أكثر من خمسين ألف ورشة ومصنعًا تعمل بصناعة الأثاث بدمياط مهددة بالإغلاق والإفلاس وتسريح عمالها؛ بسبب استمرار الارتفاع الجنوني في أسعار خامات التصنيع التي تتزايد بشكل مخيف دون أدنى رقابة من أي جهة في الدولة، مسببة أزمة حقيقية بسوق تصنيع الموبيليا، الصناعة الأكثر شهرة بين أبناء محافظة دمياط. حيث تتواصل زيادة الأسعار على الخامات التي تستورد كلها من خارج البلاد بالعملة الصعبة، حيث يقول مختار زايد، مستورد أخشاب: ارتفاع أسعار الخامات الخاصة بالموبيليا تضر بالمستورد والتاجر كما تضر بالمصنع والمستهلك؛ لأن المستورد يرفع الأسعار رغمًا عنه لعدم استقرار سعر الدولار أو وجوده بالأساس والبنك المركزي يحدد سعر صرف الدولار بثمانية جنيهات، لكن لا نستطيع الحصول عليه من البنوك، فنلجأ إلى السوق السوداء التي يستغل تجارها الأزمة أسوء استغلال، فيبلغ سعر الدولار تسعة جنيهات أو يتجاوز، فيؤثر ذلك بالتأكيد على أسعار الخامات، أيضًا ارتفاع أسعار النقل والجمارك كل هذه عوامل تؤدى إلى ارتفاع أسعار الخامات؛ لأن سعر الدولار حاكم في الموضوع، أضف إلى ذلك ما أشيع عن صدور قرار بعدم صرف الورقة فئة المائة دولار، ويؤكد زايد أن الأزمة الحقيقة التي يجب على الدولة حلها، أزمة توفير الدولار واستقرار سعر صرفه، فإذا توفر للمستورد الدولار بسعر معقول لن يرفع الأسعار؛ لأن مصلحته كمستورد قبل المصنع أن تستقر الأسعار. يقول خالد قنون، صاحب ورشة: في العام ونصف العام الماضية ارتفعت أسعار الخامات بطريقة جنونية بلغت أكثر من 40% من أصل الأسعار، وربما نتفاجأ بارتفاع قدرة 200 جنيه في الأسبوع، على سعر متر الأخشاب بمختلف أنواعه، مما كان له أكبر الأثر سلبيًّا على أصحاب الورش وعلى الصنعة بصفة عامة، فالكثير من أصحاب الورش فضلوا إغلاقها وتسريح العمال والعمل بأي مهنة بخلاف الموبيليا، ويقول: "أعرف أصحاب ورش فتحت محلات بقالة وحلويات، بعد ما كانت أصحاب ورش ولديها عدد من العمال دلوقت بيبيع حلويات للأطفال بربع جنيه ونص جنيه، وكتير من أصحاب الورش خفض إنتاجه، يعني اللى كان بيعمل عشرين غرفة النهارده بيعمل عشرة غرف أو ثماني غرف، وبالتالي استغنى عن كثير من العمال". ويضيف محمود إسماعيل، أيضًا صاحب ورشة نجارة: سمعة الأثاث الدمياطي في خطر حقيقي؛ لأن ارتفاع أسعار الخامات جعل الكثير من أصحاب الورش يستخدم الخامات الصيني، خاصة الأبلاكاش وهو أحد المكونات الأساسية بالغرف، وكذلك استخدام خامات رديئة؛ لرخص سعرها نسبيًّا، مما يلحق بالصنعة وسمعة الأثاث الدمياطي أضرارًا كبيرة، ويضيف: للأسف الغرفة التجارية بدمياط في وادٍ والصنعة وأصحاب الورش في وادٍ آخر؛ لأن المصنع الدمياطي لا يشعر بأي مجهود للغرفة تجاه هذه الأزمة التي تتفاقم يوميًّا، وليس لها أي حلول، مشيرًا إلى أن الأسبوع الأخير فقط شهد ارتفاع أسعار الخامات بطريقة مستفزة على حد تعبيره، إذ يقول: متر الخشب الزان الوسط يرتفع من 2400 جنيه إلى 2650 جنيه زيادة مرة واحدة وقس على ذلك كل الخامات، أبلاكاش وخشب بياض وسويد ومسمار وغراء وكل ما يستخدم في صناعة الموبيليا ولا يتحملها إلَّا صاحب الورشة، للأسف المهنة بدمياط معرضة للخطر". وقال خالد معروف، رئيس رابطة مصنعي الموبيليا: الغرفة التجارية ونقابات صناع الأثاث لا نسمع عنها إلَّا في المناسبات، ولا نعرف ما وجه الاستفادة منها، لاسيما وأن تصدير الأثاث الدمياطي تراجع بصورة كبيرة في الأوان الأخير، أيضًا تنظيم المعارض بالمحافظات الأخرى وعمل أسواق للموبيليا وبذل الجهد للترويج لها ليس موجودًا من الأساس، إذن ما دور الغرفة والنقابات التي يتصارع أصحابها على تجميع أعضاء؟ وطالب معروف بتفعيل دور الغرفة التجارية وشعبة صناعة الأثاث بها؛ لأنه يفترض أنها الجهة التي تدافع عن حقوق مصنعي الأثاث ويكون لها دور فاعل في ضبط إيقاع الأسعار بالنسبة للخامات، وأن يكون لها دور في تنظيم المعارض ورعايتها بمحافظات أخرى؛ لفتح أسواق جديدة للمنتج الدمياطي, أيضًا يكون لها دور رقابي على المنتج حتى يتسم بمواصفات ومقايسات تحافظ على سمعته التي اكتسبها على مدى عقود، قبل أن تنتهي هذه الصناعة التى تميزت بها دمياط منذ الأزل.