صوتت المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سوريا اليوم الخميس لصالح الحصول على حكم ذاتي في إطار نظام اتحادي مما أغضب الحكومة السورية إلى جانب تركيا وهي خطوة يمكن أن تعقد محادثات السلام الجديدة برعاية الأممالمتحدة. وجاء التصويت بالموافقة على إقامة نظام اتحادي في المناطق الثلاث الخاضعة للأكراد بهدف إقامة كيان يديرونه بأنفسهم داخل سوريا وهو وضع يتمتع به الأكراد في العراق المجاور منذ سقوط صدام حسين عام 2003. لكن هذا الإعلان يمثل تحديا للكثير من الأطراف في الحرب السورية الممتدة منذ أكثر من خمس سنوات ورعاتها الدوليين بينما تسعى جاهدة للسيطرة على ما تقول إنها يجب أن تظل دولة موحدة. ويتمتع الأكراد بدعم عسكري أمريكي وقد تصدوا لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وسيطروا على أجزاء من شمال سوريا لكن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لا يزال مستبعدا من محادثات السلام التي بدأت هذا الأسبوع في جنيف. وعلى الرغم من أن واشنطن دعمت الأكراد عسكريا فإن وزارة الخارجية قالت إنها لن تعترف "بمناطق شبه مستقلة ذات حكم ذاتي في سوريا" لكنها قد تقبل كيانا اتحاديا إذا كان هذا هو اختيار الشعب السوري. وقال المسؤول الكردي إدريس نعسان إن المناطق الكردية الثلاث اتفقت خلال مؤتمر في رميلان بشمال شرق سوريا على نظام حكم ذاتي ديمقراطي بشمال سوريا. وأضاف أن هذه المناطق ناقشت صيغة إدارتها. وسارعت الحكومة السورية وتركيا وهي واحدة من أقوى خصوم الأسد للتنديد بهذا الإعلان. ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن مصدر بوزارة الخارجية قوله إن الإعلان ليس له أي "قيمة قانونية ولن يكون له أي أثر قانوني أو سياسي." ويقول حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي دوما إنه يريد نموذج حكم غير مركزي لسوريا ولا يريد تقسيما. وأكدت الوثيقة التي تم الاتفاق عليها اليوم الخميس أن النظام الاتحادي سيضمن وحدة الأراضي السورية. وقال مسؤول في تركيا "ينبغي أن تظل سوريا واحدة دون إضعافها وينبغي أن يقرر الشعب السوري مستقبلها بالاتفاق وبموجب دستور. أي مبادرة منفردة ستضر بوحدة سوريا." وتخشى تركيا من أن تنامي النفوذ الكردي في سوريا يذكي النزعة الانفصالية بين أقليتها الكردية وهي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية السورية حليفة لحزب العمال الكردستاني الذي قاد تمردا من أجل حكم ذاتي للأكراد بجنوب شرق تركيا. وقلل نواف خليل المسؤول السابق بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من أوجه الشبه بين الطموحات الكردية في سورياوالعراق قائلا إن إعلان اليوم الخميس خطوة مشتركة اتخذت مع طوائف أخرى بالمنطقة. وأضاف أن التجربة نتجت عن مناقشات مع العرب والأشوريين والشيشان والأرمن والتركمان مشيرا إلى أن هذه حالة خاصة في شمال سوريا وتختلف عن الطريق الذي تم إتباعه في العراق. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان كان من المتوقع أن يجرى التصويت على النظام الاتحادي أمس الأربعاء لكنه أرجيء يوما لأسباب منها مطالب الجماعات العربية والأشورية المحلية بضمانات بأن ذلك لن يعني الانفصال عن سوريا. * سيطرة كردية ويسيطر أكراد سوريا فعليا على 400 كيلومتر موصولة من الأراضي بمحاذاة الحدود مع تركيا من نهر الفرات إلى الحدود مع العراق. كما يسيطر الأكراد السوريون على منطقة منفصلة من الحدود الشمالية الغربية في عفرين. وتفصل بين هاتين المنطقتين نحو 100 كيلومتر من الأراضي معظمها لا يزال في قبضة الدولة الإسلامية. وتحارب قوة مدعومة من الولاياتالمتحدة وتشمل مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردية الدولة الإسلامية وجماعات أخرى متشددة وحققت بعض المكاسب في الرقة والحسكة وحلب. وقال نعسان إن اتفاق اليوم سيشمل تلك المناطق التي وصفها بالمحررة. ولم يتسن الحصول على نسخ من الوثيقة التي تم تأييدها في اجتماع رميلان لكن مسودة وثيقة قيد المناقشة أمس الأربعاء تصورت مناطق ذات إدارة ذاتية ديمقراطية تدير شؤونها الاقتصادية والأمنية والدفاعية. وكان مسؤولون أكراد قد صرحوا بأن النظام السياسي سيمثل كل الجماعات العرقية التي تعيش بالمنطقة الخاضعة لسلطتهم. واستبعدت الحكومة السورية يوم السبت فكرة إقامة نظام اتحادي بالبلاد بعد أيام من قول مسؤول روسي إن هذا يمكن أن يكون نموذجا محتملا. وساعد التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ قبل خمسة أشهر في تغيير دفة الحرب لصالح الأسد. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس إن تدخل موسكو هيأ الظروف المناسبة لتمضي عملية السلام في سوريا إلى الأمام. كان بوتين قد أعلن يوم الاثنين سحب معظم القوات الروسية. وقال مبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا الذي يستضيف محادثات السلام في جنيف الأسبوع الماضي إنه قد تجري مناقشة نموذج اتحادي لسوريا خلال المفاوضات. وأضاف لقناة الجزيرة الفضائية "رفض كل السوريين التقسيم ويمكن بحث النظام الاتحادي خلال المفاوضات."