* الدكتور مفيد شهاب: * ذكرى تحرير طابا أخرجتنى من احتجابى عن الإعلام وتفرغى للعمل الأكاديمي * الإصرار على الهدف والعمل الجماعي بروح الفريق من أسرار النجاح * اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل ساهمت فى حسم مشكلة طابا * إسرائيل ماطلت وراوغت وخلقت مئات الأعذار والاعتراضات قبل وخلال التحكيم * عضو الوفد الإسرائيلى اعترف فى "جلسة شاى" بأن طابا مصرية 100% استضاف صالون غازي الثقافي العربي الدولي ضمن فعالياته الثقافية الدورية الدكتور مفيد شهاب استاذ القانون الدولي وعضو لجنة التحكيم في قضية طابا ووزير التعليم العالي والشئون البرلمانية الأسبق في ندوة حملت عنوان "في ذكرى تحرير طابا " شهدت حضوراً مكثفا من الأدباء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين من مصر والوطن العربي وأدارها الدكتور محمد على سلامة أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة حلوان. وقال الدكتور غازي زين عوض الله المدني رئيس مجلس إدارة الصالون إن الدكتور مفيد شهاب فارس من أساطين القانون والسياسة وله شعبية جارفة بالإضافة إلى رؤيته المنهجية والتحليلية في التعامل مع الأمور كافة ,وهو عملة نادرة في عالم السياسة والإدارة. بدأ الدكتور مفيد شهاب الحديث قائلا إنه كان سيعتذر عن الحضور نظراً لأنه محتجب إعلامياً تنفيذاً لقرار اتخذه منذ خمس سنوات وأنه اعتزل السياسة تماماً وتفرغ للعمل الأكاديمي بالجامعة ويقوم حالياً بالتدريس لطلبة الدراسات العليا في موضوع التحكيم الدولي حيث أكد على أن التفاوض هو مهارة، فهو علم وفن وأن المفاوض لابد وأن يكون على دراية كافية بعقلية وفكر وايديولوجية من يتفاوض معه وأن المفاوض أيضاً لابد وأن يجيد اللغات الأجنبية إجادة تامة , بالإضافة إلى الإصرار على الهدف وعدم التهاون فيه قدر الإمكان اياً كانت الظروف والصعاب والتحديات و العمل الجماعي بروح الفريق وأن كل عنصر يكمل الآخر. وأكد "شهاب" أنه لم يكن يشعر أنه محام يترافع في قضية عادية ولكن كان هناك شعور مختلف لأن الأمر يتعلق بالأرض والعرض وأنا إذ أستعيد هذه الذكرى المجيدة فهو شرف لا يضاهيه أي شرف. ثم تحدث تفصيلياً عن تاريخ طابا وعن المفاوضات الشاقة مع الإسرائليين التي أعقبت انتصار أكتوبر ومعاهدتي السلام وكامب ديفيد وكيف أنها كانت صعبة للغاية فنحن أمام خصم عنيد ومراوغ ولا يلتزم بمبادئ ولا قيم. وقال إنه بتحرير طابا اكتمل تحرير كل شبر من أرض مصر الغالية وهكذا هي المفاوضات التي تنهي حالة الحرب التي لا تنتهي بالمعارك الحربية العسكرية.. ثم استعرض بالتفصيل خطوة بخطوة الخطوات التي تمت منذ حرب اكتوبر 1973 وحتى 19 /3 /1989 تاريخ رفع العلم المصري على طابا بداية من إعلان المبادئ وحتى مرحلة التحكيم حيث كان من المفترض أن يتم الانسحاب بالكامل من سيناء في 25/4/ 1982 ورفع العلم على العريش ولكن إسرائيل ماطلت بشدة في الانسحاب من بعض المواقع ثم قام بالشرح على خريطة سيناء محدداً المواقع الخلافية التي تعرف بالعلامات الحدودية بين مصر وإسرائيل وعددها واحد وتسعون موقعاً تمتد من رفح شمالاً على البحر المتوسط بمحاذاة الشريط الحدودي حتى طابا جنوباً على خليج العقبة بطول نحو 240 كيلو مترا تقريبا فكان هناك بعض العلامات المتفق عليها بين الجانبين وهناك البعض الآخر