يرى عدد من علماء الأزهر أن قلعة الإسلام في الوطن العربي، تمر بكبوة خلال الفترة الحالية، فالأزهر لم يصدر عنه كتاب واحد منذ 200 عام. ورغم أن مؤسسة الأزهر تعد المصدر الرئيسي للفتاوى وتعريف الناس بأمور دينهم، إلا أن تراخيها عن تجديد الخطاب الديني وكبح جماع دعاة الفضائيات الذين يؤصلون للفكر الوهابي الداعي للتطرف، أدى إلى انحسار دور الأزهر. وبعد أن كان علماء الأزهر وشيوخه يتبوأون منزلة في قلوب الناس، أصبحوا يوالون السلطة ويسيرون في ركابها، ما أدى إلى تراجع مكانتهم، كما لم تسلم المؤسسة العريقة من الأخونة، ودخول عناصر من جماعة الإخوان إلى مفاصلها. كان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أكد احترامه للمرأة ودعمها داخليا وخارجيا، خلال كلمته أمام البرلمان الألماني فى 15 مارس الماضي، قائلا: المرأة في شريعة الإسلام شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، وبتعبير نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، ولا تظنوا أيُّهَا السَّادة أن بعض ما تعانيه المرأة الشرقيَّة من تهميش بسبب تعاليم الإسلام، فهذا زعم باطل، والصحيح أن هذه المعاناة إنَّما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصة بالمرأة، وإيثار تقاليدَ عتيقة وأعراف بالية لا علاقة لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليد على الأحكام المتعلقة بالمرأة في الشريعة الإسلامية وقد فقد المجتمع المسلم كثيرًا من طاقاته الخلاقة والإنتاجية حين سَمَحْنا – نحن المسلمين – بتهميش دور المرأة وإقصائها عن مواقع التأثير في مجتمعاتنا الشرقية. ورغم تأكيد الطيب على دور المرأة، إلا أن عدة انتقادات وجهت له؛ بعد رفضه تعيين النساء في هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث أو رئاسة الجامعة أو قطاع المعاهد، في ظل وجود النماذج العلمية والإدارية المؤهلة لهذه المناصب، وشهدت لهم المؤسسة بالكفاءة . قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن المؤسسة الآن تصارع لتحيا، فهناك حالة تهميش للأزهر، بفضل القائمين عليه، متسائلة: كيف لمؤسسة تمثل حصن أمان للعالم الإسلامي، ألا يخرج عنها كتاب واحد منذ مائتي عام؟، مؤكدة أن هناك كتبا لمفكرين عظام، لا يتم تدريسها داخل مؤسسة الأزهر، على رأسها كتب الشيخ محمد عبده، رائد التجديد الفكري في الأزهر. وأضافت نصير ل«لبديل» أن مناهج الأزهر بحاجة للتجديد ومواكبة العصر الحالي؛ لأنها عفى عليها الزمن، وتحمل داخلها فتاوى وأحاديث مغلوطة، على رأسها فتاوى حرق الأسير، التي أعلن تنظيم داعش الإرهابي، أنه حصل عليها من داخل مناهج الأزهر. وتابعت: «لا مانع شرعي من تولي المرأة أي مناصب داخل مؤسسة الأزهر»، لافتة إلى وجود حالة من الإقصاء المتعمد للسيدات، مختتمة: «لكل جواد كبوة، والأزهر الشريف يعاني أيضا من كبوة سينهض منها قريبا؛ لأن اشتداد البلاء يعني قرب انفراجه». وأكد الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الفقه وعميد كلية أصول الدين، أن أي محاولة من قبل أي شخص للتجديد داخل مؤسسة الأزهر، يتم مواجهتها بمزيد من التعصب الذي يصل أحيانا للاتهامات بالتشيع، كما حدث معه خلال زيارته لإيران من أجل التقريب بين المذاهب وتوصيل صورة جيدة عن الأزهر، مضيفا: «للأسف، الأزهر يعيش أصعب مراحل وجوده، فلا تجديد للخطاب الديني، والمناهج داخل المعاهد الأزهرية بحاجة للتجديد وحذف الأحاديث الضعيفة منها». وأوضح كريمة ل«البديل» أن الفكر الوهابي يسيطر على الأزهر، ويعيث فيه فسادا، وعلى كل من يغار على مكانة المؤسسة العريقة أن يثور للمطالبة بتجديد مناهجها وخطابها، خاصة بعد سيطرة القنوات الوهابية ودعاتها من السلفيين على المشهد وتحويلهم حياة الناس لجحيم بتحريم كل شيء. وأشار أستاذ الفقه إلى وجود فتاوى داخل مناهج الأزهر، لم يثبت صحتها حتى الآن، ولأن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فيجب حذفها على وجه السرعة؛ كي يتم تخريج جيل واعٍ لا يميل للتطرف.