علي جمعة: المبيت بمزدلفة يتحقق بالمكوث بها «لحظة» يجوز جمع حصى الجمرات من منى أو مزدلفة أو عرفة الإفتاء: ترك المبيت بمزدلفة للحاج جائز شرعًا غادر نحو مليوني حاج عقب غروب شمس اليوم، الخميس، التاسع من ذي الحجة، إلى مزدلفة، بعد الوقوف على صعيد عرفات وأداء الركن الأعظم من فريضة الحج. وأدى ضيوف الرحمن- عقب وصولهم إلى مزدلفة- صلاتي المغرب والعشاء "جمع تأخير"؛ اقتداءً بسنة الرسول محمد- صلى الله عليه وسلم-، ويلتقطون بعدها الجمار، ويبيتون هذه الليلة في مزدلفة، ثم يتوجهون إلى منى بعد صلاة فجر يوم غد عيد الأضحى؛ لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي. ويستطلع «صدى البلد» في هذا التحقيق آراء العلماء في المبيت بمزدلفة، وهل يشترط جمع الحصى منها.. قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن المبيت بالمزدلفة واجب عند الجمهور، ويتحقق بالبقاء بها ولو للحظة بعد منتصف الليل، أو بالمرور بها، لأن الحاج بذلك يكون قد قضي أكثر من نصف الليل بها، فيصدق عليه أنه بات بها. وأوضح «جمعة»، أنه من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- البقاء بمزدلفة إلى أن يصلي الفجر ثم يقف بالمشعر الحرام للدعاء حتي قبيل شروق الشمس ثم يدفع إلى منى لرمي جمرة العقبة. وأشار إلى أنه ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رخص للضعفاء وللنساء ولأصحاب الأعمال بالدفع بعد منتصف الليل تخفيفا عليهم ورعاية لخصوص أحوالهم وفي معنى ذلك كل من يشق عليه الزحام، وروى البخاري عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ». مكان جمع الحصى أوضح مفتي الجمهورية السابق، أن رمي الجمار في أيام منى من مناسك الحج وواجباته، ويجوز للحاج أن يأخذ الحصى الذي يرمي به من عرفة أو منى ومزدلفة. واشترط عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، في الحصى أن تكون غير مستخدمة في الرمي من قبل، مشيرًا إلى أن السنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ الحصى من «مزدلفة»، مؤكدًا أن جمع الحصوات من عرفة أو المزدلفة لا شيء فيه. يجوز ترك المبيت أكدت دار الإفتاء المصرية، أن ترك المبيت في مزدلفة للحاج جائز شرعًا، وهو المعتمد جوازه في الفتوى في هذه الأزمان التي كثرت فيها أعداد الحجيج كثرة هائلة. واستندت دار الإفتاء في فتواها إلى أقوال العلماء بسنية المبيت بمزدلفة، وهو قول الإمام الشافعي، وأحمد، بينما يكتفي المالكية بإيجاب المكث فيها بقدر ما يحط الحاجُّ رحلة ويجمع المغرب والعشاء. وبينت أنه حتى على رأي الجمهور القائلين بوجوب المبيت فإنهم يسقطونه عند وجود العذر، ومن الأعذار حفظ النفس من الخطر أو توقعه، فيكون الزحام الشديد الذي عليه الحجُّ في زماننا والذي تحصل فيه الإصاباتُ والوفيات - سواء أكان حاصلًا للحاج في مكانه أم متوقَّعَ الحصول في المكان الذي سيذهب إليه- مرخِّصًا شرعيًّا في ترك المبيت في مزدلفة عند الموجبين له. وتابعت: أنه إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رخص للرعاة عدم المبيت بمزدلفة من أجل رعي أنعامهم، ورخص لعمه العباس "رضي الله عنه" من أجل سقايته، فلا شك أن الزحام الشديد المؤدي إلى الإصابات والوفيات الناجم عن كثرة الحجاج عامًا بعد عام مع محدودية أماكن المناسك أَوْلَى في الإعذار من ذلك؛ لأن أعمال السُّقاة والرُّعاة متعلقة بأمورهم الحاجية؛ أما الزحام فقد يتعارض مع المقاصد الضرورية؛ لأنه يؤدي في كثير من الأحيان إلى الإصابات، بل والوفيات، كما هو مشاهَدٌ معلوم. متى يتحقق المبيت بمزدلفة من جانبه، أفاد الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية إن المبيت بمزدلفة من واجبات الحج عند المالكية ويتحقق عندهما بمقدار حط الرحال وصلاة المغرب والعشاء جمع تأخير أو الجلوس بها بعض الوقت. ونوه «عاشور» بأنه على الحاج إذا انصرف من عرفات بعد الغروب فيقصد مزدلفة، فيصلي بها المغرب والعشاء قصرًا وجمعًا -العشاء اثنتين والمغرب ثلاث- بأذان واحدٍ وإقامتين، ويجوز أن يصلي الحاج وهو في الأتوبيس إذا كان من أصحاب الأعذار، مشيرًا إلى أن بعض الفقهاء يرى أن المبيت بمزدلفة يتحقق بالمكوث فيها جزء من نصف الليل.