تابعتُ الفترة الماضية وابلًا من التُهمِ هَدَفها النيل من الأزهرِ؛ وآثرتُ أَن أصمتَ متابعًا ما يدورُ حتى وجدتُ أَن فريقًا من الإعلامِ يقودُ حَملةً تتهمُ رجالَ الأزهر بالجهلِ تارةً وبالأخونةِ تارةً ثم ما لبثَ الأمرُ إلا أن طعنوا في مناهج الأزهر ووصفوها بالعقمِ وهي منذ مئات السنين؛ ثم تهكموا على قيادات الأزهر ولم يوقروا لا كبيرًا ولم يرحموا صغيرًا والحقُ أن الأزهرَ باقٍ وسيبقى إن شاء الله؛ فلم تُفلح الشيعةُ قديمًا في القضاءِ على هوية الأمة المسلمة عامة والمصرية خاصة عندما شيدت الأزهر وأرادت نشر المذهب الشيعي لكن الله حفظ الأزهر وجعله منارةً للعلم والعلماء فالناس يفدون إليه من كلِ فجٍ عميقٍ؛. فإذا أردتَ أن تسأل عن الأزهرِ فسل "ابن حجر العسقلاني" صاحب فتح الباري؛ وسل "كمال الدين الدميري" صاحب حياة الحيوان، وسل "الجبرتي" المؤرخ، بل سل "ابن عقيل"؛ سل "محمد عبده"؛ بل سل "مصطفى عبدالرازق"؛ بل سل "عبدالظاهر بن محمد أبو السمح" العالم القرآني الموسوعي، وسل "عمر مكرم"؛ وسل "محمد نور الحسن"؛ وسل "زكي إبراهيم" وسل "الخضر حُسين" وسل "الغماري"؛ وسل "الزبيدي"؛ وسل "أبا الفرج الحطيب"؛ وسل "محمود خليل الحصري" سل مشايخ الحرمين عن الأزهر "عبدالمهين أبو السمح" كان مصريًا من محافظة الشرقية مركز مُنيا القمح أزهريًا وكان إمامًا للحرم المكي؛ وسل صنوه "عبدالظاهر أبو السمح" وتولى أيضًا إمامة الحرم الشريف؛ وسل إمام الحرمين "محمد عبدالرازق حمزة" العالم الأزهري المصري من كفر الشيخ؛ وسل "الحذيفي" جاء وافدًا ينهل من الأزهر وعلومه. وضاق الأمر بالمشككين في الأزهر فجاءوا بتهم من الشرق والغرب نيلًا وطعنًا دون سندٍ؛ أبرزُ ما أجده الآن تكاتفهم من أجل طمس الهوية الأزهرية؛ والأزهر كعبة العلم؛ وقبلة العلوم؛ إن الأزهرَ يستطيع بفضل الله تعالى أن يقودَ عَالَمًا بأسره؛ فسل وسط أفريقيا وجنوب أفريقيا عن قوافل السلام من استطاع أن يحل هذه المعضلة بل الحرب الضروس الناشبة بين غير المسلمين وأهل الإسلام؛ تدخلت جميع الدول بلا جدوى. واستطاع الأزهر بعدد يسير من أساتذة الجامعة أن يحل جزءًا كبيرًا من الخلافات التي كانت بينهما؛ جابت هذه القوافل أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا؛ إن كنتم لا تعلمون تاريخ أزهرنا فاضربوا صفحًا في التأريخ يخبركم؛ سلوا نابليون وسلوا حكومات الاحتلال؛ سلوا الزعماء عن الأزهر؛ قال أحدهم متمطعًا إن الأزهر يُفرخُ الإرهاب؛ وليذكر لنا مثالًا واحدًا على إرهاب الأزهر كما ذكر؛ قوافل السلام تجوب العالم تُحارب الإرهاب؛ فأي إرهاب تقصده؛ هل في يوم من الأيام سمعنا أن أزهريًا انضم إلى تنظيم كداعش وغيرها؛ الأزهر الآن هو المتنفس الوسطي في ظل أزمات لا تتناهى. أردتُ أن أنظر الأمر بنفسي فجوبت بين قلاعه فرأيتُ ما يلي : أنشأ الإمام الأكبر عدة قلاعٍ داخل القلعة الأزهرية تمثلت في : 1 إنشاء مرصدٍ للرد على الشبهات التي تُثارُ حولَ الإسلام بجميع اللغات؛ ودفعَ بأساتذة من أهل الاختصاص في اللغات الأجنبية جميعها والميتة منها؛ وجعل معهم هيئة شرعية متكاملة من أساتذة التفسير والحديث والعقيدة والشريعة والدعوة واللغة العربية وغيرها؛ وقال الأزهر أمانة في رِقابكم فلا تنشغلوا بمن يطعن فيَّ أو يُشكك؛ وإنما اشغلوا أنفسكم بالذب عن دين الله وعن رسوله-صلى الله عليه وسلم – فماذا سنقول لله تعالى إذا سألنا ماذا قدمتم لدين الله تعالى. 2 الدفعُ بالشبابِ لتمثيل الأزهر في المؤتمرات الدوليةِ؛ وكان قديمًا لا يتحدث إلا الأساتذة الكبار دون غيرهم . 3 التصدي للمد الشيعي؛ ورصد جميع الإمكانيات التي يستطيع من خلالها العالم الأزهري تفنيد شبه الشيعة؛ ورد الناس للحق؛ والعمل على إخراج مطويات وكتب يستطيع العامي أن يفهم محتواها حتى لا يقع فريسة للشيعة . 