تستعد سلسلة الفلسفة، الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، لطباعة ونشر كتب جديدة ضمن إصداراتها، ومنها "كتاب التصور الإسلامي للطبيعة (دور التأسيس)" تأليف الدكتور مصطفى لبيب، "جماليات الصورة (في السيميوطيقا والفينومينولوجيا)" تأليف الدكتور ماهر عبد المحسن، "فلسفة العلم عند هانز ريشنباخ"، تأليف الدكتور حسين علي. يعد كتاب «التصور الإسلامي للطبيعة» محاولة لتلمس معالم نظرة إسلامية متفردة إلى الطبيعة، كما تتجلى في أصول العقيدة، وتتبع مراحلها المبكرة عند بعض رموز من رواد الفكر الإسلامي في مرحلة التأسيس النضرة، قبل اكتمال عصر الترجمة وتأثر هذا الفكر بروافد أجنبية وافدة. وقد تأسست هذه النظرة الرشيدة على استلهام العقل الإسلامي لدلالات الوحي السامية والولاء للفطرة السلمية التي تنشد البداهة والوضوح. وتخلصت من كل دلالة سحرية يختلط فيها "المقدس" والمفارق بالطبيعي والمشهود، ومن كل نزعة تشبيهية تزاحم فيها سورة العاطفة نور العقل الخالص، فلا ترى فاصلًا بين الإنسان والطبيعة، كما تخلصت من كل أثر للاتجاهات العدمية التي ترى الواقع وهمًا لا حقيقة له. إن محور هذه النظرة عقيدة التنزيه الخالص، ووعي المسلم بأن الله واحد أحد، وما الطبيعة في ثباتها وعظمتها غير لحظة من لحظات الخلق الإلهي. أما كتاب «جماليات الصورة في السيموطيقا والفينومينولوجيا» فيؤكد أن الطبيعة الرمزية للصورة بأجناسها كافة، هي التي دفعت إلى القول بأن صورة واحدة تساوي ألف كلمة، فما تقوله رواية في صفحات عدة يمكن للصورة السينمائية أن تقوله في لقطة واحدة، اعتمادًا على طبيعتها الاختزالية الخاصة. وفي ظل هذه الطبيعة الخاصة للصورة كعلامة بصرية تنشأ الحاجة للتنظير البصري الذي يمكن أن يمد المشتغلين في مجال الفنون المرئية (مبدعون ونقاد)، بالأدوات الجمالية المناسبة التي تمكنهم من التعامل مع هذه الوسائط شديدة الخصوصية. وفي ضوء ذلك تطمح هذه الدراسة في وضع لبنة تسهم في سد جزء من هذه الفجوة المعرفية في الثقافة العربية بعامة، والجمالية على نحو خاص، وذلك بتقديم الصورة الفنية من خلال رؤية فلسفية منهجية مزدوجة. ما يؤكد الكتاب الثالث «فلسفة العلم عند هانز ريشنباخ»، أنه إذا كانت أقدام العلم قد ترسخت اليوم في الحضارة الغربية، فإننا لا نزال في عالمنا العربي أحوج ما نكون إلى روح التفكير العلمي، ففي الوقت الذي أفلح فيه الغرب في تكوين تراث علمي امتد في العصر الحديث طوال أكثر من أربعة قرون، وأصبح يمثل في حياة هذه المجتمعات اتجاهًا ثابتًا يستحيل العدول عنه أو الرجوع فيه، في هذا الوقت ذاته، تحتاج مجتمعاتنا العربية إلى الابتعاد أكثر ما يكون عن الخرافة والأسطورة، مع الأخذ بإعلاء قيمة العلم والتفكير العلمي. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتناول هذا التفكير العلمي عند واحد من أبرز فلاسفة العلم المعاصرين الذين دافعوا عن العلم بوصفه أفضل وسيلة لاكتساب المعرفة، ألا وهو الفيلسوف الألماني هانز ريشنباخ، الذي تميزت فلسفته بعلاقتها الوثيقة بالبحث العلمي والرياضي، ففي مقابل الفلسفة التقليدية التي تبدأ إما من العيان الخالص وإما من العقل المجرد، نجده يجعل نقطة انطلاقه صورة العالم كما ترسخها العلوم الطبيعية، وفضلًا عن ذلك فإن اهتمامه بالعلوم الرياضية والمنطقية أدى إلى اعتماد فلسفته على التحليل المنطقي للرياضيات والفيزياء على حد سواء.