لم تكن المرة الأولي التي تكشف فيها التحقيقات ووسائل الإعلام عن تورط قطر في تسخير العاملين الأجانب واستخدامهم بصورة شبيهة بالرق والعبودية في بناء المنشآت والمباني، استعدادًا لاستضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022، حيث كشفت العديد من التحقيقات خلال السنوات الثلاث الماضية تحايل الحكومة القطرية على منح الحقوق كاملة للعمال المهاجرين الذين يتعرضون لأسوأ استغلال فى الدوحة، حيث يعملون فى ظل ظروف غير إنسانية تعرض حياتهم للأخطار بينما تهمل الشركات المتعاقدة معهم تسديد مرتباتهم المتأخرة. إيقاف الصحفيين أوقفت السلطات القطرية فريقًا تابعًا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، لأكثر من 24 ساعة خلال قيامهم بتصوير مجموعة من العمال النيباليين للاطلاع على الأحوال المعيشية للعمال في مواقع البناء الخاصة باستضافة كأس العالم لكرة القدم للعام 2022. وهذه المرة الثانية خلال أسابيع التي تعتقل فيها السلطات القطرية صحفيين يعملون على تقارير حول الأحوال المعيشية للعمال المهاجرين، حيث احتجزت مراسل لمحطة ألمانية وزملاء له أثناء تصويرهم في منطقة بالدوحة يعيش فيها الكثير من العمال في مارس الماضي. وقال أحد المراسلين هناك وشاهد عيان على الواقعة، "الاعتقال كان دراميا، فجأة أحاطت بعربتنا ثماني سيارات بيضاء اللون ووجهتنا إلى طريق جانبي، فتشنا 12 رجل أمن في الطريق وصرخوا في وجهنا حين حاولنا الكلام، أخذوا معداتنا والأقراص الصلبة وذهبوا بنا إلى مقراتهم"، وتابع "في وقت لاحق، في مركز الشرطة الرئيسي في المدينة، استجوب عناصر الاستخبارات كلا منا بشكل منفصل، أنا والمصور والمترجم والسائق، وطريقة الاستجواب كانت عدائية". "الجارديان" تكشف استعباد العمال كشف تحقيق استقصائي لصحيفة "الجارديان" البريطانية في عام 2013 عن تورط قطر في تسخير العاملين الأجانب واستخدامهم بصورة شبيهة بالرق والعبودية في بناء المنشآت والمباني، استعدادًا لاستضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022، وأكد التقرير أن السفارة النيبالية في الدوحة تقدمت بوثيقة تثبت استغلال العمال النيباليين في إنشاءات البناء، مشيرة إلى أدلة على تعرض الآلاف من هؤلاء العمال لانتهاكات "تصل لمستوى العبودية"، وفقًا لما أكدته منظمة العمل الدولية، مما أدى لوفاة نحو 44 عاملًا على الأقل في الفترة بين 4 يونيو و4 أغسطس من هذا العام، بعد إصابة أكثر من نصفهم بأزمات قلبية، فيما فقد الباقون حياتهم في حوادث عمل نتيجة المهام الشاقة التي يتم تكليفهم بها. وأشار التقرير إلى أن "المسئولين عن مشروعات البناء والتجهيزات امتنعوا عن دفع رواتب وأجور العمال المستخدمين في السخرة لعدة شهور، لإجبارهم على العمل وضمانًا لعدم هروبهم خارج البلاد"، وأضاف التقرير أن الحرمان بلغ حد حجز أصحاب العمل جوازات سفر العمال ومتعلقاتهم الشخصية ورفضهم إصدار بطاقات هوية لهم، وبالتالي يصبح وضعهم غير قانوني، فضلًا عن منعهم من شرب المياه المجانية، مما دفع حوالي 30 عاملًا من نيبال إلى الفرار من هذه الظروف غير الإنسانية واللجوء إلى سفارتهم في الدوحة للتدخل وإنقاذهم من هذا الوضع. وأكدت شهادات بعض العاملين المتضررين أنهم يعملون طوال 24 ساعة، منها 12 بلا طعام، وهناك بعض الحالات تقضي الليل دون عشاء، وقد يبيت 12 شخصًا في حجرة نوم واحدة، مشيرًا إلى أن أحد العمال اعترض على هذه المعاملة وكان مصيره الطرد وحرمانه من الأجر واضطر إلى تسول الطعام من زملائه. وفي عام 2014 أوردت نفس الصحيفة تقريرا آخر يتضمن بعض إفادات لعمال ومنسقين كوريين شماليين، قالوا إنهم لم يتلقوا شخصيًا أي رواتب طوال فترة عملهم في تلك الدولة الخليجية والتي بلغت ثلاث سنوات، وأشارت إلى أن هؤلاء العمال كانوا يتوقعون تقاضي رواتبهم لدى عودتهم إلى كوريا الشمالية، ولكنهم لم يحصلوا إلا على قدر ضئيل يمثل نحو 10% من رواتبهم عندما يعودون إلى بلادهم، وأن البعض ربما لا يتلقي شيئًا. المنظمات الدولية تحذر الحديث عن العمل بالسخرة والاستعباد في هذه الدولة الخليجية الصغيرة أثار السخط والغضب في المجتمع والمنظمات الدولية، وهو ما جعل السلطات القطرية تتعهد بتحسين أمن العمل والسكن وشروط الرواتب للعمال الأجانب، لكن كل هذا بقي حبرا على ورق. اعتبرت منظمة العفو الدولية أن الإجراءات التي اتخذتها قطر للحد من التجاوزات ضد العمال الأجانب الذين يعملون في الورش المعدة لكاس العالم في كرة القدم عام 2022 "غير كافية"، وقال رئيس قسم اللاجئين والمهاجرين في المنظمة إن "عملا عاجلا أمر ضروري كي لا نصل إلى كاس عالم مبني على السخرة والاستغلال"، ودعا إلى اتخاذ اجراءات "ملموسة" مثل إلغاء نظام تأشيرة الخروج وفتح تحقيق مستقل حول أسباب وفاة العمال الأجانب. أدانت لجنة حماية الصحفيين الأمريكية اعتقال السلطات فى قطر فريق "بى بى سى"، ودعت اللجنة الحكومة القطرية إلى السماح للصحفيين المحليين والدوليين بأداء عملهم المهنى بحرية داخل البلاد، وقالت "إن هذه هى المرة الثانية التى تحتجز فيها السلطات القطرية صحفيين أجانب يقومون بتغطية الأحوال المعيشية للعمال المهاجرين واستجوابهم"، وأضاف "قطر تستطيع العمل على تحسين سُمعتها من خلال تنظيم زيارات للصحفيين، لكن عليها أن تقبل بأن وظيفة الصحفى ليست أن يقوم بدور موظف علاقات عامة"، ومن جانبه قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" التحقيق بشأن قيام السلطات القطرية بإحتجاز طاقم مراسلي إذاعة "بي بي سي".