديت" في ظل انخفاض السوق لتقليل الخسائر المتوقع تحقيقها، مشيراً إلى أن الاحتفاظ ببعض السيولة يعتبر أمراً جيداً لاستخدامها في الظروف الحالية واستغلال الفرص المتاحة مؤكدا إن سيطرة المضاربين مقابل ضعف الاستثمار المؤسسي كبد السوق خسائر جسيمة، مضيفا أن المضاربين لم يلتفتوا إلى الأساسيات الاقتصادية والمالية والاستثمارية حيث يفترض أن يعكس أداء السوق الأداء المالي للشركات وقوة تصنيفها الإئتماني والفوائض المالية التي تتميز بها ميزانيتها.
وقال محمد سعيد رئيس شركة أي دي تي للاستشارات والنظم إنه مع وصول السوق إلى مستويات لم يشهدها منذ أوائل عام 2009، فمن المنتظر أن يكّون السوق قاعا جديدا، وتكوين هذا القاع مرتبط بزيادة التداولات في السوق وظهور أخبار إيجابية وهذا الأمر غير منظور حتى الآن.