أكد عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدارسات السياسية في عمان على أن الأردن منخرط اليوم في حرب شاملة متعددة المسارات والمستويات مع التطرف والغلو والإرهاب ، داعيا الجميع إلى ضرورة العمل لضمان الانتصار في هذه الحرب المديدة والمريرة. وقال الرنتاوي – في كلمته أمام مؤتمر (نحو استراتيجية شاملة لمحاربة التطرف..فرص التوافق الوطني وتحدياته) الذي انطلقت أعماله اليوم السبت تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور – "إن التطرف والغلو والإرهاب ظواهر غريبة على مجتمعاتنا وقيمنا وتقاليدنا ، لذا فإن محاربتها تتطلب إجراء أعمق المراجعات لهذا الموروث ونزع القداسة عما هو غير مقدس منه والانفتاح على الموروث الإنساني الأوسع الثري بتعدد أديانه وثقافاته وحضاراته وبمعاييره الإنسانية التي توافقت عليها البشرية جمعاء". وأضاف "آن أوان الخروج من الشرنقة التي يراد إطفاؤنا فيها"..لافتا إلى أن انعدام العدالة في توزيع الدخل والثروة وتفشي مظاهر الفساد والإفساد واتساع جيوب الفقر والبطالة وتفاقم الإحساس بالتهميش الاقتصادي والاجتماعي باتت وصفات جاهزة لشيوع التطرف وتنامي خطر الإرهاب. وتابع "على الرغم من أن التطرف والإرهاب متلازمان إلا أنه ليس كل متطرف إرهابيا مع أن كل إرهابي هو متطرف بالتعريف"..مشيرا إلى أن التطرف في حالة الإرهاب هو انتقال من دائرة الاعتقاد إلى دائرة السلوك الإجرامي ، وهو ما يتطلب فرض سيادة القانون وحفظ حقوق المواطنين والمكونات المختلفة وتكريس هيبة الدولة وسلطانها. وقال الرنتاوي"إن فكرة تنظيم المؤتمر انبثقت من قراءة دقيقة للتحديات التي تواجه بلادنا والإقليم من حولنا مع اشتداد هبوب رياح التطرف والغلو وتفاقم التهديد الإرهابي الذي يعصف بدول ومجتمعات شقيقة من حولنا"..كما أنها كانت سابقة للجريمة النكراء التي أودت بحياة الشهيد النقيب الطيار معاذ الكساسبة إلا أنها باتت تكتسب أهمية إضافية بعدها. وفيما يتعلق باستراتيجية الأردن لمحاربة التطرف والغلو والإرهاب ، قال الرنتاوي "إن أية استراتيجية في هذا الصدد تتطلب مخاطبة الأجيال القادمة وأن تولي اهتماما استثنائيا لتجديد الخطاب الديني وإحداث أوسع عملية إصلاح لمؤسسات الوعظ والإرشاد ، وإخضاع ألوف الأئمة لمزيد من التأهيل والتدريب". ويشارك في المؤتمر - الذي يعقده المركز على مدار ثلاثة أيام - عدد كبير من الشخصيات الرسمية والحزبية والأكاديمية في الأردن ، فيما تناقش الجلسات عددا من المحاور المتعلقة بمكافحة الإرهاب من بينها الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي كأداة لمحاربة التطرف وتجديد الخطاب الديني والسياسات الأمنية والعنف المجتمعي وسيادة القانون ودور الحركات والتيارات الإسلامية في محاربة هذه الظاهرة.