4 إنشاء قناة تحمل اسم الأزهر صراحة تنشر القواعد المُثلى للدين دون تشدد ولا تعصب. 5 العمل على تكوين لجانٍ لتطوير المناهج الأزهرية تخفيفًا على الطلاب وخاصة المرحلة الإعدادية والثانوية منها بما يتواكب والعصر الحديث . 6 تكوين لجنة تُسمى بلجنة حكماء المسلمين؛ هذه اللجنة تضم أساتذة من التخصصات الشرعية والتخصصات الأجنبية تجوب العالم وهدفها نشر الإسلام بسماحته بين ربوع الأمة بأكملها؛ والمشيخة من تتحمل النفقات . 7 إنشاء مقر للمظالم بالمشيخة؛ ولا أدلَ على ذلك من هذه الطالبة التي تقدم أهلها بشكوى من درجات التصحيح؛ فقام الشيخ بنفسه وطالع الأوراق وأرسل في طلب وكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد وكون لجنة في ذات الوقت لمراجعة الأوراق حتى تبين لأهلها أنها أخذت حقها؛ وقد رأينا هذه الفتاة المكلومة في الثانوية العامة وهي تندب حالها على شاشات الإعلام؛ فأزهرنا ليس عقبة كما يُقال من طائفة مأجورة معلومة بعينها وإذا نظرنا إلى تهم من يريدون النيل من الأزهر فنجد أن جمعًا كبيرًا منهم يهدف إلى التشكيك في المستشار القانوني للمشيخة؛ المستشار / محمد عبدالسلام القاضي بمجلس الدولة المستشار المؤتمن وهذا الرجلُ مما أدينُ به لله تعالى أنه صاحبُ خُلقٍ رفيعٍ؛ لا تربطني به صلةُ قرابة، وإنما أردتُ أن أختبر بنفسي الرجل فيما يُقالُ عنه فأردت الدخول عليه فأذن ليّ وحادثته في عدة أمورٍ فأجابني وأنا خادم لكل ما يَصبُ في مصلحة الأزهرِ؛ عندما نظرت في تأريخ تقلده للمناصب السابقة على هذا المنصب وجدتُ أن الرجل قد تقلد عدة مناصب إبان عمله بالنيابة الإدارية حتى وصل لأعلاها؛ وكان متحدثًا باسم النيابة الإدارية وقتها؛ الرجل ترك العمل بالنيابة الإدارية وعمل بمجلس الدولة، ثم كانت المفاجأة أنه تَخرجَ من جامعة الأزهر الشريف من كلية الشريعة والقانون وكان من أوائل دفعته؛ وهو من حفظة كِتابِ الله تعالى، عنده طاقة غير عادية لتطوير الأزهر والذب عنه؛ وحماس الشباب، لا يكاد أن يجدَ خيرًا أو بريق أمل في طريق يخدم به الأزهر إلا وسلكه. كتبت إحدى الفتيات عبر حسابها على صفحتها بالفيس بوك موقفًا حدث معها من مضايقة لها من قِبلِ أحد الملاحظين وقت تأديتها لامتحان بكلية الدراسات الإسلامية وكان هذا الأمر بعد العشاء فلم يجن الصباح حتى أبلغ الجهات المختصة بهذا الموقف وتم إيقاف الملاحظ عن استكمال أعمال الامتحانات وحرمانه من مكافأة الامتحانات حتى البت في الأمر وتقديم الاعتذار للفتاة؛ تمسكَ به وزير الأوقاف الحالي ومن قبله عام 2011 ومن جاء بعده ليُكملَ معهم كمستشار قانوني للأوقاف مع الأزهر فرفض وقال إذا أردتم أي شيء فلن أتأخر فإنما أنا كمن ساقه الله تعالى لخدمة الأزهر؛ عُرضت عليه عدة مناصب في دول عربية وأجنبية فرفضها؛ كل هذا محبة في الأزهر. توالت عليه الهجمات وهو مع ذلك لا يُبالي تلقى رسالة تهديد من جهات إرهابية ومع ذلك قال هي لله تعالى؛ ناقشته في ذلك فقال بالحرف الواحد ولنا في صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أسوةٌ حسنةٌ فلسان حالنا مثلهم اللهم إِنَّا قَدْ تَصدقنا بأعراضنا لله ؛ في يوم من الأيام ذهبتُ مع أحد الأساتذة للسؤال عن شيء قانوني هناك في مكتب المستشار القانوني ودخلنا وكان في اجتماع فلما أخبره مدير المكتب بوجود الأستاذ الدكتور / الفلاني هرول في الوصول لمكتبه ليصل بسرعة ويُرحب بنا ويقول على الرَحبِ والسَّعْةِ وأنا خادمٌ للأزهرِ وأهلهِ وقُضي الأمرُ وذهبنا؛ علمًا بأنه لم يعرف الأستاذ من قبل ولم يقابله كما شاهدت بنفسي هذا الأمر؛ الرجل لا يتوانى عن أداء عمله ابتغاء مرضات ربه؛ فكافكم طعنًا دون تحقق . ويكفينا أن الأزهر يَفدُ إليه القاصي والداني من الملوك والرؤساء والوزراء وأصحاب المناصب السياسية والدينية، ولقد قالها رئيس دولة إندونسيا : "إن طلاب الأزهر هم من أسهموا في نهضة بلادنا" فمهما قلتم على قبلة العلم فلن تُضار قبلتنا بشيء وكفى بالمرء مدحًا أن يطعن فيه الأعداء وكفاهم مذلة أن لا يُلتفت إلى تقولهم .