تصور أن احدي المهام الاساسية المهمة الآن الحفاظ علي الذاكرة الوطنية، وذاكرة الجيش هي ذاكرة الوطن وأحد أهم عناصره، من الامور السلبية التي استغرقت في العقود الثلاثة الاخيرة ذلك التعتيم المخطط له حول كل ما يخص الجيش والمبالغة الشديدة في حصار أي مقالات أو اعلام عن ابطال اكتوبر، او وقائع الحروب التي خاضها الجيش، اذكر أنه عقب حصول روايتي »الرفاعي« علي جائزة الدولة التشجيعية عام تسعة وسبعين عن القرن الماضي تحمس لها ممدوح الليثي واشتراها للتليفزيون بمائتي جنيه، لم يكن يعنيني ذلك، لأنني وقفت قلمي علي ابقاء ذاكرة الرفاعي ورجاله حية، وقد كتبت عشرات التحقيقات الصحفية عن المجموعة 93، وعدة ملفات في مجلة الطليعة وفي عددين من مجلة الهلال أعتبرهما من الوثائق الهامة لما بذل فيهما من جهد، اشرف علي تحريرهما الاستاذ رجاء النقاش. أطلب من الزميل محمد الشافعي اعادة اصدارهما لقيمتهما العلمية والاعلامية، بذل جهد كبير لمحاولة انتاج رواية الرفاعي وفشلت الجهود حتي الآن ولكنها لم تنجح حتي الآن، لا أعرض قضية شخصية فلم يسبق لي ذلك وأتحاشاه، لكن ما لفت نظري الحجة التي قيلت انه ليس من المفضل التركيز علي اشخاص، وبدا لي ذلك غريبا، فالجيوش ليست معاني مجردة. لكنها تتكون من جنود وضباط، ومن بينهم يبرز البعض نتيجة اعمالهم الاستثنائية، بل إن بعض القوي الكبري تمول الافلام والكتب للتركيز حول اشخاص او وقائع، هكذا رأينا افلاما عن الجنرال ماك أرثر، وعن الجنرال باسون »أطلق اسمه علي الدبابة الشهيرة« وروميل الذي اصبح اسطورة حتي انه وهو المهزوم غطي علي مونتوجمري المنتصر، لقد جرت عملية تعتيم كبري علي الجيش واختزلت اعماله في عمل واحد، واحاطت منشآته واعماله الاسوار السميكة، وغابت وثائق المعارك عن دار الوثائق منذ عام ثمانية واربعين، وفشل المجلس العسكري في شرح الجهود التي تمت للحفاظ علي جيش وطني علي جميع المستويات، اصبح الجيش بلا رموز، بلا معارك معروفة، فبدا وكأنه معلق في الفراغ بلا ملامح، بلا ذاكرة، والمطلوب انهاء هذا التعتيم التاريخي الذي وصل الي مستوي الجريمة. نقلاً عن الأخبار