نتوقف عند لفظة ( الشهداء )؛ فنجد أن الأبيات الشعرية في هذه الفقرة الشعرية لم تأت إلا ترجمانا لمراد الشيخ التفسيرية بثوب تكسوه الصور الفنية المشاهدة القائمة على السماع و المشافهة بديلا عن الكتابة والتدوين. ففي قوله تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39))( ). فكذلك وعْد الحق – سبحانه و تعالى – يهب لسيدنا زكريا يحي ليكون حيا في الدنيا والآخرة ؛تصديقا لقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169))( ) ف (الشهداء) أحياء عند ربهم منعمون. و قد امتد هذا الوصف للتأكيد على أن سيدنا عيسى – عليه السلام – لم يمت ولم يقتل؛ مصداقا لقوله تعالى : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157))( ) لتكشف الآية المباركة عن سوء الظن المتبع قِبل بعض الآمنين بقتل عيسى – عليه السلام – و تؤكد على أن الحق – سبحانه و تعالى – رفعه إلى السماء دون أن يقتل أو يصلب . و هذا عين ما لفت الشيخ إليه في أشعاره للتأكيد على أن قصيدته مستمدة من النص القرآني و السنة النبوية المطهرة ، بغية الوصول إلى الحجة و البرهان على ما وصل إليه في أبياته الشعرية وهذا طاقة فكرية تحسب لفضيلة الشيخ الشعراوي.