* مسلسل أظهر الطبيب النفسي يسجل "سيديهات" لمرضاه يبتزهم به ويمارس سلوكيات إجرامية * العلاج بالصدمات الكهربية قدم بشكل يتنافى تماما مع الطرق الحديثة التي يتم بها في الوقت الحالي * أجواء أسطورية مخيفة في المستشفى النفسي وأحوال مرعبة للمرضى النفسيين المقيمين فيه * يجري تقييم لأي حالة تحتجز في المستشفيات النفسية للتأكد من ضرورة احتجازها من عدمه * المسلسلات أضاعت ما تبذله الهيئات الصحية الدولية والمحلية لإزالة الوصمة عن المرض النفسي اصدرت الجمعية المصرية للطب النفسي برئاسة الدكتور ممتاز عبد الوهاب أستاذ الطب النفسي بكلية طب قصر العيني جامعة القاهرة بيانا شديد اللهجة رصدت خلاله عددا من المغالطات التي شابت رسالة الطب النفسي والعاملين فيه وإظهار قضاياه على النقيض من الواقع . وعلى الرغم من أن البيان وجه اللوم إلى صناع الدراما إلا أنه وجه الشكر نيابة عن أعضاء الجمعية لصنّاع الدراما الرمضانية في الإعلام المصري لاهتمامهم الواضح بقضايا المرض النفسي والمريض النفسي وتنشيط الوعي العام للاهتمام بهذه الأمور حيث ظهر المرض النفسي كمحور أساس في أكثر من مسلسل . وحمل البيان مجموعة من الملاحظات جاءت كالآتي: أولا : ظهر في هذه المسلسلات الكثير من الأخطاء العلمية في تصوير طبيعة المرض النفسي وأعراضه , وطرق علاجه . ثانيا : عكس أحد المسلسلات أجواء أسطورية مخيفة في المستشفى النفسي وعكس أحوالا مرعبة للمرضى النفسيين المقيمين بالمستشفى , وأظهر العلاج بتنظيم إيقاع المخ والمعروف قديما بالصدمات الكهربية بشكل يتنافى تماما مع الطرق الحديثة التي يتم بها هذا العلاج في الوقت الحالي بما يحدث حالة من الخوف والفزع تجاه المرض النفسي والمرضى النفسيين ووسائل العلاج النفسي والمستشفيات النفسية . ولم يكتف المسلسل بذلك بل أكمل المنظومة بوجود طبيب نفسي فاقد لأخلاقيات المهنة يعطي للمريضة علاجات ضارة ومدمرة لجهازها النفسي والعصبي , لكي تصل الصورة في النهاية بشكل غاية في السلبية , وتلتصق الوصمة بالمرض النفسي والطبيب النفسي والعلاج النفسي وقبل كل هذا المريض النفسي . ثالثا : أظهر مسلسل آخر الطبيب النفسي يسجل "سيديهات" لمرضاه يبتزهم به ويمارس سلوكيات إجرامية خطيرة بما يضع في وعي الناس مخاوف كثيرة في التعامل مع الطبيب النفسي . رابعا : تؤثر الوصمة التي تصنعها هذه المسلسلات على تصورات الناس عن المرض النفسي وتشوه الصورة لديهم وتجعلهم يحجمون عن علاج ما يعتريهم من اضطرابات نفسية ويرفضون دخول المريض النفسي إلى المستشفيات النفسية مهما دعت الضرورة لذلك وقد يترتب على ذلك مخاطر قاتلة تهدد سلامة وحياة المريض أو سلامة وحياة المحيطين به , وتؤخر علاجه وتتسبب في مضاعفات خطيرة يعرفها أهل التخصص , بل ويصبح البديل الآمن للناس هو الذهاب للدجالين والمشعوذين والوقوع في فخ النصابين بديلا للذهاب للعلاج الطبي المقنن والمنضبط والمحكوم بقوانين ورقابة نقابة الأطباء ووزارة الصحة وأخلاقيات مهنة الطب . ونحن لا ندّعي بأن المستشفيات النفسية منتجعات سياحية , ولا ندّعي بأن الأطباء النفسيين ملائكة , ولكنهم ليسوا بهذا الشكل البشع الذي عكسته تلك المسلسلات ولم يحدث في الواقع أشياء شبيهة تبرر ذلك . ومن المعروف بأن قانون رعاية المريض النفسي الذي صدر في مصر عام 2009م , قد حدد مواصفات ومعايير المستشفيات النفسية الحكومية والخاصة , ويجري تفتيش دوري على هذه المستشفيات تحت إشراف المجلس القومي للصحة النفسية , ويجري تقييم لأي حالة تحتجز في المستشفيات النفسية للتأكد من ضرورة احتجازها من عدمه , وتوجد لجان حقوق مرضى تتأكد من حصول المريض النفسي على كافة حقوقه , وتعلق لافتة كبيرة في العنابر مكتوب فيها كافة حقوق المريض النفسي , وترفق قائمة بهذه الحقوق بملف المريض يوقع عليها المريض بما يفيد علمه بها – إن كان قادرا على ذلك – أو يوقع عليها أحد أقربائه في حالة عجزه عن فهمها بسبب شدة المرض , وهذه كلها ضمانات وضعت لتحقيق الأمن والسلامة للمريض النفسي خاصة حين يكون فاقدا للبصيرة والإدراك , وأيضا لتحقيق الرعاية النفسية الإنسانية له , ومن هنا جاءت تسمية القانون "قانون رعاية المريض النفسي" . ويستطرد البيان : الذي حدث كنتيجة طبيعية للمسلسلات على أرض الواقع – كما لمسنا في العيادات والمستشفيات النفسية – هو حالة خوف شديد من إدخال أي مريض نفسي لأي مستشفى نفسية , وتشكك في العلاجات النفسية , وتشكك في الأطباء النفسيين , ونظرة مرعبة وأسطورية للمرض النفسي , وإهمال لعلاج المرض النفسي . هذا على الرغم مما تبذله الهيئات الصحية الدولية والمحلية لإزالة الوصمة عن المرض النفسي والمريض النفسي ولتوفير العلاج الطبي الفعّال في أقرب وقت حتى لا تتدهور الوظائف النفسية والعقلية مع مرور الوقت وتأخر العلاج .