تشهد سلطنة عمان ممارسة متميزة للشورى حيث توالت المشاركة عبر خطوات متدرجة ومراحل متتالية مثلت كل منها مقدمة منطقية للمرحلة التي تتبعها مما يعبر عن الحرص على عدم النقل الحرفى لتجارب الدول الأخرى. يتسق ذلك مع تجنب استباق الأحداث أو تعسف النتائج قسرا أو إفتعالها، كما يتوافق ذلك مع الطبيعة الإنسانية للشخصية العمانية التي تتميز بالهدوء كما يعبر عن احترام خصوصية المجتمع العمانى وتراثه الذي يمثل حضارات تاريخية. وأشارت وكالة الأنباء العمانية في تقرير بثه اليوم الأربعاء إلى الكلمة التي ألقاها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، خلال ترؤسه الانعقاد السنوي للفترة الخامسة لمجلس عُمان- الذي يضم جميع أعضاء مجلسى الدولة والشورى - على نجاح ممارسة الشورى في السلطنة. كما دعا في كلمته إلى أن تشهد قاعات الصرح الكبير - لمجلس عُمان - طرحا بناء للأمور ومعالجة حكيمة لها تظهر من خلالهما، لكل من يراقب هذه التجربة في الداخل أو الخارج، قدرة العمانيين الواضحة على المشاركة بالفكر المستنير والرأي الناضج في صنع القرارات التي تخدم وطنهم. وفى اتجاه مواز لمهام وصلاحيات مجلسى الدولة والشورى فان سلطنة عمان تشهد ممارسة متميزة للحوار المجتمعى الايجابي البناء يمثل تطبيقا واضحا للديمقراطية المباشرة التي تشهد السلطنة أدق صورها في قالب عصرى. فعلى امتداد خريطتها، من أقصاها إلى أقصاها، يقوم السلطان قابوس بجولات تفقدية في المحافظات حيث يعقد لقاءات موسعة تدور خلالها حوارات مفتوحة وفى الهواء الطلق ما بين القائد وجموع المواطنين دون أن تكون قاصرة على نخبة معينة أو فئة محددة. على ضوء ذلك تمثل ايام الجولات فترات انعقاد برلمان شعبي يتم عقد جلساته في الهواء الطلق كما شهدت السلطنة انجازا تاريخيا حينما أصدر السلطان قابوس مرسوما - في سنة 2011 - نص على تعديل بعض أحكام النظام الأساسي للدولة، الذي صدر منذ عام 1996. وقد استهدفت التعديلات منح صلاحيات تشريعية واسعة لمجلس عمان بشقيه مجلسى الدولة والشورى من أجل ترسيخ مفهوم المشاركة السياسية التي تنعكس على كافة مسارات الحياة. وجاء تعديل بعض أحكامه ليؤكد على الثوابت الجوهرية في الممارسة الديمقراطية. فمن أهم ما نصت عليه التعديلات زيادة صلاحيات مجلس عُمان بما في ذلك انتخاب رئيس مجلس الشورى، وإعطاء المجلس صلاحية استجواب الوزراء في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم بالمخالفة للقانون،وإلزام وزراء الخدمات بموافاة مجلس الشورى بتقرير سنوي عن مراحل تنفيذ مشاريع الوزارات، وللمجلس دعوة أي من الوزراء لتقديم بيان عن بعض الأمور الداخلة في اختصاصات وزاراته ومناقشته فيها، وعلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة إرسال نسخة من تقريره السنوي إلى كل من مجلسى الدولة والشورى، ولا شك في أن ذلك سوف يساهم في الرصد الأمين وتتبع المال العام ومعرفة طرق إنفاقه. على ضوء ذلك تدل التعديلات التي أدخلت على النظام الاساسى للدولة- وشملت مجموعة من أحكام مواده - على تأكيد التمسك بالاختيار الإستراتيجي العمانى الذي تشهده السلطنة منذ مطلع عقد السبعينيات من القرن الماضى ويعكس مزيجا من تطبيق مبادئ الشورى الإسلامية من جهة، وصيغ الديمقراطية المعاصرة من جانب آخر. ولقد استقبل المواطنون العمانيون بترحيب بالغ هذه التعديلات. ومن أهم المبادئ التي يتضمنها النظام الأساسي: - سيادة القانون أساس الحكم في الدولة. - العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة. - الحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون. - الاقتصاد الوطني أساسه العدالة ومبادئ الاقتصاد الحر. وقوامه التعاون البناء المثمر بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وفقا للخطة العامة للدولة وفي حدود القانون - حرية النشاط الاقتصادي مكفولة في حدود القانون والصالح العام وبما يضمن السلامة للاقتصاد الوطني وتشجع الدولة الادخار وتشرف على تنظيم الائتمان - إقامة نظام إداري سليم يكفل العدل والطمأنينة والمساواة للمواطنين، ويضمن الاحترام للنظام العام ورعاية المصالح العليا للوطن - التعاضد والتراحم صلة وثيقة بين المواطنين وتعزيز الوحدة الوطنية واجب. وتمنع الدولة كل ما يؤدى للفرقة أو الفتنة أو المساس بالوحدة الوطنية. - الأسرة أساس المجتمع، وينظم القانون وسائل حمايتها والحفاظ على كيانها الشرعي، وتقوية أواصرها وقيمها، ورعاية أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم. - تكفل الدولة للمواطن وأسرته المعونة في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، وفقا لنظام الضمان الاجتماعي، وتعمل على تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة - حرية المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها. - كفالة حرية تكوين الجمعيات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية. السلطة القضائية مستقلة. - شرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون.