يسعى قطاع البترول المصرى على خطى تحديات جديدة وأولتها له القيادة السياسية لوضع خطة استراتيجية حتى 2020 للتركيز على الوصول بالتصنيع المحلى من سلع الوقود البترولى المختلفة داخل البلاد إلى نسب تصنيع 95%، حيث إن مستويات الاستهلاك فى السوق المصرية تزيد سنويا بمعدلات متذبذبة ما بين 8% و10% وتعد هذه النسبة عالية ومرهقة للميزان التجارى وعبئا على شريحة الدعم الحكومى فى الموازنة العامة. واعتزمت الحكومة فى خطتها رفع الدعم تدريجيا على سلع الوقود فى خلال خطة زمنية 5 سنوات تنتهى فى 2019، ولكن هناك تأثيرات مباشرة سلبية على هذه المنظومة بسبب ارتفاع أسعار البرميل والتى وصلت إلى كسر حاجز ال70 دولارا مع الأخذ فى الاعتبار أن موازنة 2018 اعتبرت سعر البرميل لا يزيد على 58 دولارا باعتبار أن دعم الحكومة 37% للسلع الوقودية بعد الزيادة الأخيرة فى نهاية 2017، إلا أن ارتفاع البرميل أدى إلى رفع الدعم الحكومى إلى 59%، وقد تلجأ الحكومة إلى كثير من الحلول التى تقلل من فاتورة الدعم الحكومى وأيضا تؤمن خطتها للاستمرار رفع الدعم كاملا على السلع الوقودية بل وتجعلها تتحكم أيضا فى تقليل أسعارها لتأمين دخول المواطنين من هذه السلع الاستراتيجية مستقبلا. وتستهلك مصر سنويا من السلع الوقودية لكل من السولار والبنزين والبوتاجاز والمازوت والغاز الطبيعى حوالى 83.3 مليون طن تشمل 39.5 مليون طن مواد السولار والبنزين والبوتاجاز والمازوت وحوالى 43.8 مليون طن من الغاز الطبيعى بمتوسط استهلاك شهرى حوالى 6.9 مليون طن تستورد مصر منها حوالى 2.5 مليون طن بتكلفة حوالى 900 مليون دولار شهريا، ما تستدعى صفقات سريعة وسيولة مالية لدفع تلك الشحنات فى فترات زمنية مابين 90 إلى 120 يوما. ولما كانت هذه المضلعة الكبيرة فى قطاع البترول المسئول الأول عن توفير الوقود، تبنى القطاع أفكارا جديدة وآليات أكثر تأمينا حتى لا يشعر المواطن بوجود أى نقص فى إمدادات الوقود كما كانت فى سنوات سابقة، وساعدت القيادة السياسية وزارة البترول على تعاقدات استيراد الوقود من الدول العربية كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية لفترات زمنية تصل تعاقداتها إلى أكثر من 8 سنوات، وطبق قطاع البترول سياسة اقتصاديات الوقود والتى اعتمدت على فكر مختلف تماما عما كان قبل وهو تبنى منظومة إعادة صيانة وهيكلة معامل التكرير القديمة بتكلفة مالية تصل إلى 8 مليارات دولار وبدأ القطاع بجمع كوادر وعقول التكرير القوية مثال الدكتور سيد الخراشي وكثيرين من ثراث المصريين الخبراء وبدأت بالفعل خطة الصيانة والهيكلة فى معامل النصر والسويس والقاهرة وطنطا وأسيوط والعامرية والتركيز على زيادة القدرة التكنولوجية فى معامل الشرق الأوسط وسيدى كرير وكذلك المصرية للتكرير، وفى نفس الوقت لجأ قطاع البترول إلى تعاقدات لاستيراد الزيت الخام من خارج مصر لزيادة القوة التشغيلية للمعامل. وتم استيراد 10 ملايين برميل من العراق لخام البصرة الخفيف وكذلك ليبيا حوالى 2.5 مليون برميل والكويت حوالى 1.5 مليون برميل وكذلك الإمارات العربية 1.5 مليون برميل، حيث إن استيراد الخام وتكريره محليا يوفر قيمة تصل إلى 40% من قيمة استيراد الوقود ويبلغ الفاقد فى معامل التكرير للبرميل حوالى 12%، ما يجعل اقتصادات التصنيع محليا أوفر وأيضا يطرح استخدام المعامل المصرية والمستهدفة لتكرير الخامات العراقية والليبية بنسبة تكلفة تشغيل تصل إلى 30% من تكلفة البرميل، ما يزيد عائد هذه المصانع ويغطى مصروفات الصيانة والهيكلة. إن تحدى قطاع البترول المصرى المحترم للوصول بنسبة تصنيع الوقود كاملا محليا اعتمادا على المعامل المصرية وغلق باب الاستيراد من خارج البلاد وتوفير عملة من تشغيل المعامل لتكرير أى كميات من الخارج، ونأمل أن يذهب أيضا قطاع البترول إلى زيادة القدرة التخزينية للسلع الوقود لفترات تصل إلى أكثر من 6 أشهر اعتمادا على فكرة إنشاء خزانات وتنكات أرضية مستغلين المساحات الشاسعة فى الصحراء الغربية والشرقية لضمان توفير الوقود إلى فترات تقلل استخدام العملة الصعبى واستقرار الأسعار لحماية المواطن بعد رفع الدعم.. وإلى تكملة.