لطالما كانت مؤسسة الأزهر الشريف مفخرة لكل مسلم بمرجعيتة التى تعتمد على الإسلام الوسطى والدعوة من منبره لتوحيد صفوف المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، فكان بذلك من أكبر أدوات القوة الناعمة، إلا أنه يبدو أن الأزهر لن يصمد كثيرًا، فى زمن هيمنة التكفيريين والسلفيين على الساحة، فقد وجَّه عدد من الكتاب والإعلاميين انتقاداتٍ للأزهر؛ حيث لم يتخذ حتى الآن أية بادرة تشير لبدء العمل على تجديد الخطاب الديني، وتنقية المناهج الأزهرية، على الرغم من الدعوات التي تطالب بضرورة تجديد الخطاب الديني، ومن أبرزها كانت دعوة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في عدة مناسبات، وفيما يلي محاولة لرصد اختراقات الفكر السلفي المتشدد للأزهر ومحاولة الهيمنة عليه. أكد علماء أزهريون أن فكرة السيطرة على الأزهر وترويضه لبث وترويج الأفكار المتطرفة مرفوضة، وأن الأزهر سيظل المرجعية الأولى والأساسية للمنهج الوسطي والصوت العالي للمسلمين في ربوع الأرض". على صعيد آخر يرى باحثون فى الشئون الإسلامية أن "أحد الأسباب الرئيسة التي تعوق الأزهر عن تجديد خطابه الديني، هو اختراقه من قِبل جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، وتقديسهم لأفكار البخاري وابن تيمية التي تدعو للعنف، وأن هذا الاختراق كان مخططا نفذ بشكل منظم ومنهجى عبر فترات زمنية طويلة وبأكثر من خمسين أستاذا تم ذرعهم بهيئة التدريس بجامعة الأزهر وبضعة آلاف من الطلاب اخترق السلفيون والإخوان جامعة الأزهر منذ ثمانينيات القرن الماضي، بهدف استقطاب أكبر عدد من الطلاب الأزهريين وضمهم لفكرهم وعقيدتهم من خلال تكوين العديد من الأسر الطلابية التي عملت علي تقديم الخدمات للطلاب المغتربين من توفير مسكن وبيع الكتب الجامعية لهم بسعر رمزي، ليزداد بذلك نفوذهم داخل الجامعة بعد انضمام العديد من الطلاب لتلك الأسر واعتناق أفكارهم. وبعد أربعة أعوام أمضاها السلفيين بخطى ناعمة صارت أكثر وضوحا عقب الثورة، حيث زاد تنامي المد السلفي داخل الأزهر، وقام الطلاب السلفيون بتأسيس أسرة النور والتوحيد وطالبوا بعزل شيخ الأزهر وتعيين محمد حسان ومحمد حسين يعقوب من شيوخهم بدلًا من الدكتور أحمد الطيب، كما حاولوا استعراض عضلاتهم أمام طلاب الإخوان خلال انتخابات الاتحادات الطلابية والتي استطاع فيها التيار السلفي إحراج الإخوان بحصد أغلبية المقاعد في كليتي الدراسات الإسلامية واللغة العربية. كما نجح التيار السلفي في اختراق قسم أصول الفقه بالجامعة عن طريق أسامة عبدالعظيم أستاذ أصول الفقه والمنتمي للتيار السلفي الدعوي الذي يرأسه الشيخ محمد عبدالفتاح أبو إدريس رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية. كما منحت وزارة الأوقاف مؤخرا تراخيص الخطابة للعشرات من السلفيين على رأسهم ياسر برهامى، ويونس مخيون ليكونوا خطباء فى مساجد الأوقاف، وهذا ما علق عليه الكثير من النشطاء السياسين بأنه صناعة لإرهاب وتطرف جديد تحت رعاية الدولة. وبنفس السياق قال الشيخ محمد عبدالله نصر، أحد أبناء الأزهر الشريف ومؤسس حركة "أزهريون مع الدولة المدنية"، إن 90% من شيوخ ودعاة الأزهر سلفيين وإخوان، مؤكدًا على أن تلك المؤسسة العريقة لم تعد كما كانت منبرًا للوسطية والاعتدال بعد أن اختلطت بالوهابيين والسلفيين، فأصبحت مؤسسة تتبنى الأفكار التي تدعو إلى قتل أهل الكتاب كافة، انطلاقا من حديث "أمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإن قالوها، عصموا مني دماءهم وأموالهم". وأضاف أنه توجد كتب في المناهج التعليمية التي تدرس في جامعة الأزهر منها مادة "التفسير الموضوعي" تحث على الفتنة وقتل الأقباط وحرق الكنائس والتمييز بين المرأة المسلمة والقبطية وقتل الحكومات الكافرة التي لا تطبق شرع الله وأيضًا كتب الفقه التي تعتبر الأقباط أهل ذمة، مشددا على أن كل هذه الأفكار لا تمت بصلة للأزهر ووسطيته بشيء بل هى من عباءة السلفية والوهابية التى نشأت وانتشرت من السعودية. وقال الدكتور خالد منتصر، الكاتب السياسي، إن ثورة التصحيح التي ينتظرها الرئيس السيسي في الأزهر لن تحدث أبدا، إذا ظل معتمدا على الأزهر وحده، ولم يقم بثورة داخل الأزهر أولًا. وأضاف أن الأزهر في حاجة لإزالة الفكر السلفي من أروقته وعقله، وتنقية المناهج التراثية التى ترسخ مفاهيم عدوانية وعنصرية عفا عليها الزمن، وإعادة فرزه على أساس المتن، لا السند فقط، وإخضاع كل ما يتعارض مع العلم ومع القرآن ومع المنطق إلى التمحيص والتنقية، متسائلا: "كيف يحمل الأزهر مشعل التنوير، ومواده الدراسية تحمل هذا التناقض مع العقل؟ وأكد الإعلامى إبراهيم عيسى أن الإخوان والسلفيين قد نجحوا في اختراق مؤسسة الأزهر، وأن مكتب شيخ الأزهر يجمع رموز الإخوان، موضحا أن مستشار شيخ الأزهر، وهو محمد عبد السلام، تمت ترقيته بالخلاف للقانون لهذا المنصب، بتوصية من الإخوان وقت حكمهم عقب ثورة يناير، بالإضافة لمحمد عمارة، رئيس تحرير مجلة الأزهر، وعباس شومان، وكيل الأزهر، وحسن الشافعي، مستشار شيخ الأزهر، كلهم إخوان". وانتقد عيسى الأزهر فى برنامجه 25/30 قائلًا: الإرهابيون في العالم من مجالبكم، فهم متوافقون مع تفكيركم العقيم، وتقديسكم لكتب دينية مثل البخاري، أكثر من القرآن، وأن الأزهر يدافع عن كتب البخاري أكثر من النبي محمد.