* خبراء عن حقيقة «مؤامرة الدواء»: * شعبة تجارة الأدوية: «التعويم» بريء من الأزمة و«سوء الإدارة» السبب * رئيس صناعة الدواء: رأس المال «عطل» القانون للمتاجرة بالمصريين * نقيب الأطباء السابق: التعامل ب«المادة الفعالة» لن يؤثر في أزمة الدواء * اتحاد المستثمرين: اختفاء أزمة الدواء خلال 60 يوما بعد تدخل الدولة اختفاء الدواء من السوق المصرية حرب ضروس، يتأرجح تأكيدها ونفيها بين الصيادلة ووزارة الصحة، التي أكد تضارب تصريحات وزيرها وجود الأزمة فعلا. التحقيق التالي يبحث وجود الأزمة من عدمه، ويرصد أبرز أسبابها ووضع حلول سريعة لها وفق آراء ورؤى الخبراء والمتخصصين. * الأزمة بالأدوية التي لا بدائل لها: في هذا السياق، أكد الدكتور علي عوف، رئيس شعبة تجارة الأدوية بالغرفة التجارية، أن "السوق المصرية تعاني من أزمة حادة في الأدوية بسبب سوء الإدارة وليس تعويم الجنيه". وقال "عوف": الدواء سلعة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها، والدليل على أننا نعاني من أزمة هو أن وزير الصحة خرج لينفي وجود أزمة في الدواء ويؤكد أنها مفتعلة في الصباح، وفي مساء اليوم ذاته يصرح بأن هناك 149 صنفًا غير موجودة وأن رئيس الجمهورية قرر صرف 186 مليار جنيه لتوفيرها، وليس هناك أصدق من تضارب تصريحات وزير الصحة لتاكيد أننا نعاني من أزمة في الدواء. وأوضح أن "الأزمة في الأدوية التي ليس لها بدائل مثل أدوية التخدير والنزيف، أما الأدوية الأخرى فلا تعاني من أي مشكلة إلى الآن، ولكن من المتوقع أن تظهر أزمتها بعد 6 أشهر من الآن". * سوء إدارة: ولفت إلى أن "سبب الأزمة هو سوء الإدارة؛ حيث إن هناك تقرير نواقص يصدر بصفة دورية يضم الأصناف التي تعاني نقصًا في السوق المصري، والجهة المسئولة عن متابعة هذا التقرير هي الإدارة المركزية لشئون الصيادلة التابعة لوزارة الصحة، والتقرير الذي يوضح العجز في الأصناف التي سببت أزمة في السوق ظهرت لدى الإدارة قبل تعويم الجنيه، وتراخي مديرة الإدارة أدى إلى تفاقم الأزمة وخروجها عن السيطرة، حيث كان عليها اتخاذ قرار استباقي قبل اتساع الفجوة". وفيما يتعلق بحل الأزمة، أكد رئيس شعبة تجارة الأدوية، أن سبب الأزمة هو التراخي والإهمال، والرئيس تدخل لحل الأزمة وحدد ميزانية لشراء النواقص التي يعاني منها السوق، ولكن علينا أن نتوقع الأزمة قبل حدوثها ونتعامل معها ولا نهمشها حتى لا تتفاقم، بالإضافة إلى اختيار الخبرات في الأماكن والأوقات المناسبة. * الأزمة ليست وليدة: فيما، أكد الدكتور صبري الطويلة، رئيس لجنة صناعة الدواء بنقابة الصيادلة، أن السوق أصبحت خالية من أغلب انواع الدواء، وأن أزمة الدواء ليست وليدة اللحظة، ولكنها نتيجة أخطاء متراكمة من الماضي، وتم التنبيه لها أكثر من مرة، ولكن جهات اتخاذ القرار مغلولة الأيدي أمام نفوذ رأس المال. وقال "الطويلة": "هناك قوانين غير مفعلة خصوصًا القوانين المتعلقة بالأصناف التي يتم استيرادها، والقرار الوزاري القاضي بتصنيعها في مصر بعد عام من استيرادها، والقانون القاضي بأن الشركة التي تمتنع عن تصنيع صنف من الدواء بحد أقصى عام يتم سحبه منها، وقرار رئيس الوزراء بتحرير 7121 نوعًا من الدواء، وقرار وجوب توفير الدواء خلال 3 أشهر وسحب الترخيص من الشركة التي تمتنع عن تنفيذ القرار، وقانون هامش الربح الذي ينظم التعاملات بين الصيدلي والمصنع والمستورد". * قوانين غير مفعلة: وأضاف أن كل هذه القوانين غير مفعلة لصالح رأس المال، موضحا أن الصيادلة نعاني من كارثة تتمثل في غل أيدي أصحاب القرار، حيث أن نفوذ رأس المال يجبر الشركات الحكومية على توفير بعض الامتيازات أو توقف تصنيع بعض الأدوية لرفع سعرها، فنظرة القائمين على صناعة الدواء قاصرة ولا تنظر إلى مصلحة المريض، فما نحياه الآن هو تعارض المصالح الخاصة مع العامة خصوصا من بعض مصنعي الدواء. وأوضح أن القانون لم يحدد ان يكون صاحب مصنع الدواء صيدليا أو لا، وأصحاب رؤوس الأموال استغلوا هذا العوار للاستثمار في الدواء، والمتاجرة بمرض الشعب، فدخلاء على المهنة