تلقى قائد الجيش الليبي، خليفة حفتر، العديد من الضربات السياسية خلال الفترة الأخيرة، دفعته إلى تعزيز تحركاته الداخلية والخارجية من أجل صد هذه الهجمات والتحرك أكثر نحو التحرر من القيود المفروضة عليه. بعد الاتفاق السياسي الليبي الذي تم توقيعه في الصخيرات المغربية أغسطس الماضي بين الفرقاء الليبيين، ضعف موقف حفتر كثيرًا؛ لأن الاتفاق ينص في أحد بنوده على تعيين قائد الجيش من قبل المجلس الرئاسي الذي تم تشكيله بموجب الاتفاق السياسي، ليطغي على السطح توقعات بخروج حفتر من حكومة فائز السراج الجديدة، الأمر الذي اثار غضب الجنرال الأقوى نفوذّا منذ رحيل العقيد معمر القذافي. ويضم المجلس الرئاسي الكثير من الإسلاميين التابعين لجماعة الإخوان وحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا، كما يضم عددًا من نواب البرلمان التابع لحكومة طبرق، وتعترض بشكل خاص طرابلس على استمرار حفتر في الجيش لتنفيذ الاتفاق السياسي، وتطالب بتعيين شخصية أخرى، بينما ترفض مجموعة طبرق المساس بقيادة الجيش الليبي، الأمر الذي نتج عنه اختلاف في المواقف حول حفتر وعدم موافقة البرلمان الليبي حتى الآن على حكومة السراج التي تم تشكيلها برعاية الأممالمتحدة بموجب توقيع الصخيرات. الاختلاف مثل للجنرال حفتر تهديدا واسعا لمستقبله النفوذي في ليبيا، لذا سعى إلى توصيل رسالة مفادها أنه مستمر ويتحرك داخليا وخارجيا لتعزيز تواجده على الساحة الليبية، وكان من بين تحركات الخارجية، زياراته لروسيا ومصر مؤخرًا، حيث زار قائد الجيش الليبي في الفترة الأخيرة موسكو، والتقى العديد من المسؤولين الروس في محاولة لفك الحظر الدولي عن تسليح الجيش الليبي، كما تواترت أنباء عن زيارة أجراها حفتر إلى القاهرة في الأسابيع القليلة الماضية من أجل لقاء عدد من المسؤولين المصريين لبحث الملف الليبي، يقول المحلل المتخصص في الشؤون الليبية، كامل عبدالله، إن زيارات حفتر إلى مصر وروسيا لا يمكن إبعادها عن إطار محاولات الجنرال الاستعانة بحلفائه الإقليميين والدوليين لتعزيز مركزه في العملية السياسية والمشهد التفاوضي في ليبيا، خاصة بعدما أقر الاتفاق السياسي بترتيبات جديدة اعتبرت محطة أساسية في الأزمة الليبية، مؤكدا أن هذه المحطة أدت إلى تغييرات طرأت على المشهد، في إشارة إلى البند الثامن من الاتفاق، الخاص بتعيين قيادات الجيش الليبي من قبل حكومة السراج، الذي قد يؤدي إلى الاستغناء عن حفتر. وتعليقا على دعوات تسليح الجيش الليبي من قبل روسيا، أكد عبد الله الرسائل الواضحة من قبل المجتمع الدولي تؤكدا أنه لن يسلح الجيش الليبي، إلا إذا كان موحدًا، ومن ثم يوجد عمليات تسرب للسلاح من قبل الأطراف الداعمة لجميع الفرقاء الليبيين، موضحا أن روسيا تحاول التواصل مع جميع أطراف الأزمة في ليبيا. وبعيدًا عن المساعي الخارجية لحفتر في محاولة للسيطرة على المشهد الليبي مرة أخرى، برزت على السطح محاولات داخلية للجنرال الليبي من أجل حشد الدعم القبائلي له؛ بتلويح برلمان ليبيا بالإفراج عن سيف الإسلام القذافي من سجون الزنتان في محاولة تصالحية كبرى. ويقول المحلل السياسي الليبي عبد الباسط بن هامل الموالي لحفتر، إن قانون العفو العام الصادر عن مجلس النواب الليبي للإفراج عن سيف الإسلام القذافي له أثر كبير ومهم جدا لبناء قاعدة للمصالحة في ليبيا، رغم بطء الخطوات من الجهات التنفيذية، مشيرًا إلى أن هناك إجراءات ربما تكون عائقا لخروج سيف الإسلام تتمثل في معارضة الإسلاميين له. وأكد بن هامل أن سيف الإسلام يستطيع إحداث توافق ومصالحة بما يملكه من مميزات كبيرة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه لن يكون وريثا لنظام والده، قائلا إن قانون العفو يخدم ليبيا بشكل كبير، فليبيا تحتاج لأشياء كثيرة، خاصة تلك التوازنات التي تخدم البلاد.