"قنبلة" وعد الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" بتفجيرها في خطابه على منصة الأممالمتحدة، وعلى الرغم من اختلاف الآراء حول أهميتها أو جدية تنفيذها أو ارتقاء تصريحات "أبو مازن" لتوصف بأنها "قنبلة" من الأساس، إلا أنها في النهاية أحدثت قلقا داخل أوساط الكيان الصهيوني وقياداته، ومأزق جديد للإدارة الأمريكية. خطاب عالي اللهجة أقدم عليه الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، وهجومًا لاذعًا شنه الرئيس على سياسة كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث أعلن أن السلطة "لا يمكنها الاستمرار في التزام الاتفاقات مع الكيان الإسرائيلي في ظل عدم التزامه تلك الاتفاقات وخرقها دائمًا"، وأوضح "عباس" أنه "ما دامت إسرائيل مصرة على عدم التزام الاتفاقيات وتحويلنا إلى سلطة شكلية من دون سلطات حقيقية، فإنها لا تترك لنا خيارًا سوى تأكيد أننا لن نكون الوحيدين الملتزمين الاتفاقيات الموقعة"، كذلك أشار الرئيس الفلسطيني في خطوة هي الأولي من نوعها بزمن محدد لتنفيذ تهديداته، قائلًا "سنبدأ تنفيذ هذا الإعلان بالطرق والوسائل السلمية والقانونية، فإما أن تكون السلطة ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل سلطة الاحتلال، مسئولياتها كافة". كشف مصدر سياسي فلسطيني كبير، أن وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري"، منع الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" من تحديد سقف زمني لتهديداته بحلّ السلطة وتحميل سلطات الاحتلال الاسرائيلي مسئولياتها كاملة في الضفة الغربية، وأضاف أن "كيري وخلال لقائه مع عباس في نيويورك قبل يومين استمر لمدة ساعتين في محاولاته لمنع "عباس" من التنصّل من الاتفاقات مع إسرائيل، وتحديد سقف زمني للتهديدات، وبالفعل نجح في شطب فقرة المهلة الزمنية حتى نهاية العام، ولكنه فشل في إقناع أبو مازن بعدم تجميد الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل". تصريحات "عباس" طرحت العديد من الأسئلة، لعل أهمها يكمن في مدى جدية تنفيذ تهديدات "عباس"، وهل يقصد "أبو مازن" حقًا إلغاء الاتفاقيات بما فيها "أوسلو" وهو ما يترتب عليه حل السلطة تلقائيًا وتنحي "عباس" عن الرئاسة، أم مجرد "عدم الالتزام ببنودها"؟ تصريحات "عباس" استهانت بها بعض الفصائل الفلسطينية على اعتبار أنه لطالما هدد مرارًا وتكرارًا بحل السلطة والاستقالة ووقف التنفيذ الأمني ولم يفعل أيًا من تهديداته هذه، حيث انتقدت حركة "حماس" خطاب "عباس" في الأممالمتحدة، ووصفت الحركة الخطاب بأنه "إنشائي وعاطفي"، قائلة إن الحكم عليه مرهون بمدى تنفيذه، مؤكدة أن "المرحلة الراهنة مصيرية ولم يعد من المجدي استمرار التعامل معها بخطابات رنانة أو الاكتفاء بخطوات شكلية ليس لها قيمة على الأرض". خطاب "عباس" في الأممالمتحدة لاقى ردود فعل إسرائيلية غاضبة وقاسية على الرغم من كونه مجرد تهديدات فقط حتى الأن، فلم يقبل القادة الإسرائيليون على اختلاف توجهاتهم مجرد التلويح والاعتراض من قبل "أبو مازن" على سياسات القمع والمجازر والتسويف التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية. جاء الرد الصهيوني سريعًا من قبل مكتب رئيس وزراء العدو "بنيامين نتنياهو" على الخطاب بوصفه ب"الكاذب ويشجع على التحريض والشغب في القدسالشرقية"، معتبراً أن هذا الخطاب بمثابة "كارثة في الشرق الأوسط"، وزعم "نتنياهو" أنه "على عكس الفلسطينيين، إسرائيل تحافظ بدقة على الوضع القائم في الحرم القدسي، وهي ملتزمة مواصلة الحفاظ عليه وفق الاتفاقات مع الأردن والأوقاف الإسلامية"، وأضاف البيان "ندعو السلطة ومن يقف على رأسها إلى التصرف بمسئولية والاستجابة لدعوة رئيس حكومة إسرائيل، وأن يجلس فوراً إلى طاولة المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة"، زاعمًا أن "عباس" لم يستجب لدعوات رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يشكل دليلاً جيداً على أن وجهته ليس اتفاق السلام. من جهته، وصف رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، عضو الكنيست، "أفيجدور ليبرمان"، خطاب "عباس"، بأنه "أجوف وينطوي على المزيد من التهديدات الفارغة من قبل المحرض والمنافق الكبير أبو مازن"، وأضاف "ليبرمان" أنه "مثلما كانت تهديداته السابقة بإلقاء قنبلة بخطابه فارغة وكاذبة، هكذا أيضاً أقواله ضد إسرائيل"، وتابع أنه "في كل فترة رئاسته للسلطة الفلسطينية كان أبو مازن ولا يزال محرضًا ضد إسرائيل واليهود، وكلما أخلى منصبه، الذي يتبوأه بصورة غير ديموقراطية وغير شرعية، مبكرًا فإنه حسنًا سيفعل". في ذات السياق رأى رئيس "البيت اليهودي" ووزير التربية والتعليم، "نفتالي بينيت"، أن "أبو مازن عاد إلى أيامه الجيدة كمن ينفي المحرقة، بخطاب يعيد فيه كتابة التاريخ من جديد، ويدعو إلى إطلاق سراح قتلة نساء ورجال وأولاد يهود"، وأضاف "بينيت" أنه "في الفترة التي تواجه فيها أوروبا موجة لاجئين، الشرق الأوسط يشتعل ويتفكك، وأبو مازن أيضًا سيرحل وسيتذكرونه كإرهابي آخر في سماء التاريخ، وحتى أنه ليس الأنجح بينهم"، فيما قال رئيس المعارضة "يتسحاق هرتسوغ"، "إن خطاب عباس زوّر الحقائق ويصبّ في مصلحة المتطرفين"، مضيفًا "أن عباس شأنه شأن نتانياهو يخشى الإقدام على اتخاذ القرارات الحاسمة". ارتبكت الإدارة الأمريكية من خطاب الرئيس "عباس" حين سمعته، وهو ما دفعها إلى التسريع بدفع عملية السلام بين الطرفين من جديد، حيث قالت اللجنه الرباعيه التي تضم "الولاياتالمتحدهوالأممالمتحده والاتحاد الاوروبي وروسيا"، إنها قررت إعطاء قوه دفع جديده لمحاوله إعاده إسرائيل والفلسطينيين لاستئناف محادثات السلام بمساعده دول عربية رئيسيه، حيث تسعى الرباعية إلى توسيع عملها عبر إشراك السعوديه والأردن ومصر والجامعه العربيه لضمان تمثيل أفضل للمنطقه. وأضافت مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى "فيدريكا موغيريني"، أنها تتفهم خطاب "عباس" باعتباره دعوه انذار إلى المجتمع الدولي لينخرط في عمليه السلام ويروج لها، وتابعت "قررنا العمل معًا علي خطوات ملموسه علي الأرض في غياب عمليه السلام في الشرق الأوسط وقررنا إعادة استثمار أنشطه الرباعيه".