استغلوا عوار القانون للمتاجرة بمرض المصريين، فأصحاب المصانع ينتجون الدواء بكميات قليلة والأصناف التي يريدون رفع سعرها يتم تعطيش السوق ثم رفع سعرها. * تعويم الجنيه: وفي السياق ذاته، أكد الدكتور خيري عبدالمقصود، نقيب الأطباء السابق، أن السوق المصرية تعاني من نقص حاد في الدواء بسبب "تعويم الجنيه"؛ حيث إن الحكومة أقدمت على القرار دون ان تدرس تأثيره على كافة الأصعدة، مرجعًا إلى أن الأزمة تفاقمت بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. وقال "عبدالمقصود": تعود أزمة الأدوية إلى الدولار، فالدواء سلعة مسعرة تختلف عن باقي السلع التي يستطيع التجار التغيير في سعرها بما يحقق لهم هامش ربح مناسب، كما أن هناك أنواعًا من الأدوية فمنها المستورد ومنها المصنع في مصر ولكن المادة الخام ومدخلات الصناعة مستوردة أيضًا وكلامه متأثر بصورة مباشرة بارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري، كما انه أثر على المستلزمات الطبية مثل أساطر القلب والصمامات ومسامير الجراحة وفلاتر الغسيل الكلوي. * توفير الدولار: وأضاف أن الوزير صرح بأن الحكومة تسعى لتوفير الدولار للمستوردين لتوفير الأدوية دليل على حجم الأزمة التي نعانيها، لافتا إلى ان نقص الدواء في السوق سمح بظهور السوق السوداء؛ حيث شركات التوزيع بدأت توزع الدواء بناء على كوتة معينة، ونظرًا لنقص الدواء فإن بعض الصيادلة قد يبيع الكميات المقررة له في السوق السوداء او بعض الأشخاص الذي يحصل على هذه الأدوية يبيعها في السوق السوداء. وأوضح أن الأدوية المحلية يتم تصنيعها في مصر لكن المادة الخام مستوردة، وبالتالي فإن أسعارها ارتفعت، وتحسبًا لاتساع الفجوة بين أسعار المادة الخام وارتفاع الأسعار فإن بعض المصانع قام بتقليل الإنتاج، وبالتالي تقل الكميات الموجودة في جهات التوزيع، لافتا إلى أنه قبل تعويم الجنيه كان هناك عجز في اعتمادات توفير الدولار لشراء المادة الخام. وفيما يتعلق بإلغاء الاسم التجاري والتعامل بالمادة الفعالة مباشرة، أكد نقيب الأطباء أن هذا لن يؤثر على الأزمة لأن المشكلة في توافر المادة الخام، وبالتالي فالاسم التجاري لن يكون له قيمة لأن المادة الأصلية غير متواجدة وبالتالي فلن يكون هناك بديل أصلا للاستغناء عن الاسم التجاري. * 60 يوما لحل الأزمة: أكد الدكتور محيي حافظ، رئيس مجلس الصحة والدواء بالاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، أن "السوق المصرية تعاني نقصًا في الدواء، متمثلة في الأدوية المستوردة بصورة مباشرة خصوصا المتعلقة بأمراض الأورام ومشتقات الدم، وبعد تدخل الدولة يتوقع أن تنتهي الأزمة خلال شهرين أو ثلاثة على الأكثر". وقال "حافظ": "الدولة رصدت 155 مليون دولار لسرعة توفير الأدوية المستوردة التي تعاني السوق المصرية من نقصانها، ورأب الصدع الناتج عن ارتفاع سعر الدولار، كما تعاني الأدوية المحلية من نقص أيضًا، ولكن الأزمة في العلامة التجارية وليس المادة الخام، لأن بعض الأدوية ليس لها بدائل، فهناك أدوية محلية اختفت بالمرة من السوق المصرية، ما يقارب من 1500 صنف محلي، و150 صنفًا مستوردًا". وفيما يتعلق بآثار تعويم الجنيه على الأزمة، أشار إلى أنه قبل اتخاذ قرار تعويم الجنيه اختفى من السوق المصرية حوالي 4000 صنف، وبعد التعويم ورفع الأسعار تم طرح جزء كبير من هذه الأدوية في السوق، ولكن باقي الأدوية مازالت غير متوافرة، لافتا إلى أن سوق الدواء ليس به احتكار لأنه مرتبط بتاريخ صلاحية الدواء والمادة الخام، فالمصانع لن تتوقف عن التصنيع حتى آخر جرام من المادة الخام، ولكن الأزمة الحقيقية في توفير المادة الخام الجديدة بعد ارتفاع سعر الدولار. * سوء تعامل وأوضح أن سبب الأزمة هو أن الصيادلة بمجرد سماع خبر شح بعض الأصناف وارتفاع أسعارها، قاموا بأخذ كميات كبيرة من جهات التوزيع أكثر من حقهم، فتسبب ذلك في نقص بعض الأدوية في هذه المنافذ التي بدورها قررت تخفيض الكميات الموزعة لتحافظ على توازن السوق، فظهرت الأزمة على أنه ليس هناك أدوية في السوق المصرية.