تحتفل سلطنة عُمان فى يوم 23 يوليو من كل عام بيوم النهضة ، الذي يوافق تولي السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان مقاليد الحكم سنة 1970. وتشهد السلطنة منذ ذلك الوقت ممارسة متميزة للشورى والمشاركة والديمقراطية، ويتمثل أدق تعبير عنها في الجولات التي يقوم بها السلطان قابوس لجميع الولايات في مختلف المحافظات، يعقد خلالها لقاءات جماهيرية موسعة مع المواطنين، ويتحدث إليهم مباشرة ويستمع منهم، ويناقش مقترحاتهم ثم يصدر القرارات والتوجيهات على ضوء ذلك الحوار الإنساني. ويشارك في تلك اللقاءات جموع الشعب دون قيود بروتوكولية أو مراسم رسمية ولذلك فإنها تشبه إلى حد كبير "لقاءات السبلة العمانية" التي تعد من التراث الحضاري، وإن كانت الجولات صورة مكبرة منها، فالسبلة تطلق على تجمع كبير يشارك فيه أبناء الحي الواحد لبحث كل الأمور التي تهمهم وتبادل الآراء حولها، وبالتالي تعتبر أيام الجولات فترات انعقاد برلمان شعبي في الهواء الطلق. وتعد هذه الممارسة تتويجا للسياسات التي يوجه بتنفيذها السلطان قابوس والتي استهدفت إقامة "دولة المؤسسات" ثم مواصلة تفعيل أدوارها ودعم التواصل بينها ،وهو ما يتحقق من خلال خطوات تدريجية وعلى مسارات متعددة في ظل تخطيط بعيد المدى. وفى إطار ذلك، أدى "المجلس الاستشاري للدولة" دورا بارزا في إحدى المراحل المهمة، بعده تم تكوين "مجلس الشورى" ليمثل تطويرا منطقيا وفقا للنهج العماني الذي يعكس مزيجا من تطبيق مباديء الشورى الإسلامية من جهة، وصيغ الديمقراطية المعاصرة من جانب آخر. ثم شهد عام 1996 إنجازا تاريخيا حينما أصدر السلطان قابوس النظام الأساسي للدولة الذي يمثل تقنينا مكتوبا لكل المباديء والأعراف السائدة في المجتمع، ووفقا لأحكامه أصبحت السلطنة تطبق نظام المجلسين وهما الدولة والشورى ومنهما معا يتكون مجلس عمان، كما تم إنشاء المجالس البلدية لاستكمال دولة المؤسسات. وفى عام 2011، أصدر السلطان قابوس مرسوما سلطانيا بتعديل بعض أحكام النظام الأساسي، استهدفت منح صلاحيات تشريعية واسعة جديدة لمجلس عمان بشقيه، منها زيادة الصلاحيات المخولة للأعضاء لتشمل انتخاب رئيس مجلس الشورى، وإعطاء المجلس صلاحية استجواب الوزراء في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم بالمخالفة للقانون، وإلزام وزراء الخدمات بموافاة المجلس بتقرير سنوي عن مراحل تنفيذ مشاريع وزاراتهم ثم مناقشته معهم، وعلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة إرسال نسخة من تقريره السنوي إلى كل من مجلسي الدولة والشورى. وفى ديسمبر 2011، توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع تلبية لمبادرة استهدفت دعم دولة المؤسسات، ليختاروا لأول مرة أعضاء المجالس البلدية في جميع المحافظات بعد أن أصدر السلطان قابوس مرسوما بشأن قانون تكوينها في إضافة مهمة لتفعيل نهج المشاركة، وتم بالفعل انتخاب 192 عضوا في تلك المجالس التي تعظم من دور كل فرد في المجتمع.