الذي لا تريد إسرائيل الاعتراف به في عملية الانسحاب. وتابع "شهاب": "تم الإعلان عن اتفاق مؤقت بشأن هذا الخلاف على بعض العلامات الحدودية وعندما نفد صبر المصريين من المماطلة في المفاوضات تم اللجوء إلى اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل التي تنص على أنه إذا فشلت المفاوضات لسبب أو لآخر فيتم اللجوء إلى أحد أمرين وهما التوفيق أو التحكيم , ففضل الجانب الإسرائيلي التوفيق الذي رفضته مصر رفضاً قاطعاً وتم اللجوء إلى خيار التحكيم الذي ماطلت فيه إسرائيل أيضاً كعادتها إلى أن رضخت له في النهاية بعد اقناعها بالقبول من جانب بعض الدول وإلا سوف يعتبر الرفض في غير صالحها وأيضاً لأن من شروط التحكيم موافقة الطرفين المتنازعين , ثم بدأت مرحلة وضع الشروط أو وضع إطار منظم لعملية التحكيم التي ماطلت وراوغت فيه أيضاً حيث كانت هناك اعتراضات من جانب إسرائيل على الأعضاء الخمسة الممثلين للمحكمة". وأضاف "شهاب": "بعد جدال وشد وجذب تمت الموافقة والتوافق على القضاة المحكمين ثم بدأت جولة أخرى من جولات التحكيم وهي وضع البنود الرئيسية والميثاق الخاص بعملية التحكيم وبعد ماراثون طويل استمر حوالي 9 أشهر تم التوافق على البنود والميثاق بعد ذلك بدأت مرحلة تقديم الأوراق والمستندات والصور والخرائط الدالة على أحقية مصر في طابا ثم بعد ذلك بدأت مرحلة المرافعات الشفوية التي ترافع فيها خمسة محامين مصريين من خيرة رجال القانون الذي تشرفت أن أكون واحداً منهم ثم جاءت مرحلة الشهود الذي كان من بينهم اسماعيل شيرين باشا زوج الإمبراطورة فوزية شقيقة الملك فاروق.. فبالرغم من خروجه من مصر مطروداً في عام 1952 مع الملك فاروق في أعقاب ثورة 23 يوليو الا أنه أصر على أن يدلي بشهادته لأنه كان يعتبر هذه الشهادة تعبيراً عن حبه لوطنه الأم مصر وأيضاً هي شهادة للتاريخ". وذكر"شهاب" :"من ضمن الشهود أيضاً الراحل العظيم كمال حسن على رئيس وزراء مصر الأسبق واللواء محسن حمدي متعه الله بالصحة والعافية وبعد ذلك رفعت المحكمة الجلسة للتداول لإبداء الحكم واستغرقت هذه الفترة شهر تقريباً ولكن الجانب المصري كان مطمئناً بنسبة كبيرة أن الحكم سوف يأتي في صالحه ولكن كان هناك بعض القلق من بعض الأمور وتخوف من بعض النقاط الحدودية الشائكة التي لم يكن كلا الجانبين متأكداً من مكانها، وفي هذه الأثناء قدمت إسرائيل شريطاً مصوراً يؤكد أحقيتها ببعض النقاط الحدودية ولكن هنا انقلب السحر على الساحر وكان هذا الشريط المصور وبالاً عليهم فكان يصب بشكل كبير في صالح مصر وصدر الحكم في النهاية لصالح مصر بأحقيتها في بعض النقاط الحدودية الشائكة وأيضاً بأحقيتها في النقطة 91 وهي نقطة طابا وإعادتها للسيادة المصرية الكاملة". وتابع "شهاب":" بعد الحكم مباشرة حدثت بعض الاعتراضات من الجانب الإسرائيلي بل إن القاضية الإسرائيلية اعترضت بشدة ووصفت الحكم بالباطل ولكن رئيس المحكمة كان حكيماً حيث هدأ من روعها ودعا الجميع أعضاء الوفدين المصري والإسرائيلي للجلوس وتناول فنجان شاي وفي تلك الأثناء اعترف أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي الذي كان يعرف الدكتور مفيد شهاب جيداً بحكم تخصصهما في القانون الدولي اعترف بأن النقطة 91 أي طابا هي مصرية مئة بالمئة". وأجاب الكتور شهاب على أسئلة الحضور.